مدارس

لانا جبر

افتتحت المدارس أبوابها معلنة بدء العام الدراسي الجديد بمختلف المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام، في جو يسوده الخوف والتردد بين أهالي الطلاب بالنسبة لمدينة دمشق وريفها لاسيما مع تصاعد الأحداث الأمنية فيهما مؤخراً، فهناك من قرر إرسال أطفاله إلى المدرسة وتجاهل ما يجري، في حين أنّ آخرين اتخذوا قرارهم مسبقاً وقرروا إبقاء أولادهم في المنزل.

حيث فضلت السيد (س.ك) القاطنة في مدينة جرمانا عدم إرسال طفلتيها للمدرسة هذه الفترة بانتظار تطور الأحداث من حولها، لاسيما وأنَّ وتيرة المعارك الجارية في منطقة الدخانية المجاورة ترتفع يوماً بعد يوم، وهي لا تترك سكان جرمانا بحالهم حسب ما وصفت.

ولفتت أنَّ الخوف “يحيط بنا كباراً وصغاراً فكيف لنا أن نبعد أطفالنا عنا خلال اليوم” وقذائف الهاون “مجهولة المصدر تمطر جرمانا وما حولها يومياً وهي تحصد أرواح الكثيرين ممن لا ذنب لهم”.

وفي هذا الإطار بيّنت مدرّسة في إحدى مدارس حي الدويلعة القريب من الدخانية أيضاً، بأنَّ نسبة قليلة من التلاميذ التزمت ببدء الدوام الرسمي، مشيرة إلى أنهم ككادر تدريسي لم يتوقعوا غير ذلك.

وتابعت المدرّسة بأنَّ حدة المعارك المحيطة بالمنطقة ترتفع وتيرها، مما أدّى إلى نزوح قسم كبير من سكان الدويلعة لمنازلهم، حيث فضّلت تلك العائلات، إما السفر إلى قراها التي مازالت آمنة، أو اللجوء إلى أحياء أخرى في العاصمة بعيدة عن معارك الدخانية، وذلك خوفاً من أي طارئ أو دخول لجماعات متشدّدة إلى المنطقة.

أما بالنسبة لأهالي القصاع وباب توما والتي حصدت فيهما قذائف الهاون أرواح العديد من التلاميذ والمدرسين خلال العام الماضي، فهناك تخوف واضح بين الأهالي من الاستمرار باستهداف أطفالهم في صفوفهم الدراسية.

بدا التردد واضحاً على أبو فادي وهو أب لثلاثة أطفال أحدهم من المفترض أن يقدّم هذا العام امتحان شهادة التعليم الثانوي، حيث لم يخف بأنه خائف من إرسال أولاده للمدرسة خاصة مع تفاقم الأحداث الأمنية في العاصمة بشكل عام هذا من جانب، أما من جانب آخر، فتابع المصدر أنّ مدرسة أطفاله تعرّضت العام الماضي لقذائف هاون وهو ماترك أثراً نفسياً لديهم بعد أن فقدوا أصدقاءً لهم، وهو أيضاً ما زاد من تخوف الأهالي من تكرار هذا الاستهداف.

في حين أن (ر.د) ضاقت ذرعاً بوعود النظام حول تحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة، مشيرة إلى أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوماً فجبهات المعارك باتت متاخمة جداً لدمشق، بالإضافة إلى استمرار استهداف العاصمة بقذائف الهاون العشوائية حسب وصفها.

ورأت السيدة أن ذوي الطلاب عليهم اتخاذ “موقف واحد ضد ما يجري في دمشق وريفها القريب، فالدوام لابد أن يؤجل لحين وضع حد للأحداث الأمنية المتصاعدة”.

ولعل وضع نزار القاطن في حي الشعلان ليس بأفضل حسب تعبيره على اعتبار أن معظم القذائف التي تستهدف المنطقة، إنما تسقط في أماكن مجاورة لمدرسة دار السلام وهي مدرسة طفلته، لذلك وجد أن إبقاءها في المنزل هو الحل الأفضل هذه الفترة.

وأبو رائد رأى أن القذائف التي تستهدف المنازل وتودي بحياة قاطنيها لا تقل خطورة عن تلك التي تستهدف المدارس، وبالتالي فقد قرر إرسال ابنه هذه العام إلى المدرسة فهو لا يريد أن يحرمه من حقه في التعليم.

وعود النظام باقتراب الحسم العسكري

ومن جهته فإن النظام مازال يعد المواطنين بأن الأوضاع الأمنية في تحسن وأن المعارك الجارية على أبواب دمشق ماهي إلا لضرب مواقع تمركز المعارضة، حيث كشف مصدر عسكري لإحدى المواقع الإلكترونية الموالية للنظام، أن الهدف من العمليات العسكرية التي تشنّها وحدات الجيش السوري على معاقل وبؤر ما وصفه “بالمجموعات المسلحة” في إشارة إلى فصائل المعارضة في حي جوبر ووادي عين ترما، هو القضاء على أفراد تلك المجموعات.

وبيّن المصدر أنَّ ذلك يأتي أيضاً في إطار تدمير عدتهم لاسيما منصات إطلاق قذائف الهاون والصواريخ باتجاه أحياء ومناطق مدينة دمشق وبشكل خاص المدارس ورياض الأطفال، مشيراً إلى اقتراب موعد الحسم العسكري النهائي في تلك المناطق، وعلى أبعد تقدير قبل بداية العام الدراسي (2014 ـ 2015 ).

 

حوالي 14 قذيفة على دمشق ومحيطها يومياً

أما على الأرض فيوثق ناشطون معارضون في مدينة دمشق عدد قذائف الهاون التي تستهدف العاصمة وريفها، حيث تتراوح تلك القذائف ما بين الـ 14 إلى 22 قذيفة يومياً تستهدف عدة مناطق أبرزها مدينة جرمانا وأحياء الدويلعة والقصاع والشعلان، وهي أحياء تضم أعداداً كبيرة من المدارس.

ويأتي افتتاح المدارس في ظل اشتعال عدة جبهات في محيط دمشق أبرزها جبهة جوبر التي تشهد معارك بين قوات النظام والمعارضة تطال آثارها سكان أحياء العباسيين والتجارة والقصاع، بالإضافة إلى اشتعال جبهة الدخانية في ريف دمشق الشرقي والتي سيطرت خلالها فصائل المعارضة مؤخراً على منقطة الدخانية مما أثار الزعر بين أهالي المناطق المجاورة ونزوح قسم كبير منهم.

كما تزامن الدوام الرسمي مع إعلان الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام المعارض من خلال فيديو بث على الانترنيت، بدء المرحلة الثانية من صواريخ كاتيوشا حيث سيستهدف خلالها مناطق المالكي والمزة بالقذائف والصواريخ.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.