Syria's President Bashar al-Assad answers journalists after a meeting at the Elysee Palace in Paris

economist
بيروت والقاهرة, من النسخة المطبوعة, 18 تشرين الثاني 2014.
ترجمة موقع الحل السوري.

على الرغم من أصوات قرقعة القنابل وقذائف الهاون المنتشرة أدناه، إلا أن الإطلالة تبدو مشرقة ومزهرة من القصر الرئاسي المتوضع على مرتفعٍ في دمشق. توقفت الإنشقاقات عن الجيش، وهدأت النداءات الأمريكية والأوربية التي تطالب السيد الأسد بالتنحي، منذ أن أحجمت أميريكا عن تهديد النظام بالقصف لإستخدامه الأسلحة الكيميائية في آب عام 2013. والأن، تقوم أميريكا بقيادة تحالف لقصف خصوم السيد الأسد، الجهاديين الذين يدعون أنفسهم بالدولة الإٍسلامية. ويعتقد الأسد أنها تبرئة من ادعائه طويل الأمد أنه سيحارب الإرهابيين الخطيرين بدلاً من تنفيذ مطالب مواطنيه بالتغيير.
والأكثر من ذلك، فإن الضربات الجوية الأمريكية قد تسمح _ عن غير قصد _ للأسد بالتركيز على سحق التيار الرئيسي الثائر. وبحسب تقدير المرصد السوري، وهو مجموعة مراقبة مقرها بريطانيا، فإن النظام السوري قد نفّذ 40 غارة جوية على محافظتي حماه وإدلب في 13 تشرين الأول (من طائرات jet  والمروحيات التي تسقط براميل متفجرة)، أي ضعف العدد اليومي المعتاد للهجمات المتراوح بين 13 إلى 20.

وكما أن التيار الرئيسي الثائر لم يُدعى لاجتماع التحالف الدولي لقتال الدولة الإسلامية المنعقد في 14 تشرين الأول، ما دل على أن أميريكا لا تعتبرهم شركاء عسكريين جديرين بالثقة، على الرغم من أنها تعهدت بتدريب وإمداد  البعض منهم. “لم يكن لدى الرئيس الأسد والموالين له الشك بالفوز أبداً… والحرب بالنسبة لهم كانت عدواناً خارجياً”، هذا ما قاله مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي.
مع ذلك، قد يكون النظام أكثر هشاشة مما يعتقد. حيث ازداد السخط، حتى بين موالي السيد الأسد العلويين (فرع من الشيعة) الذين يسيطرون على قوات الأمن السورية. عندما وقع الهجوم الانتحاري في الأول من تشرين الأول قُتل أعداد كبيرة من الأطفال خارج المدرسة في حي عكرمة، وهو حي علوي في حمص. وهتف المُشيّعون في الجنازة “الشعب يريد إسقاط برازي” وهو محافظ المدينة طلال برازي. وكان هذا صدىً للشعارات المستخدمة من قبل المعارضة.
تتزين الجدران بملصقات للجنود المفقودين في مدينتي طرطوس واللاذقية الساحليتين والواقعتين قرب منطقة تمركز العلويين. ذُبح العشرات من الجنود وعُلّقت رؤوس بعضهم على أعمدة في الرّقّة _ حيث أصبحت معقلاً لداعش _خلال هذا الصيف بعد أن سيطرت الدولة الإسلامية على أربعة قواعد للنظام شرق البلاد، وبدأ الأهالي بفقد الثقة بالنظام. سمع أحد زوار المنطقة رجلاً يشتكي قائلاً: “أرهقنا مع أبناءنا لنقدمهم لهم”. كان هناك أيضاً شجبٌ على الفيسبوك للإسراف والإطالة بمدة الحرب، ذلك بعد أن قام رئيس الوزراء السوري وائل حلقي بإفتتاح مركز للتسوق في طرطوس مساحته 30000 متراً مربع وبكلفة 52 مليون دولار.
الاقتصاد هو نقطة الضعف الأخرى بالنسبة للسيد الأسد، فكانت عائدات الحكومة قبل الحرب مصدرها من النفط والضرائب المستحقة من قاعدة إقتصادية متنوعة تشمل السياحة والصناعة والزراعة. معظم هذه المصادر قد جفّت، في الوقت الذي يُعتقد فيه أن الاحتياطيات الإجنبية المقدّرة قبل الحرب بـ 18 مليار دولار قد نفذت. يجاهد النظام من أجل إنتاج الكهرباء الكافية رغم أن السوريون الذين سيزودهم بها أصبحوا أقل الآن. ويمكن للحكومة أن تتحمل طاقة الدفع لجنود الجيش النظامي والجيش الشعبي والموظفين الحكوميين فقط بامتنانها للإيرادات القادمة من إيران، وبالتكامل مع العلاقات المشبوهة مع رجال أعمال.
مع ذلك، معظم مؤيدي الأسد ليس لديهم خيار آخر ليتحولوا إليه بدلاً من تأييده. فبالإضافة للعلويين، تتضمن قائمة المؤيدين: المسيحيين، وهم أقليات أخرى، والسنّة المُستفيدين من النظام… بالكاد يُظهر الثوار الرئيسيون _ بدون الإشارة للدولة الإسلامية_ اطمئناناً حول مستقبلهم في سوريا.
قد يكون السياق الدولي المتغير أكثر من خطر. ورغم أن السيد الأسد لا يرى في باراك أوباما تهديداً مباشراً في الوقت الحاضر، إلا أن الضربات الجوية زعزعت رأي مؤيديه. وأغضب إدعاء السيد الأسد أن نظامه ينسق مع أمريكا في المعركة ضد الدولة الإسلامية جنوده الموالين، نظراً لأنه في الأصل كان  قد اتهم _سابقاً_ الدول ذاتها التي تقاتل الجهاديين الآن، اتهمهم بالمؤامرة الدولية. لأولئك الذين يشككون في ذلك، فإن عدم رد النظام على الضربات الجوية المحرّمة على أرضهم هو إذلال.

