مخيم اليرموك

 

ليلى زين الدين

تسارعت وتيرة الاغتيالات السياسية في مخيم اليرموك خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث طالت المقاتلين والناشطين، وبين النظام وداعش تتسع دائرة الاتهام.

معظم المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة تشهد عمليات اغتيال سياسي، كما سبق وحدث في الغوطة الشرقية بريف دمشق حيث وقعت ثلاث حالات حسب ما وثق ناشطون، لكن في مخيم اليرموك تبدو الظاهرة أكبر وأوسع لا سيما إذا ما قارناها مع مساحة المنطقة وعدد سكانها.

تم حتى الآن توثيق سبع حالات اغتيال في المخيم، وبوتيرةٍ متسارعة، علاوةً عن محاولات الاغتيال التي تبوء بالفشل.

وعرف مخيم اليرموك الاغتيال السياسي بالتزامن مع دخول الجيش الحر إليه، حيث طالت هذه العمليات أتباع النظام ورجالاته، لكن دون أن يتبنّى أي فصيل مثل هذه العمليات، ليقول البعض إنها من فعل المؤسسات الأمنية، كمحاولة اغتيال الدكتورة العميد (منى الصايغي) مديرة مشفى فايز حلاوي الطبي التابع لجيش التحرير الفلسطيني وضرب سائقها، حيث تم الاعتداء عليها بطريقة وحشية إذ تمزقت ثيابها، وهو ما تبين لاحقاً أن الخابرات الجوية التابعى للنظام هي من قام بالعملية حسب ما أطلعنا الناشط المدني أبو المجد من المخيم.

ويضيف الناشط، أنه في تلك الفترة تسارعت وتيرة الاغتيالات والخطف، لكنها هدأت فيما بعد، وعاودت الظهور من جديد خلال الحصار، لتطال هذه المرة الناشطين والمقاتلين.

والقاسم المشترك بين هذه العمليات حسب مصدر عسكري فضل عدم ذكر اسمه أنها تتم عبر إطلاق عدة رصاصات من مسدس كاتم للصوت، ثم يلوذ الفاعلون بالفرار دون معرفة هوياتهم.

ويشير المصدر إلى عددٍ من عمليات الاغتيال، ومنها تلك التي طالت أحد أعضاء المجلس المحلي في المخيم وهو أبو العبد خليل الملقب بـ “أبو العبد شمدين” حيث قامت جماعة مسلحة بقتله بثلاث رصاصات من مسدس كاتم للصوت في شارع صفد.

كما قامت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية باغتيال شابين هما “أحمد السهلي” وذلك بعد خروجه من صلاة العشاء، في حي العروبة، و شاب ملقب بـ “أبو عدي”.

وبالطريقة ذاتها تم اغتيال عضو تجمع أبناء اليرموك “بهاء صقر”، والملفت حسب ما يشير المصدر أن أحداً لم يتبنَّ عمليات الاغتيال هذه، في الوقت الذي لا تتردّد كتائب الجيش الحر في إعلان مسؤوليتها عن أي عملية تقوم بها.

ويشير المصدر إلى نقطة ثانية مثيرة للجدل، وهي تعرض أحد ضباط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، “الموالية للنظام” للاغتيال، وهو العقيد نور الدين ابراهيم الملقب (السبع) حيث اغتيل في منطقة مخيم اليرموك بالقرب من ساحة الريجة، واتهمت الجبهة حينها داعش بهذه العملية.

ويلفت المصدر إلى أن العملية الأخيرة هي الوحيدة التي لم تتم عبر كاتم الصوت، إنما بزرع عبوة ناسفة في سيارة الضابط، وتفجيرها عن بعد.

وحسب الناشط أبو المجد فقد تسارعت وتيرة الاغتيالات السياسية في المخيم بالتزامن مع انتشار الحديث عن الهدنة، وعملية تحييد المخيمات التي أعلن عنها أكثر من عشر مرات، ولم يتم الوصول إلى تنفيذ بنودها، وانتشار ظاهرة الاغتيالات من شأنه أن يوتر الأجواء ويمنع الوصول إلى اتفاق.

