A boy carries bread bought at a local bakery to celebrate Eid al-Fitr, marking the end of the holy fasting month of Ramadan, in Azaz city

لانا جبر

لم يعد ارتفاع الأسعار أمراً طارئاً على حياة الأسرة السورية، إنما بات واقعاً لابد لها من التأقلم معه، والاعتياد على وتيرته المتسارعة، خاصة أنّ الفجوة بين الرواتب والأجور من جهة، وأسعار المواد الغذائية من جهة أخرى، اتسعت وبات من الصعب ردمها بسهولة.

فالليرة السورية التي تفقد قيمتها يوماً بعد يوم، وارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى تحكم التجار في أسعار السلع على مدى السنوات الماضية أثقل كاهل السوريين اليوم، خاصةً أنه تزامن مع ارتفاعات متتالية في أسعار المحروقات والتي أعلنتها الحكومة السورية وكان آخرها في الشهر الماضي، مما أثّر بشكل مباشر على غلاء أسعار المواد الغذائية وأجور النقل، حيث بات تأمين لقمة العيش بالنسبة للمواطن معاناةً حقيقيةً لايستطيع تجاوزها إلا بشق الأنفس.

لم تزل الرواتب على حالها لم تحرك ساكنا منذ عام 2011 حين لحقتها آخر الزيادات، في وقت زادت فيه أسعار متطلبات الأسرة الرئيسية عشرة أضعاف عن أسعارها السابقة، وهو ما أثّر على القدرة الشرائية للمواطن، ليجد نفسه اليوم وبحسبة بسيطة أمام واقع مرير.

يجد أبو يوسف أنه يحتاج إلى راتب آخر فوق راتبه كي يستطيع إتمام شهره، وتأمين متطلبات أسرته الضرورية، فعلى الرغم من أنه يعيش حياة “متقشفة” كما وصف، إلا أن الواقع المعيشي بات “صعباً” بالنسبة له حيث يقف عاجزاً هذا الشتاء على سبيل المثال أمام تأمين المازوت الخاص بالتدفئة.

ولعل واقع أبو يوسف ينطبق على 80% من الأسر السورية، فرامز أيضاً أنهكته الارتفاعات الأخيرة التي طرأت على أجور النقل والمواد الغذائية بعد أن رفعت الحكومة أسعار المحروقات، مبيناُ أن راتبه الشهري والبالغ 20.000 ل.س لا يكفيه حتى منتصف الشهر، وبالتالي بات عليه الذهاب إلى عمله سيراً على الأقدام لتوفير أجور النقل، في مقابل تأمين أمور أخرى ربما تحتاجها أسرته.

في حين بينت هدى أنها وعائلتها المؤلفة من ثلاثة أشخاص تقشّفت هذا الشهر عن شراء اللحوم لتأمين المازوت لفصل الشتاء القادم، في حين أنها في شهر سابق اختصرت شراء الفواكه من أجل تأمين المتطلبات المدرسية لابنها.

وبالتالي من الطبيعي أن تقوم الأسرة اليوم بتقنين مشترياتها إلى حدود دنيا لتأمين متطلبات أكثر أهمية على اعتبار أن المدخول لم يعد يشكل سوى 10% من المصروف الطبيعي لحياة متوسطة الرفاهية، فإذا كان متوسط دخل الفرد اليوم 15000 ل.س، في حين أنّ تكلفة وجبة الغداء لأسرة مؤلفة من أربعة أشخاص ارتفعت لتبلغ 1000 ل.س إذا كانت متضمنه أحد أنواع اللحوم، و600 ل.س إذا اقتصرت على الخضروات فقط، فهذا يعني أن الأسرة تحتاج وسطياً بين 10000 ل.س إلى 15000 ل.س شهرياً لطعام الغداء فحسب.

وإذا وصل سعر صفد البيض إلى 700 ل.س وكيلو اللبنة إلى 600 وتراوح سعر الجبنة بين 800 إلى 1000 ل.س، وكيلو الزيتون يسعّر بـ 600 ل.س فإن تكلفة الألبان والأجبان على الأسرة شهرياً تصل وبمعدل وسطي إلى 3600 ل.س.

كما تحتاج الأسرة إلى حوالي 4 كيلو رز شهرياً، يصل سعرها تقريباً إلى 600 ل.س، وحوالي ربطة خبز كل يومين تبلغ تكلفتها 400 ل.س شهرياً.

وبالتالي وبحسبة بسيطة نجد أن هذه الأسرة تحتاج قرابة 20.000 ل.س كمصروف شهري للطعام الأساسي فقط، دون التفكير بشراء الفاكهة أو الحلويات أو غيرها من بعض الأصناف التي تحولت إلى كماليات مؤجلة.

أما بالنسبة للفواتير فيدفع السوريون شهرياً حوالي 3000 كمعدل وسطي بين فواتير كهرباء ومياه وموبايل، بالإضافة إلى أن تأمين المحروقات كالغاز والمازوت بات منالاً صعباً بالنسبة للكثيرين، خاصة بعد أن وصل سعر ليتر المازوت إلى 80 ل.س، أي أن شراء 200 ليتر وهو مخصصات الأسرة خلال فصل الشتاء كما حددته الحكومة فتبلغ تكلفتها 16.000 أي ما يعادل راتب موظف.

في حين أنّ تكلفة النقل لاتقل غلاءً، خاصة بعد أن رفعت الحكومة سعر ليتر البينزين إلى 120 ل.س لليتر الواحد، وهو ماجعل أجور النقل تزداد بدورها حيث تصل أجرة السيرفيس إلى 25 ل.س أي أن المواطن يدفع شهرياً بين 1500 إلى 2000 ل.س إذا استقل السرفيس مرتين يومياً فقط، هذا دون أن يفكر باجور النقل الخاصة بباقي أفراد العائلة.

وبالتالي فإن حسبة بسيطة إنما تصور واقعاً بات مأساوياً تعيشه الأسرة السورية، على اعتبار أن المصاريف السابقة لم تتضمن أجور المنزل ومتطلبات المدرسة للأولاد والجانب الصحي للعائلة الذي بات منهكاً بدوره.

ولعل هذا ما أكده أيضاً تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة للعام 2014 والذي أشار إلى ارتفاع معدلات الفقر في سوريا، مؤكداً أن ثلاثة أرباع السوريين تحولوا لفقراء بسبب تدني دخل الفرد، حيث تقدر المنظمات الدولية أنّ هناك أكثر من 10 ملايين سوري يحتاجون للمساعدة منهم 6 ملايين قد نزحوا داخلياً، وفقدوا منازلهم ومصادر رزقهم.

وتوقع التقرير أن يتعمق الفقر أكثر خلال العام القادم مع توقعات بانخفاض الناتج المحلي بنسبة 57%، إضافة للأثر الذي أحدثه الحملة الحكومية برفع أسعار السلع الغذائية الأساسية كالسكر والأرز والخبز إضافة للمحروقات.

كما لفت التقرير إلى أنّ أي زيادة في رواتب العاملين، بمقدار 50%، لا يمكن اعتبارها تحسن في دخل الفرد، إذ أن الدخل الشهري لقرابة 80% من العاملين لا يتجاوز 30 ألف ليرة شهرياً، وبالتالي يحتاج هؤلاء  إلى تضاعف رواتبهم بمقدار 6 أضعاف، لأن الحد الأدنى لمعيشة الأسرة السورية الآن لا يقل عن 90 ألف ليرة وفقاً لبعض التقديرات.

[wp_ad_camp_1]

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.