معتقل

دلير يوسف

“السوريون” المعتقلون لدى النظام “السوري”، من أبرز النقاط التي يتم الحديث عنها في كلّ اجتماع أو مبادرة تطرح لحل “الأزمة السوريّة”، كتلك التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات “جنيف1” وما زالت تناقش في لقاءات “جنيف2” المنعقد حالياً.

“لا يوجد إحصاء دقيق لأعداد المعتقلين لدى النظام السوري” يقول المحامي والناشط الحقوقي فائق حويجة، فالنظام السوري ما زال يعتقل الناشطين بنفس الوتيرة السابقة، والنسبة الأكثر من هؤلاء المعتقلين هم الناشطون السياسيون ذوو الطابع المدني وليس العسكري، أما المجموعات ذات الطابع العسكري وهي مجموعات قليلة جداً فهي تحاكم محاكمات ميدانية وعسكرية وتحول في الغالب إلى سجن صيدنايا، حسب قول حويجة..

لم تكن الصور التي سُرِبت مؤخراً هي أولى الفظائع التي يرتكبها النظام السوري في سجونه وأقبية مخابراته بحق المعتقلين، بل إنّ الممارسات المتبعة منذ بداية الثورة بقيت نفسها (فضلاً عمّا كان يحدث في أقبية المخابرات وفي سجون تدمر وصيدنايا والمزة منذ زمن حافظ الأسد)، من أجل ذلك تشكلت حملات دعم للمعتقلين كـ “بدنا ياهون بدنا الكل”، “حلاوة وزيتون”، “تجمع خيط النور”….الخ.

على الرغم من وجود العديد من حملات دعم المعتقلين تقول “مزنة دريد” -عضو في تجمع خيط النور- إنّ نظام الاستبداد “لا ينفع معه أي طريقة أو وسيلة”، وإنّ حملات التضامن لا تشكل أية عملية ضغط عليه بل على العكس أحياناً من الممكن أن تكون مورد أخبار له، حيث أنّ أصدقاء المعتقل يذهبون لنشر ومدح المعتقل على صفحته ويكون ذلك بمثابة مورد للمعلومات يستعمله النظام متى أراد.

“ولكن من المؤكد أنّه طالما تمّ اتباع التعليمات العامة فسوف تكون الصفحة لها أهمية توثيقية لاسم المعتقل وصورته وتاريخ اعتقاله ولها أهمية لتمكينها من تسهيل التواصل مع المعتقلين الذين تمّ إطلاق سراحهم مؤخراً؛ لطمأنة أهالي المعتقلين الآخرين عن الفرع وعن حالة المعتقلين”، وتضيف مزنة دريد “فضلاً عن الدعم النفسي لأهل المعتقل حيث أن الصفحة دائماً ما تعطيهم أملاً بأنّ معتقلهم لا يزال في البال ولا يزال يُذكر وهناك من يدافع عنه ويطالب به”.

حيثيات المطالبة بالمعتقلين

مجموعة من المحامين والناشطين الحقوقين يسعون جاهدين إلى متابعة أمور المعتقلين والاهتمام بقضاياهم بإصرار كما عبّر المحامي فائق حويجة، لكنهم لا يستطيعون فعل شيء للمعتقل إلى أن يتحول إلى المحاكمة، فعملهم كما عبّر حويجة هو “أداء واجب”… وعن  قلة النتائج الظاهرة لعمل مجموعة المحامين يقول حويجة: “عملنا لم يكن كبيراً لعدد من الظروف، منها طبيعة المحكمة وإضبارة المعتقل المُحملة له وغيرها.. لا نستطيع فعل شيء وخاصة إن نُقل المعتقل إلى محكمة الإرهاب في هذه الحالة يكون دورنا إجرائي فقط وليس قانونياً أو حقوقياً”.

الإجراءات المتبعة عند اعتقال أحد الأشخاص تعتمد على جهة الاعتقال، حسب “أسعد العشي” -عضو لجان التنسيق المحلية- فإن اعتقل من قبل أي جهة مخابراتيّة، فإنّ مدة اعتقاله تتراوح بين ثلاثين إلى خمسة وسبعين يوماً يُحال بعدها إلى القضاء، في أغلب الأحوال إلى محكمة الإرهاب. أما إذا تمّ الاعتقال من قبل الأمن الجنائي فإنّ المعتقل يحتجز لمدة ستين يوماً على ذمة التحقيق يحال بعدها إلى القضاء العسكري أو المدني، وخلال مدة الاعتقال يعتبر المعتقل مُغيباً قسرياً إذا أن فرع الأمن لا يخبر أهل المعتقل إلا في حالة الوفاة تحت التعذيب لاستلام الجثة… هذا هو القانون العام لكن يوجد دائماً حالات أخرى إذ إنّ النظام السوري لا يعتمد على قانون محدد لكلّ شيء، بل لكلّ معتقل حالة خاصة كل ذلك حسب تعبير العشي.

اختلفت أسباب عدم الاهتمام بموضوع المعتقلين في الآونة الأخيرة وزادت حالات الاهتمام بمعتقلي داعش وعن ذلك يقول “أسعد العشي”: “لأنّ أخبار الحرب أكثر إثارة والإعلام عادة يبحث عن الإثارة والإثارة فقط لزيادة عدد جمهوره ولأنّ حدث الاعتقال أصبحَ من يوميات المواطن السوري العادية” وتضيف “مزنة دريد”: “إنّ بريق الحَمِيّة إذا أردنا تسميتها بذلك أو الاهتمام والحماس قد تراجع بعد دخولنا السنة الثالثة، وبعد أن أصبحت كل عائلة تملك معتقلاً ولاجئاً أو نازحاً، أي بمعنى آخر أصبحت العائلات السورية مستنزفة, أما من ناحية عمل وتوثيق الجهات المهتمة بالمعتقلين وعائلاتهم فما زالت جارية على الوتيرة نفسها، وعلى العكس تماماً يوماً بعد يوم يزاد عمق معرفة أهمية التوثيق والدفاع عن المعتقلين والمطالبة بحقوقهم سواءً على مستوى ذوي المعتقلين أو على مستوى المجموعات الناشطة في مجال معتقلي الرأي، ويوماً بعد يوم يزداد العمل بشكل مؤسساتي، ولعل عمليات تبادل أسرى تضخ الكثير من الاهتمام بين كل الأطراف لقضية المعتقلين وضرورتها الملّحة ويعود الجميع لتدوين وتوثيق الأرقام والأسماء لإدخالها في عملية التبادل”.

الاعتقال ليس مجرد سجن، بل هو مشروع موت يومي (كما ظهر لنا في الصور المسرّبة)، ظروف الاعتقال غير قابلة للتصور كما تظهر جميع التقارير وهي ظروف أكثر من “غير إنسانيّة”، الاعتقال لدى النظام السوري هو مشروع قتل، وقضية الاعتقال هي قضية لا يمكن تناسيها أو المتاجرة بها على الإطلاق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.