face

ميشيل بزي ـ مجلة “الأتلانتك” 4 شباط 2014 ـ ترجمة “الحل”

كانت مواقع التواصل الاجتماعي واحدةً من أوائل المنابر للناشطين السوريين اللاعنفيين، والآن يجدون أنفسهم مطرودين خارجها…

منحنياً على فنجان قهوة في أحد مقاهي ستارباكس وسط مانهاتن، يصف عمّار حميدو كيف بدأت الثورة السورية تخرج عن السيطرة تدريجياً أمام عينيه.. حميدو الذي غادر البلاد العام الماضي ويعمل الآن في نيويورك كمطوّر برمجيات، كان من بين أوائل الناس الّذين نزلوا إلى الشوارع في بلدته كفرنبل الواقعة في الشمال الغربي للبلاد في أوائل العام 2011. ولكن، ومع قيام النظام بقصف بلدته جواً ومن ثمَّ قصف النظام جواً للبلدة ومن ثمّ غزو المقاتلين المرتبطين للقاعدة لها مع الوقت وقيامهم باختطاف ناشطي المجتمع المدني من أمثاله، لم يجد ابن التاسعة وعشرين عاماً أمامه سوى تدبر أمر الحصول على تأشيرة سفرٍ إلى الولايات المتحدة الأمريكية والهرب إليها.

كلٌّ من عائلته وحبيبته أيضاً بقوا في سوريا، ولكنّه يقول أنّ لا دور له هناك بعد اليوم.

“بدأت الثورة مع النشطاء السلميين، لم تكن لدينا نيّة بحمل بندقية ومحاربة أيٍ كان. كلّ ما طلبناه كان الحرية وحدها، فكيف وصلنا إلى هنا؟” يتساءل حميدو.

“حضور الناشطين ينحسر شيئاً فشيئاً، ثورتي قد سُرقت، وكلّ أولئك الشهداء، كلّ هذا الدم قد ذهب من أجل لاشيء. ستكون كلّ التضحيات بلا فائدة.”.. في هذه الأيّام، يأخذ هذا الناشط مكانه على جهاز الكمبيوتر الخاص به، كما كان الحال قبل اندلاع الثورة.

مثل مدنٍ كثيرة في سوريا، كان لكفرنبل لجنة تنسيق محلية وصفحة لمركزها الإعلامي على موقع فايس بوك، وقد دأبت كلتاهماعلى نشر أنباء الثورة، توثيق الوفيات ونشر توصيات الأمان لأهل البلدة. في بلاد يمنع فيها الصحفيون الأجانب والسوريون المستقلين من مزاولة عملهم، ويمّثل الحديث العلني عن الثورة خطراً حقيقياً بسبب انتشار شبكة المخبرين الذين يعملون لصالح النظام، كان موقع فايس بوك من أوائل المنابر التي أتيحت أمام معارضي نظام الأسد، ولكنّه قد أصبح آخرها اليوم.

بالقرارات الحالية التي اتخذتها الشبكة الاجتماعية بإغلاق العشرات من صفحات المعارضة، متضمنةً مركز أخبار كفرنبل التي كان حميدو من مشرفيها في مغتربه، تعرّض الناشطون السلميون لضربةٍ قاسية، إذ كانوا مع الوقت قد اعتمدوا بشكلٍ كبير على موقع فايس بوك بوك من أجل أهدافٍ كالتواصل ونشر التقارير غير الخاضعة للرقابة –سواء كانت منشورات أو صوراً دامية – والتي توّثق الأعمال الوحشية في الحرب. إنّه فقط أحدث فصول حروب الفايس بوك السورية الموّثقة كلياً، ولكنّه ينذر بكونه الأخير بالنسبة للأصوات غير العنفية والتي كانت هي من أطلق الشرارة الأولى للثورة في المقام الأوّل لإنهاء 40 عاماً من الحكم الظالم لعائلة الأسد.

مؤسسة سيكديهSecdy))، وهي منظمة كندية غير حكومية تدير عدة مبادرات بهدف التداول الرقمي الآمن للمعلومات في سوريا– نشرت وسائل التحايل على الرقابة الحكومية مثل تفاصيل الخدمة النائبة(البروكسي)، والشبكة الافتراضية الخاصة(VPN)، والتحذير بشأن برامج الاختراق للمؤيدين لنظام الأسد – تمكنت من جمع لائحةٍ تضمنت العشرات من الصفحات المصنّفة ضمن تبويب صحافة المواطن المستقلة المعارضة أو صفحات المنظمات غير الحكومية غير المنحازة والتي تم إغلاقها بسبب التبليغ عنها منذ الخريف الماضي، لنشرها ما اعتبره موقع فايس بوك صوراً غير ملائمة أو مشجّعة على العنف. هذه الصفحات غالبا تعود لتظهر تحت روابط لعناوين(URL) مختلفة مع جزء من متابعيها السابقين، وفي بعض الأحيان يحالفها الحظ لتستمر على العمل بالوتيرة نفسها التي اعتادت عليها من قبل.

