المجالس المحلية في المناطق “المحررة” …. غياب كامل للمرأة

المجالس المحلية في المناطق “المحررة” …. غياب كامل للمرأة

سمر مهنا ـ الحل

هي البديل عن الدولة المدنية الغائبة هكذا يعرّفها الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حيث تتبع المجالس المحلية في المناطق التابعة لسيطرة المعارضة أو التي ما زالت تحت سيطرة النظام إدارياً للإئتلاف، موكلاً إليها عدة مهام تتلخص أهمها في إدارة مناحي الحياة المدنية وتوزيع كافة المعونات التي تصل إلى المناطق سواء من أفراد جماعات أم دول، وتقديم الخدمات بحسب الحاجات المطلوبة في شتى المناطق، وتشكيل نواة البلديات المستقبلية، وبناء وتمتين اللحمة الوطنية في المجتمع.

وبالفعل كان لتلك المجلس خلال الفترة السابقة حضور واضح في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، في شتى المجالات، وكان للمجتمعات المحلية رأي فيها فمنهم من اتهمها بالتقصير ومنهم من حاول الإٍسهام في تفعيل دورها، ومنهم من رآها مؤسسات هزيلة في خضم السيطرة الأكبر للكتائب المسلحة.

 وأول ما يلفت الأنظار عند الاطلاع على قوائم أسماء أعضاء تلك المجالس التي تجدد تشكيلها في بعض المناطق خلال الشهر الماضي مثل حلب مديناً ومحافظةً هو غياب حضور المرأة فيها… هذا الغياب الذي يبدو انتقاصاً لدى البعض، بينما يرى آخرون أن له مبررات في ظل الفوضى واستمرار المواجهات العسكرية والاستهداف اليومي للمناطق التابعة للمعارضة.

مهام صعبة .. لا يمكن للنساء القيام بها..

رامي أحد أعضاء المجلس المحلي في مدينة جسرين في غوطة دمشق الشرقية يبرر انعدام حضور المرأة بالمجلس بأن مهامه “صعبة” حيث لا يمكن للمرأة القيام بها، قائلاً بأن حضور المرأة في منطقته قبل اندلاع الثورة السورية كان حضوراً بسيطاً جداً “فكيف بعد اندلاعها؟”.

يؤكد رامي على خلو المجلس المحلي في مدينته من النساء، بينما يشير إلى أن للمرأة دور هام على الصعيد المحلي خاصة في المجالين الطبي والتعليمي، إلا أن عملها في المجلس المحلي غير موجود نهائياً كون الأوضاع في المنطقة “عسكرية أكثر منها مدنية”، ومهام المجلس تتجلى في الإغاثة “الإغاثة والخدمات والمهمات العسكرية والمجال الشرعي والقيام بهذه الأمور صعب على المرأة “.

وفي داريا يتحدث مروان درويش وهو عضو سابق في المجلس المحلي عن أن دور النساء انعدم داخل المجس المحلي في داريا منذ أن شهدت حصاراً، مشيراً إلى “وجود نشاطات لنساء خارج المدينة ضمن المجلس وكلن ليس بشكل رسمي”.

داعش هي أساس المشكلة

في الرقة يختلف الوضع حيث رفضت النساء الاشتراك في المجلس المحلي للمدينة عند انتقال السلطة في المدينة من يد النظام إلى يد المعارضة، منذ أكثر حوالي عام حسب شهادة أحد عضو سابق في المجلس المحلي للمدينة.

ويلفت المصدر أن دخول تنظيم “داعش” الدولة الإٍسلامية في العراق والشام الإسلامية إلى الرقة، أدى إلى حل المجلس المحلي فيها وتشكيل مجلس جديد رفض فيه التنظيم ضم نساء له رغم أن هناك امرأة رشحت نفسها للمشاركة.

لا أحد يمكن أن يلغي دور المرأة

يطلب أحد أعضاء الإئتلاف الوطني السوري، وأحد قيادي المعارضة السورية في الخارج والذي فضل عدم الكشف عن اسمه من أعضاء المجالس المحلية في سورية “الإخلاص”، قائلاً بأن عدم حضور المرأة في المجالس المحلية “ليس بالأمر المهم”، وموضحاً أن المهم في الوقت الحالي هو أن يعمل القائمون على هذه المجالس بـ”إخلاص وأنو يكون ما يهمهم هو أمر الناس”.

