بشّار يوسف

شاع خبر وفاة المعتقل أحمد المحمود في سجن حلب المركزي عن عمر 48 عاماً بعد إصابته بمرض السرطان في الكبد في الأيام الأخيرة من العام الماضي، ونُشر الخبر بشكل رسمي مطلع العام الحالي في عدد من المواقع الالكترونية.

وكان ناشطون قد وجهوا نداءات استغاثة للمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان للتدخل لإخراج أحمد من سجن حلب بعد دخوله في غيبوبة منتصف شهر كانون الأول المنصرم دون أن تفيد هذه المناشدات في إخراجه أو على الأقل معالجته.

وبعد أن توفي المحمود وصلت إلى بعض المنظمات الدولية رسالة منه كان قد كتبها في وقت سابق من عام 2013 دون تحديد لليوم أو الشهر، والرسالة عبارة عن مناجاة بين المحمود والله بعد سنين طويلة من الاعتقال مشيراً في نهايتها إلى أنه ما زال صابراً ومؤكداً في بدايتها أنه لا ينتظر شيئاً من المجتمع الدولي أو من منظمات حقوق الإنسان.

الرسالة

وفيما يلي نص الرسالة التي وصلت لبعض المنظمات دون أن تُنشر أبداً :

“استغاثة من سجن حلب المركزي ليس للمجتمع الدولي، ليس للأمم المتحدة، ليس لمنظمات حقوق الإنسان. بل لله.نداء  نداءنداء.. يا منقذ المستضعفين، يا عالم الأسرار في كنف السجون…

رباه إنّا صابرون وعلى الجراح المثخنات مكابرون، نتجرع الآلام من حمأٍ ونسقى الماء من غسلينِ، والقهر أُترع كأسه والصبر أصعب ما يكون، فبراثن الجلاد تنهش من حشانا ما تريدْ والجوع يرسمنا كآلهة مهشمة الخدودْ وكأنما أجسادنا أنصافها، حتى خشاش الأرض لا نقتاتُه تمنعنا عنه القيودْ، فالسجن مرّ والأمرّ جنوده، خشب مسندة على أعقابها ولهم قلوب لا ترق ولا تلين….

أواه من قيد يساور معصمي من ربع قرن بل يزيدْ، فإلى متى رباه تجرفنا الرياحْ؟

ومتى يشعشع في مرابعنا الصباحْ؟

ومتى تجف أحقاد الطغاة ويزول ليل الحاقدين؟

رباه إنا صابرون..

أحمد المحمود، حررت في 2013 سجن حلب المركزي.”

المحمود من مواليد مدينة حلب 1965، وقد تم اعتقاله أثناء تأديته للخدمة الإلزامية في لبنان خلال عام 1988 ليبقى منذ ذلك الحين في معتقلات النظام دون أن توجيه تهمة واضحة إليه أو تقديمه للمحاكمة، حيث تنقّل بين سجن تدمر وسجن صيدنايا ليتم نقله أخيراً إلى سجن حلب المركزي، وقد تم تسريب عدد من قصائده التي كتبها خلال هذه الفترة.

سجن حلب المركزي .. رواق الموت

الجدير بالذكر أن كتائب المعارضة تحاصر سجن حلب المركزي منذ بداية شهر نيسان من العام الفائت، حيث دارت اشتباكات عنيفة بينها وبين قوات النظام دون أن تتمكن من اقتحام السجن حتى الآن في الوقت الذي استطاع ناشطون توثيق مقتل ما يزيد عن 400 معتقلاً خلال هذه الفترة، بين قتيل تحت التعذيب أو بسبب نقص الرعاية الصحية وسوء التغذية والبرد الشديد، علماً أن السجن شهد عدة اعتصامات وحركات احتجاجية استطاعت قوات النظام فضها عن طريق القوة مثلما حصل منتصف شهر تموز الماضي عندما أقدم عناصر من قوات النظام بقتل 16 سجيناً نفّذوا عصياناً مسلحاً في الجناح السياسي من السجن حيث قاموا بالاستيلاء على بنادق من العناصر المحاصرة لهم وقتلوا 8 عناصر قبل أن تتم تصفيتهم.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها منظمة الهلال الأحمر العربي السوري في إدخال كميات من الوجبات الغذائية غير القابلة للحفظ للسجناء إلا أن معظم هذه الوجبات كانت تُصادر من قبل عناصر الأمن والشرطة المحاصرين داخل السجن.

كما تمكنت المنظمة من إخراج بعض السجناء عبر اتفاقيات مع إدارة السجن، إلا أن هذه الاتفاقيات سرعان ما كان يتم خرقها إما من طرف مقاتلي المعارضة الذين يحاولون السيطرة على السجن أو من قبل قوات النظام.

وتفيد المعلومات الواردة من داخل سجن حلب المركزي أن هناك أعداداً كبيرة من الجثث التي تم دفنها في باحة السجن، علماً أن السجن لا يزال يضم آلاف المعتقلين السياسيين والمدنيين، أي أن أحمد المحمود ليس المعتقل الأول الذي يقضي معظم حياته داخل معتقلات الأمن السوري ولن يكون آخر الذين سيموتون داخلها نتيجة لعجز المنظمات الحقوقية وصمت المجتمع الدولي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.