اللقطات المأخوذة عن الشاشة، والتي التقطتها سيكديهSecdey)) أو أرسلت إليها من قبل المشرفين على الصفحات، تظهر بعضاً من نتائج قرارات إدارة فايس بوك المتخبطّة تلك. مثال على ذلك الصفحة الخاصة بتنسيقية درعا المحطة، والتي توثق العنف في سوريا جنوبي مدينة درعا والتي كانت قد حصدت42,000  إعجاب (Like) عندما أزيلت الصفحة في شهر تشرين الأول بعد نشر صورة  لشخص قُتل على يد جيش النظام في سوريا وفقاً للصفحة. تُظهر الصورة فادي بدر المقداد قبل أن يتوفى جالساً بارتياح في كرسيٍ بأذرع، مع طفل يجلس على حجره.

عنوان الصورة يقول باللغة العربية: “تم قتله على أيدي عصابات الغدر التشبيحية في بصرى الشام” تمت ترجمة الشبيحة على أنّها عصابات وهو مصطلح تحقيري يستخدمه كلا الطرفين في النزاع ليصفوا به أعداءهم، وهي الكلمة الوحيدة التي من المكن اعتبارها هجومية في المنشور.

المشرفون على الصفحة، والذين لم تكلل محاولاتهم بالنجاح لاستعادة الصفحة باتوا في حيرةٍ من أمرهم. لماذا هذه الصورة بالذات؟ وبعد ثلاثة أعوام من نشر صور للقتلى مع غيرها من المنشورات، لماذا الآن؟

يفسّر الناشطون عمليات إغلاق الصفحات هذه، بسياسة معايير المجتمع الخاصة بفايس بوك التي تحتمل عدّة تفسيرات ونظام التبليغات الخاص بها.

أي مستخدم يجد أنّ المنشور أو الصورة تخترق هذه المعايير للشبكة بإمكانه أن يتقدم بتبليغه لفريق عمليات المستخدمين التابع للشركة المختص باللغة العربية الواقع في دبلن، وللمسؤولين في الفريق الخيار في إزالة المحتوى وإنذار مشرفي الصفحة أو إغلاقها حتى، وأحياناً يتم ذلك دون إبداء أية ملاحظة حتّى.

يظن الناشطون أنّ أفراد المجموعات الموالية للرئيس السوري بشّار الأسد يتلاعبون بالنظام ليتمكنوا من التبليغ عن منافسيهم بفعالية.

موقع فايس بوك لا يقوم بالكشف عن معلوماتٍ تتضمن هوية من قام بالتبليغ، مما يجعل التأكد من هذه الافتراضات أمراً مستحيلاً. ولكنّ الجيش السوري الإلكتروني (SEA) معروف بهجماته الاختراقية لمواقع الأخبار الرئيسية – ومن بين هذه الهجمات اختراق صفحة البيت الأبيض وبثّ خبرٍ كاذب عن قنبلة موجودة فيه مما جعل مؤشر داو جونز ينخفض قرابة 140 نقطة بشكلٍ مؤقت – وقد سبق وأن تباهى علنياً بهذه الخطوة.

“سنستمر بهجوماتنا التبليغية” يقول منشور نموذجي من منشورات صفحة الجيش السوري الإلكتروني تم نشره في التاسع من شهر كانون الأول. “هدفنا القادم هو صفحة لجنة التنسيق المحلية لحي برزة، الصفحة الشريكة في إراقة الدم السوري والمؤججة للانقسام المذهبي”.وفق تعبير الصفحة.. تنشر الصفحة بعد ذلك رابطين لصور نشرتها صفحة برزة ومن الممكن أن تتسبب في إغلاقها. بعد قليلٍ من الوقت تزيل صفحة الجيش السوري الإلكتروني هذا المنشور وكأنّه لم يُنشر من قبل.

