الأزمة السورية: كُنتُ تقريباً مجاهداً أمريكياً وأفهم لماذا ينضم الشباب لتنظيم داعش – رَبينا على حب العنف.

الأزمة السورية: كُنتُ تقريباً مجاهداً أمريكياً وأفهم لماذا ينضم الشباب لتنظيم داعش – رَبينا على حب العنف.

لائحة سوداء

ميشيل محمد نايت, Independent , 4 أيلول 2014.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

أصدرت الدولة الإسلامية للتو تسجيل فيديو جديد لقطع رأس بشكل شنيع تم مجدداً من قبل جهادي غربي المنشأ، وكما يحدث في كثيرٍ من الأحيان، تلقّيتُ رسائل تطلب التفسير.

كما ترون، أنا الجهادي الذي لن يعود ليصبح مجاهداً أبداً.

تركتُ مدرستي الثانوية الكاثوليكية في ريف نيويورك منذ عشرين عاماً، للدراسة في مدرسة شرعية سعودية التمويل في باكستان. تغيير ديني مختلف، حصلت على فرصة للعيش في مسجد ودراسة القرآن طوال اليوم.

كان ذلك خلال تصعيد المقاومة الشيشانية ضد الحكم الروسي في منتصف التسعينات، واعتدنا بعد انتهاء اليوم الدراسي أن نشغل التلفاز ونشاهد أشرطة فيديو تغذينا بصور من الدمار والمعاناة. كانت التسجيلات مزعجة للغاية، لدرجة أنني سرعان ما وجدت نفسي أفكر بالتخلي عن دراستي الدينية لأحمل بندقية وأكافح من أجل حرية الشيشان.

لم تكن آية قرأتُها خلال سلسلة دراستي لقُرآننا ما جعلتني أرغب بالقتال، إنما هي قيمي الأمريكية، ترعرعت في ريغان في الثمانينات، وتعلمت “الكفاح من أجل الحرية حيثما يوجد مشكلة” من كلمات أغنية فلم كرتون باسم G.I. Joe افترضت أنه لدى الأفراد الحق – والواجب – للتدخل بأي مكان على الكوكب حيث يلاحظ وجود تهديد للحرية والعدالة والمساواة.

بالنسبة لي، لم يمكن حصر رغبتي في الذهاب إلى الشيشان بالـ “العنف الإسلامي” أو ” الحقد على الغرب”، لكنني فكّرت بشأن الحرب من ناحية الشفقة، ربما من الصعب تصديق هذا. مثلي مثل كثير من الأمريكان الذين دفعهم حب بلدهم للخدمة في القوات المسلحة، وأنا كُنت متلهفاً لمحاربة الظلم، وحماية أمن وكرامة الآخرين.

اعتقدتُ أن العالم كان يعيش حالة سيئة، ووضعت ثقتي في الحلول السحرية بعض الشيء والتي تدّعي أنه يمكن إصلاح العالم عن طريق إحياء الإسلام الحقيقي، واتباع النظام الإسلامي الحقيقي في الحكومة. لكني أيضاً كُنتُ مؤمناً أن العمل من أجل العدالة كان أمراً أكثر قيمة من حياتي الخاصة.

قررتُ البقاء في إسلام أباد، في نهاية المطاف، والأشخاص الذين أقنعوني في النهاية بعدم القتال لم يكونوا من هؤلاء الّذين تدعمهم وسائل الإعلام كليبراليين مُصلحين ودودون مع الغرب. كانوا متحفظين جداً، حتى أن البعض كان يُطلق عليهم اسم “عديمو التسامح”. أُخبرتُ أن بإمكاني كسب الكثير من الحسنات إذا ما كنت عالماً، أكثر مما أكسبه كجندي، وأنني يجب أن أسعى لأكون أكثر من جسد يحارب في خندق، ذلك في نفس البيئة التعليمية التي علمتُ منها أيضاً أن أمي غير المسلمة ستُحرق في نار جهنم. ذكّرني هؤلاء التقليديون بحديثٍ للنبي محمد يوضح فيه أن حبر العلماء كان أقدس من دمّ الشهداء.

غالباً ما ترسم وسائل الإعلام خطاً واضحاً بين تصورنا لفئات المسلمين: “المسلمين الخيّرين” و”المسلمين الخطيرين”. إخواني في باكستان جعلوا هذا التقسيم أكثر تعقيداً مما يمكن تصوّره. كان يتحدث إليّ هؤلاء الأشخاص، الذين كنت أنظر إليهم على أنهم أبطال خارقون في التقوى، كالصوت الناطق باسم التقليد نفسه، قائلاً إن العنف لم يكن أفضل ما يمكنني تقديمه.

يبدو أن بعض الأطفال قد تلقّوا نصيحة مختلفة، في حالتي هذه.

من السهل افتراض أن المتدينين، وبخاصة المسلمين، يفعلون أشياء ببساطة فقط لأن دينهم أخبرهم بها. لكنني أعتبر أن الأمر متعلّق بعوامل أخرى أكثر من الدينية، ذلك عندما أفكر باندفاعي للهرب من مدرستي بعمر الـ 17 والقتال لصالح الثوار في الشيشان. إن السيناريو المرسوم في ذهني بشأن تحرير الشيشان وتحويلها لدولة إسلامية، كان خيالاً أمريكياً بحتاً مرتكزاً على النماذج والقيم الأمريكية.

كلما أسمع عن أمريكي يطير حول العالم ليرمي نفسه في صراعات من أجل الحرية في بلدان ليست بلده، أفكر أن يالهُ من أمرٍ أمريكي بحت يقوم به.

وتلك هي المشكلة. نحن نربى على حب العنف وننظر للغزو العسكري على أنه فعلٌ للخير. فالطفل الأمريكي الذي يريد التدخّل في حرب أهلية في دولةٍ أخرى يدين وجهة نظره العالمية كأمريكي استثنائي تماماً مثل التفسير الجهادي للكتاب المقدس.

لقد نشأت في بلدٍ يُمجّد التضحية العسكرية، ويشعر أن له الحق في إعادة بناء المجتمعات الأخرى. قبلتُ هذه القيم مسبقاً قبل التفكير بشأن الدين، قبل حتى أن أعرف ما هو المسلم، ناهيك عن المفاهيم مثل “الجهاد” أو “الدولة الإسلامية”. علّمتني حياتي الأمريكية تلك أن هذا ما يفعله الرجال الشجعان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.