حصص

سمر مهنا

أم وائل التي قدمت من حي بابا عمر إلى دمشق منذ أكثر من عام تضطر لبيع المعونات التي تقدمها لها الجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية من أجل دفع إيجار غرفة الفندق المتواضعة في ساحة المرجة والتي تكلفها 1000 ليرة سورية في اليوم.

تقول أم وائل في كل أول شهر أذهب إلى بائعي الدكاكين في جسر الثورة وأطلب منهم أن يشتروا مني المعونات، وبعض منهم لا يقبل خوفاً من المساءلة عن مصدر هذه المعونات، أما البعض الآخر فيقبل على مضض ليساعدوني فقط، حيث أنهم يبيعونها برخص مثل “ربطة المعكرونة” التي يبيعها صاحب المتجر بـ50 ليرة وهو عادة يبيعها بـ100 ليرة.

نبيع المساعدات لأسباب

هذه حال أم وحيد أيضا النازحة من داريا إلى دمشق، تقول “أولادي يبيعون الرز والبرغل الذي يأتينا من المنظمات على بسطات بأسعار أقل من أسعار السوق من أجل أن يشتروا بثمنها دواءً لي”، وهذا ما تفعله سناء أيضاً التي تبيع قسم من الإعانات المقدمة إليها لكي تستطيع شراء المنظفات، وذلك بعد أن تترك منها حاجة أسرتها من الطعام.

لكن ليست كل الإعانات الموجودة في الأسواق تباع من قبل العائلات المحتاجة، بحسب ماجدة التي تسكن مدينة دمشق، والتي تبين أنه كثيراً ما ترى أكياس الرز والبرغل المختومة بشعار “الأونروا” تباع على البسطات من قبل “شبيحة” النظام السوري.

وأشارت إلى أنها، في إحدى المرات رأت على “بسطة” أدوات مطبخ ضمن أكياس لـ”الأونروا” يبيعها أشخاص “مخبرين للنظام أو شبيحة لا يرتدون الزي العسكري لكن من لكنتهم نستطيع التعرف عليهم”.

وحول أنواع الجمعيات التي تقدم المساعدات للنازحين السوريين في الداخل، بين مقداد أن هناك جمعيات محلية تجمع تبرعاتها من الناس، وهناك جمعيات هدفها تلميع صورة النظام مثل جمعية اسمها “أسماء الأسد” وغالباً ما تأتي تبرعاتها ناقصة، متابعاً “على قولة الناس لو ما أخدو التسعين ما بيعطونا العشرة”.

وتقدم الجمعيات الخيرية المساعدات للنازحين أو المتضررين كل شهر وتكون معوناتها إما مالية أو عينية غذائية مثل “السمنة والسكر والبرغل والمعلبات وأحيانا الشعيرية والأرز”، بحسب مقداد، مشيراً إلى أن عائلة نازحة من داريا تحصل على الإعانات على الرغم من أحوالهم المادية الجيدة، لكنهم يسكنون عند أقاربهم.

 

ليسوا بحاجة

هذا أكثر ما يثير استياء أم مجد التي تسكن في جديدة عرطوز بريف دمشق، تقول “العديد من جيراني يحصلون على الإعانات على الرغم من أن أوضاعهم جيدة، كما أنهم يحصلون على المساعدات من جهات خيرية عدة”، متسائلة “ألا يعلمون أنهم يأخذونها عوضاً عن أشخاص هم بأمس الحاجة إليها”.

لكن أحمد وهو أحد العاملين في المجال الإغاثي في الداخل، بين أن الجمعيات الخيرية العاملة في الداخل أصبحت تضع ختماً على دفتر عائلة الشخص الذي استلم الإعانة لكي لا يأخذ أكثر من مرة ومن جمعيات مختلفة، مشيراً إلى وجود العديد من الأشخاص الذين يسجلون في جمعية وبعد فترة يسجلون في جمعيات أخرى.

إعانات مؤقتة

وحول الطريقة التي تتبعها الجمعيات الخيرية بتقديم المعونات، قال أحمد “هناك جمعيات إعاناتها مؤقتة أي تقدمها لكل أهل هالمنطقة من المحتاجين، وأي شخص يأتيها ويقول لها أنه بحاجة تعطيه، لكن إعاناتها تكون لمرة واحدة يقدمها أحد المتبرعين، وهناك جمعيات إعانتها منتظمة وبهذه الحالة تقوم بدراسة حالة الأشخاص الذين تقدم لهم المعوانات مثل جمعية الإحسان التي تقدم دعماً منتظماً للعائلات المعدومة”، مشيراً إلى ان “جمعية الرازي تقدم خدمات مجانية بالإضافة إلى المعونات، حيث أنها تتضمن عيادات طبية تقدم خدماتها بأجور رمزية جداً”.

وبين أحمد أن “كل منطقة تعمل فيها جمعيات خيرية يكون مقرها الجوامع، حيث يعمل أهل الحي بالتعاون معها ليدّلوا على أهل المنطقة الفقراء كما يحدث في الشاغور والميدان وكفرسوسة والقنوات، لأنهم يعلمون بالمحتاجين الموجودين في منطقتهم”.

وبالنسبة للمعونات المادية، قال أحمد “بعض الجمعيات تعطي مبالغ مادية للأشخاص المتأكدين من صعوبة وضعهم وبشكل شبه ثابت”، لافتاً إلى أن إحدى الجمعيات تعطي مبلغ 8000 ليرة سورية في الشهر وهو مبلغ رمزي لكنه يسد الحاجة ولا يجعل الناس تتكل على الجمعيات بشكل كامل دون عمل.

أما المساعدات العينية فهي “الحرامات والفرشات”، بحسب أحمد، الذي بين أنه من النادر أن تعطي جمعيات ملابس للعائلات النازحة وهذا ما يقوم به الأهالي الذين يجمعون الملابس التي لا يحتاجونها ويعطونها للفقراء، مشيراً إلى جمعية “حفظ النعمة” التي تقدم ملابساً للمحتاجين منذ فترة تسبق قبل اندلاع الثورة في سورية.

للحواجز حصة

زوج أم زين التي تسكن في منطقة “مزة جبل 86” وهو عسكري يحضر في كل شهر “أكياساً من الأرز والبرغل بالإضافة إلى اسطوانات الزيت”، يحصل عليها هو وأصدقائه خلال مرور شاحنات المساعدات على حاجزهم، وبينت أم زين أن هذه المساعدات من حق أي سوري راتبه لا يكفيه حتى آخر الشهر، فهو “فقير أيضاً وبحاجة إلى تلك المعونات”.

وهذا ما أكده أحد العاملين في منظمة إغاثية في مدينة دمشق فضل عدم ذكر اسمه أو اسم المنظمة، فقال أنه عند مرور شاحنات المساعدات التي تخرج من منظمتهم على حواجز الجيش النظام يأخذ عناصر الحاجز منها العديد من المواد، لكنه أضاف أنه حتى حواجز قوات المعارضة كانت تأخذ من هذه المساعدات لتصل إلى المدنيين قليلة جداً، ويختتم بسخرية “شيء أحسن من اللاشيء”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.