رغم أنّ الحملات التي يشنها الجيش السوري الإلكتروني لا تنجح دائماً – بحسب فايس بوك فإن نوعية التبليغات ستظل دائماً أهم من عددها– يقول الناشطون أنّ المخترقين الإلكترونيين الموالين للأسد قد أعلنوا مسؤوليتهم عن بعض الهجمات عالية المستوى بشكلٍ علني. من بين هذه الهجمات كان اختراق موقع الشبكة السورية لحقوق الإنسان والتي تتخذ من لندن مقراً لها، وهي منظمة غير حكومية تعمل على توثيق الخسائر وانتهاكات حقوق الإنسان في الحرب الأهلية. الشبكة السورية لحقوق الإنسان كانت تنشر بشكل دوري صوراً – من الشوارع المخضّبة بالدماء وحتى الجثث المشوّهة – منذ العام 2011، ولكن في تشرين الأول، قام موقع فايس بوك إثر ورود تبليغات بإيقاف هذه الصفحة عن العمل. مع إعلان الأمم المتحدة في شهر كانون الثاني نيتها عدم القيام بتعقّب عدد القتلى بشكلٍ يومي، مما يمنع القدرة على التحقق من المعلومات في الداخل، سيكون اعتماد العالم على منظمات غير حكومة مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان للحصول على هذه المعلومات والتحديثات من الداخل.

من دون تشغيل صفحة لها على موقع فايس بوك، سيتم الحد من انتشار هذه الشبكة بالتأكيد.

لجان التنسيق المحلية وصفحات المراكز الإعلامية كانت نموذجاً مثالياً لتطبيق سياسات فايس بوك تلك، كونها دأبت على نقل أحداث الحرب بكل تفاصيلها الدموية بشكلٍ علني. المحتوى البصري الذي تنشره الشبكة السورية لحقوق الإنسان، من الممكن بالفعل أن يثير استياء العديد من مستخدمي فايس بوك الذين يبلغ عددهم الآن أكثر من مليار مستخدم، وكلّهم قادرون على تصفح منشورات أية صفحة أو مجموعة علنية ومفتوحة للعموم، ولكنّ مالكي هذه الصفحات يصرّون على أنّ المحتوى الذي يقدمونه لم يُقصد به أية إساءة.

“كل ذلك هو مجرد مساهمة لإخبار الناس عمّا يحدث في سوريا” يقول بسام الأحمد، المتحدث الرسمي المقيم في اسطنبول لمركز توثيق الانتهاكات. منظمته وغيرها من الجهات المختصة بتعقب انتهاكات حقوق الإنسان تعمل على تجهيز ملفات تمكّنهم من إحضار مجرمي الحرب إلى العدالة في سوريا ما بعد الأسد.

“أنا ألوم فايس بوك 100% على عمليات الإغلاق هذه” يقول دلشاد عثمان، خبير أمن المعلومات والناشط التقني في إفادةٍ تلفونية من منزله في العاصمة واشنطن “لقد فتحوا الباب منذ البداية، سامحين لكل الناس باختيار فايس بوك من بين كل الشبكات الأخرى، ومن ثم يقومون بإغلاق صفحاتهم بعد ذلك، كأنّ فايس بوك كان فخاً تم نصبه لنا.”

ريتشارد آلان، مدير السياسات العامة لفايس بوك في كلٍ من أوروبا، الشرق الأوسط وأفريقيا اعترف بأنّ نظام تبليغات المجتمعية ليس مثالياً وأنّها قد تكون بوّابة لتسلل أخطاء محتملة بشأن انتهاك الصفحات. مضيفاً أنّ فريقه يتعامل مع صراع لا مثيل له.

“بما يخص سوريا، نواجه مواقف تجعل تنفيذ القوانين على الوجه الصحيح صعباً للغاية.” يقول آلان.

“الأمر الطريف” يقول عثمان “أنّ فايس بوك لطالما تباهى بكونه جزءاً من الربيع العربي.”

في رسالةٍ إلى المستثمرين المحتملين عندما قام فايس بوك بنشر اكتتابه العام في شهر شباط الماضي، أشار المؤسس والمدير التنفيذي مارك زوكربرج إلى دور شبكته الاجتماعية في هزّ الأنظمة الاستبدادية مثل النظام الموجود في سوريا. “بإعطاء الناس القوة للنشر، بدأنا نرى أولئك الناس وهم يُسمعون صوتهم أكثر مما كان متاحاً لهم في أية مرحلةٍ سابقة تاريخياً. هذه الأصوات سوف تتضاعف بعددها وحجمها بعد، ولا يمكن أن يتم تجاهلها”… إلا بالطبع، إن تم حذفها من قبل موقع فايس بوك نفسه! بينما رفض آلان التعليق على حالات فردية، قالت الشركة إنّ شيئاً لم يتغير في سياساتها بالنسبة للصراع السوري. قال آلان بالمقابل إنّ سنواتٍ من خرق المحتوى قد تم حصرها الآن منذ العام 2011. بكلماتٍ أخرى، كان الأمر مسألة وقتٍ لا أكثر حتى يتم تنفيذ هذه القرارات.