الضغط _ الفاشل حتى الآن _ من قبل تركيا لإنشاء منطقة عازلة على الجانب الآخر من حدودها مع سوريا لتأمين ملجأ ً لما يقارب 3 مليون لاجئ، ومما لا شك فيه، خلق قاعدة يمكن للثوار من خلالها تحدي النظام، هو عامل آخر للضغط.
لربما يكمن المفتاح إلى سوريا في إيران التي لمّحت برغبتها الرئيسية في حماية مصالحها في سوريا _ والتي تتضمن طريق الإمدادات إلى حزب الله, المقاومة الشيعية الشعبية الإيرانية في لبنان _ بدلاً من السيد الأسد بشخصه. وبالمقارنة مع ما حصل في العراق، حيث ساعدت إيران على الإطاحة برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فإن النظام الملوّي في طهران يواصل دعمه للسيد الأسد. ويرى بعض المحللين أنه لربما ستعيد إيران النظر في هذه السياسة. أمرين _ بشكل خاص_ قد يؤديان إلى تغيير بالرأي: أولا تزايد حجم الدولة الإسلامية قد يؤدي لتفضيل التعاون مع الدول السنيّة مثل المملكة العربية السعودية التي تمول معظم فئات المعارضة، والأمر الثاني هو سعر النفط الهابط، بسبب العقوبات الأوربية، ما أدى لإجهاد الميزانية الإيرانية.
وكانت الخطوط العريضة للتسوية بين الحكومة الانتقالية والسيد الأسد واضحة. رغم ذلك فإن احتمال وجود إتفاق يبقى بسيطاً.

يقول السيد الإبراهيمي: ” ما لدينا الآن هو فقط خطط حرب “، ويواصل الأتراك والسعوديون بقولهم “ليس هناك خطة سلام ” ليطالبوا السيد الأسد بالرحيل. أما الدبلوماسيون الروس والإيرانيون يقولون أن لديهم تأثيراً قليلاً على الأسد الذي تعهّد بالمحاربة حتى النهاية.
تتوقع بعض الشخصيات المقربة من الحكومة السورية إنهيار النظام، فيقول أحدهم “لا أرى الوضع الحالي مستداماً “، ويضيف آخر ” أعتقد أن دمشق ستنهار في وقت ما، متى؟ أنا لا أعرف، ولكن سيحدث من بعدها فوضى تجعل الحرب الحالية تبدو كأنها لا شيء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.