وحول المظاهر التي تفرضها التنظيمات الإسلامية المتشددة على النساء في المناطق التي تسيطر عليها وتدخلها في إدارة المجالس المحلية، يبين العضو السابق، أن “الحقائق في النهاية هي التي تفرض نفسها، وكل فكر يعاكس فطرة الناس سوف يمتد لفترة ثم ينحسر، والمهم حاليا ألا ننافق سواء قبلنا بواقعنا أم حاولنا تغييره”.

ويرى القيادي أنه لا يمكن استبعاد المرأة أو تهميشها عن أي خريطة إدارية فإن “ثورة قاد ووجه ودعم جزءاً مهماً من مرحلتها السلمية النساء، لا يستطيع أحد أن يلغيهن”.

المرأة حاضرة في تجمعات ثورية أخرى

يؤكد عضو إدارة المجالس المحلية في الغوطة الشرقية‎ نزار الصمادي بأن المرأة غائبة بشكل شبه تام عن المجالس المحلية في الغوطة الشرقية بريف دمشق، مشيراً إلى أن الانتخابات الجديدة لتلك المجالس ستشهد حضوراً للمرأة فقد تم التأكيد على ضرورة ترشيح نساء لعضوية المجالس في المرحلة القادمة.

ويتحدث الصمادي عن حضور المرأة الواضح في أكثر التجمعات الثورية الأخرى مثل التجمع الوطني لقوى الثورة بالغوطة الشرقية، كما يلفت إلى أن نسبة تمثيل النساء بالتمريض والتعليم كبيرة جداً…و”لن يضر عدم تواجدها بالمجالس المحلية لأن هذه المجالس ستكون مؤقتة”.

ولفت الصمادي إلى أن الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد هي السبب، كما أن هناك رغبة لدى النساء أن يعملن في مجال التعليم والطبابة لأن هذا الأمر أسهل بكثير من العمل الميداني الخدمي.

موقف حقوقي

“غياب المرأة منطقي في هذه الظروف” هذا ما يراه المحامي أنور البني، فالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام لم تشهد يوماً هادئاً يمكن للناس فيه أن يفكروا بتفاصيل العمل الإداري، فلا يمكن برأيه في ظل القصف اليومي “القيام بعملية ديمقراطية هادئة”.

وبين البني أن لدى النساء رغبة واضحة بعدم خوض غمار العمل المسلح والاقتصار على النشاط المدني والإغاثي والطبي كما أن “سيطرة الظل الإسلامي على هذه المناطق على الأقل يعيق إن لم يكن يمنع مثل هذه المشاركة”.

المرأة جزء من التغيير

لم يغب دور المرأة عن الثورة السورية ككل، وهذا ما تؤكده مجمل المعطيات، وهاهي ابنة الرقة الناشطة سعاد نوفل تصر على الاستمرار في الإضراب عن الطعام رفضاً لممارسات النظام وتضامناً مع المناطق المحاصرة، وفي ظروف إضرابها تقول “لا بد أن يكون للمرأة دور وتمثيل في المجالس المحلية لأنها جزء مهم من حركة التغيير الحاصلة”، لافتة إلى أن “النظام السابق كان يعمل على تهميش دورها وجعلها تابعة فقط”.

وتبين نوفل أن المرأة أثبتت حضوراً في كل مفاصل الثورة السورية، فتجربتها صُقلت خلال الثورة، وأظهرت شجاعة عالية وقدرة على الصمود والأمثلة لنساء الثورة موجودة، ولو أنّها “قليلة بالعدد بالمقارنة مع الرجل لكنّها غنيّة وفاعلة”.

وتتفائل نوفل بالمستقبل فتقول “سنرى مؤسسات مدنية متكاملة تقودها نساء وستُنتج مجتمعاً سليماً وجيلاً يُقدّر المرأة أكثر من السابق”.

وتلفت ناشطة أخرى فضلت عدم ذكر اسمها، إلى أن المرأة مازالت تشارك بالثورة بقوة على الرغم من عدم وجودها في المجالس المحلية، والأمثلة حسب قولها حاضرة فرزان زيتونة وغيرها من الأسماء الشهيرة ما زلن في صلب الثورة، موضحة أن “نساء دوما حتى قبل أن تتحرر المنطقة خرجن وهن منقبات واعتصمنا بالساحة”، وهذا الأمر ينطبق على العديد من المناطق.

وترى الناشطة أن دور العديدات من النساء تراجع بعد أن تحررت مناطقهن وتحولت الثورة إلى مسلحة، حيث عدن إلى أدوارهن التقليدية وتوجهن إلى التعليم والطبابة وغيرها من الأمور، وهذا يؤكد برأيها على وجود “النزعة الذكورية في مجتمعنا لتسلم مناصب الأمور وجعل مكان المرأة في المنزل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.