“تصل بعض الصفحات إلى نقطةٍ تكون فيها قد تجاوزت القواعد لمرات عديدة وعندها يكون الخيار الوحيد المتاح أمامنا هو إغلاقها.” يقول آلان في إفادة تلفونية من لندن “لا نحب أن نتخذ هذا العقوبة على الفور، وهي ليست أولى خياراتنا، ولكن إذا قامت صفحة بشكلٍ متكرر باختراقات متكررة، عندها ستكون قد تجاوزت هذه العتبة.” يضيف “على كل قرارات فايس بوك هذه مبنية على جودة ونوعية المحتوى، لا الكم من التبليغات. تبليغ واحد عن مضمون سيء، وسوف يتم إغلاقه. آلاف التبليغات عن مضمون جيد، ولن يتم إغلاقه”.

هذه ليست إجابة مرضية لناشطين مثل رزان زيتونة، واحدةٌ من مؤسيي نظام لجان التنسيق المحلية وكذلك مركز توثيق الانتهاكات. في وقت سابق من شهر كانون الأول وفقاً لسيك ديه (SecDey)، فإنّ محامية حقوق الإنسان المعروفة سجلت رسالة مناشدة لمسؤولي السياسات العامة في فايس بوك ليضعوا في حسبانهم أنّ مجموعات حقوق الإنسان مثل الذي تديره ليس له مكانٌ آخر ليذهب إليه.

“استثناء كان يجب أن يعطى لأولئك الذين يبحثون فقط عن توثيق الصراع” وفق تعبيرها.

“صفحات الفايس بوك هي المنفذ الوحيد الذي يسمح للسوريين وللنشطاء الإعلاميين بنقل الأحداث والأعمال الوحشية في سوريا إلى العالم”، كتبت في رسالتها، التي تم نشرها من قبل منظمة سيك ديه (SecDey). “نحن نناشدكم بقوة ألا تسهلوا على النظام السوري إنهاء نداءات الحرية والكرامة”.

لم تتلق زيتونة أي رد على رسالتها. في التاسع من شهر كانون الأول، قام خمسة رجال باقتحام مكتب منظمتها في ضاحية دوما وقاموا باختطافها، مع زوجها واثنين من زملائها. كما قال المتحدث باسم مركز توثيق الانتهاكات الأحمد. مكان تواجدهم وهوية خاطفيهم ماتزال مجهولة ولكنّ معظم الظنون بشأن الاختطاف تذهب إلى أنّه من عمل مجموعة إسلامية متمردة، جيش الإسلام والذي يعتبر ناشطاً في المنطقة التي تعتبر محرّرة من سيطرة الأسد منذ عدة أشهر.

قال الأحمد أنّ زيتونة قد تلقت رسائل تهديد من مجموعة إسلامية قبل وقتٍ قصير من الاختطاف، ولكنّه رفض أنّ يسمي المجموعة دون دليل واضح.

اختطاف زيتونة، وكون منفذيه وفق الشكوك هم مقاتلون مناهضون للأسد، تضعنا أمام الحقيقة الكئيبة التي يواجهها الناشطون اللاعنفيون، والذين نزلوا إلى الشوارع بشجاعة في المظاهرات قبل ثلاثة أعوام و130,000شخص لم يكونوا قد أصبحوا من عداد الأموات بعد. مع عدم تقديم الأسد أية إشارة تشي بنيته في الرحيل، ووجود المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين يتدفقون نافذين من الحدود السورية، يقول المتظاهرون السلميون أنّهم لم يعودوا يميزوا الانتفاضة التي كانوا في صفوفها الأولى.

“إنّه ليس سراً أنّ دور الناشطين في سوريا ينحسر أكثر فأكثر” تقول ليلى صفدي محررة مجلة الأخبار المعارضة الإلكترونية “طلعنا عالحرية” من منزلها في مرتفعات الجولان في سوريا. هذا يعني أنّ فايس بوك مهم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى. كما تقول صفدي.

تشعر صفدي أنّ فايس بوك لا يوفر إشارات كافية لمشرفي الصفحات لحفظ المحتوى المهدد بالحذف قبل إغلاق صفحاتهم. سرعة الإنترنت بطيئة في سوريا ولا يمكن الاعتماد عليها، والصفحات التي كانت تعمل لسنوات قد تمكنت من جمع كم هائل من المعلومات التي ليس من السهل البحث عنها في الوقت اللازم استجابةً للإنذار.