وبين المصدر أن عمليات الاغتيال بعضها ينجح وبعضها يفشل، فهناك عشرات الناشطين المهددين بالموت.

ويقول ناشط إغاثي من المخيم فضل عدم ذكر اسمه أنه تلقى عدداً من التهديدات بالقتل، لم يكترث لها في البداية على اعتبار أن حالة الفوضى التي يعيشها المخيم تؤدي إلى انتشار الجريمة، ويمكن أن تكون قضية شخصية وليست عامة، لكن بعد معرفته بتعرض عددٍ كبير من المقاتلين والناشطين لنفس التهديدات، أصبح يعتبر أن تصفيته ليست بسبب ثأر أو مشكلات شخصية إنما لها أبعاد أخرى.

ولأن معظم حالات الاغتيال تتم في أوقات الفجر فيحاول الناشط أن لا يخرج في هذا التوقيت من بيته، وهو ما يفعله معظم المهددون بالاغتيال.

الناشطون ليسوا وحدهم المهددين أو من يتعرضون للاغتيال فالمقاتلون أيضاً تطالهم هذه العمليات، كتلك التي وقعت في صفوف مقاتلي أكناف بيت المقدس، والتي يشير إليها الناشط الإعلامي مطر اسماعيل منوهاً إلى حادثة اغتيال القيادي في الأكناف أبو عادل وذلك في سوق العروبة في مخيم اليرموك، إضافةً إلى عملية اغتيال أبو عرب العاشق القائد الميداني في لواء عبد الله بن مسعود.

كما جرت مؤخراً محاولة اغتيال فاشلة لأحد قادة كتائب أكناف بيت المقدس في مخيم اليرموك بالقرب من قوس يلدا، وأتت هذه الحادثة بعد يومين فقط من استهداف إحدى مجموعات لواء شام الرسول بالقرب من المنطقة نفسها، وحسب ما يفيد ناشطون فإن الحادثة الأخيرة وقعت بعد عودة عناصر المجموعة من إحدى المعارك التي كانوا يخوضونها ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في حي الحجر الأسود، حيث قتل منهم شخص وأصيب آخرون.

ويوجه الناشطون أصابع الاتهام في عمليات الاغتيال تلك تارةً إلى النظام، وتارةً أخرى إلى داعش، وإن كان يميل البعض أكثر إلى ترجيح كفة اتهام التنظيم لا سيما وأن جيوبه ما زالت متواجدة في جنوبي دمشق.

ويعلق اسماعيل على ذلك بالتأكيد على أن أحد عناصر داعش كان مشتبهاً به في عملية الاغتيال التي وقعت في صفوف أكناف بيت المقدس ولواء عبد الله بن مسعود، وكان متواجداً في حي العروبة، حيث قامت أكناف بيت المقدس بإرسال مجموعة لاعتقاله ففتح النار عليهم، حيث قتل أحد الشبان حينها، الذي كان من ضمن المجموعة المنوي اغتيالها، ومن ثم تم قتل “الداعشي”.

ويضيف اسماعيل أن الأمر غير واضح بالنسبة لموضوع القاسم المشترك بين من يتم تصفيتهم، والمخيف في الأمر أن هناك تداخل في قضايا الاغتيال، فأحياناً تكون القضية مرتبطةً بداعش، وهناك عمليات اغتيال لم تتكشف خلفيتها حتى اللحظة، كاغتيال القيادي في الجيش الحر أبو عرب العاشق في شارع بيروت الفاصل بيت المخيم ويلدا.

من جانبه المصدر العسكري يرجح أن وراء بعض تلك العمليات تنظيم داعش، لكن في جزء منها يمكن أن تكون غير مرتبطة بالتنظيم إنما فردية، لا سيما وأن مخيم اليرموك يعاني من فوضى السلاح، وهناك العديد من المجموعات تحمله باسم الثورة لكنها لا تتعدى كونها عصابات نهب وسرقة، وأيضاً اغتيال وخطف.

ويرد المصدر العسكري كل حوادث الاغتيالات التي وقعت في المخيم إلى عدم وجود تعاون وتنسيق بين الفصائل المقاتلة والتي أدت إلى الفوضى القائمة حالياً.

 

 

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.