إضافة إلى ذلك، المشرفون على الصفحات يحتجون على أنّ موقع فايس بوك لا يتّبع دائماً تعهداته بتحذيرهم قبل إغلاق صفحاتهم.

الناشطون في لجنة التنسيق المحلية في طرطوس مثلاً، يقولون أنّهم لم يتلقوا تحذيراً قبل أن يتم حذف صفحتهم ليلاً. آخرون مثل حميدو، يقولون أنّهم اختبروا حالاتٍ مشابهة.

المحللون في سيكديه (SecDey) يتعاطفون مع آلان وفريقه المختص بالسياسة العامة. “إنّها أرضٌ مجهولة” يقول جوشوا جيلمور، الذي يعمل على الملف السوري. “لديك للمرة الأولى، صراع موّثق بالكامل على مواقع التواصل الاجتماعية. فايس بوك يضبط بشكل أساسي بلداً مترامي الأطراف ويحاول فعل ذلك دون الدخول في ما يحدث فعلاً. حتى بالنسبة إلينا، فنحن نتعامل مع صراعٍ على أساس آني، هناك الكثير من المؤثرين في الأحداث يظهرون فجأة، وقد يكون من الصعب إصدار حكم بناءاً على ما يجري الآن”.

المعايير المجتمعية الخاصة بفايس بوك مصممة بالأساس لردع التنمير الإلكتروني وخطاب الكراهية. ولكن في حربٍ أهلية عندما يكون التنمير مؤثراً على مجريات المعركة ومستقبل البلد، فإنّ الشبكة الاجتماعية تدخل أرضاً مجهولة.

لديك معايير مجتمعية من المفترض أن تطبق في كل مكان، ولكنّها وضعت في ظرفٍ لا يشابه بأي شكل ما يحدث في سوريا اليوم، عندما أصبح فايس بوك مصدر معلومات رئيسي في الحرب” أضاف ديردر كولينجز المدير التنفيذي لسيكديه (SecDey). “هناك كل أنواع الاعتداءات المختلفة التي لم يتمكن فايس بوك من توقعها أثناء تطوير هذه المعايير”.

مع ذلك، اعترف آلان أنّ تطوراً حالياً قد دفع للاحتراس من قبل طرف فايس بوك: نشوء وازدياد قوة الفصائل المرتبطة بالقاعدة في سوريا. رغم أنّ صفحات الناشطين موضع تطبيق القرارات – مع كثيرٍ من صفحات المعارضة السورية– ليس لها أية علاقة بالدولة الإسلامية في العراق والشام، ولكنّ الحضور الواضح للمقاتلين المتطرفين إلى جانب الفصائل المتمردة المعتدلة في النزاع للإطاحة بالأسد كان أشبه بكارثة علاقات عامة للمعارضة السورية.

” يعني ذلك أنّ من الوراد أكثر أن تجد تنظيمات مروّعة مناصرين لها، والقاعدة هي المثال الكلاسيكي لذلك” على الفايس بوك، يقول آلان “الصور الرمزية التي تشجع دعم هذا التنظيم ستكون اختراقاً واضحاً. نحن دائماً حذرون بشأن هذه الاحتمالات عندما يتمّ التلبيغ عنها إلينا”.

“التبليغ لهدف ما” على الصراع السوري على صفحة من صفحات لجان التنسيق المحلية، يشرح آلان، هو مقبول. “في مقابل ذلك، الدعوات بالعنف من قبل منظمة إرهابية مجهولة لن تكون مقبولة أبداً. في الحالة السورية، هناك الكثير من الأشياء ما بينهما”.

ولكنّ هذه المنطقة الرمادية غير موّضحة في معايير فايس بوك المجتمعية. كل ذلك قد يبدو مثل تفاصيل قليلة الأهمية بالنسبة لغير المعنيين بالشأن السوري، ولكن بالنسبة للسوريين فإنّها شأن ثوري لأبعد الحدود”.

“كما يقول السوريون، الصوت للبنادق والقتل فقط، ليس ثمة مكان للأصوات السلمية في سوريا اليوم.” يقول الأحمد. تم بالأصل إغراقها بالرصاص والقنابل، المعارضون غير العنفيون مثل الأحمد وحميدو – بالرغم من وجودهم خارج البلاد في مناطق مثل اسطنبول ومانهاتن – معرضون لخطر التهميش.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.