جواز سفر

سمر مهنا

فوجئت رنا (سورية مقيمة في أنطاكيا) عندما ذهبت إلى القنصلية السورية في مدينة اسطنبول التركية لتجديد جواز سفرها حين طلبوا منها أن تحضر “ورقة غير موظف” من سوريا، فرنا التي تركت البلاد منذ عام كانت مرشدةً اجتماعيةً في إحدى مدارس دمشق العامة، وقبل عام من سفرها إلى تركيا حصلت على استيداع من وزارة التربية.

تقول رنا، “ظننت بعد هذه المدة التي انقطعت فيها عن الإرشاد في مؤسسة التربية، أنهم قاموا بفصلي ولم أعد بحاجة ورقة غير موظف”، لكن أكثر ما أثار غضب رنا لم يكن هذه الورقة بل الوقت الذي استغرقته القنصلية لتخبرها بما هو مطلوب منها، والوقت الذي سيتطلبه لتقوم بكل هذا.

قبل ثلاثة أشهر ذهبت رنا من مدينة أنطاكية التركية حيث تسكن إلى القنصلية السورية في مدينة اسطنبول، وبعد أن أخذ الموظف بياناتها الموجودة في جواز سفرها القديم، أخبرها أن تعود بعد ثلاثة أشهر، تقول رنا “لم يكن لدي مشكلة في هذا الموضوع على الرغم من أنني أجّلت عملاً لي خارج تركيا ريثما يتم تجديد جواز سفري، فأنا أعلم بأنهم يتواصلون مع النظام في سورية ليروا إن كنت مطلوبة أم لا وعلى هذا الأساس يقررون إن كانوا سيجددون لي جواز السفر”.

تستدرك قائلة “عندما عدت مرة أخرى بعد المدة التي حددها لي الموظف شعرت بالغضب من الطريقة التي يتعاملون بها مع السوريين، فبداية لا نستطيع الدخول إلى القنصلية بدون استئذان الموظف على الباب وهو تركي لا يتكلم العربية لذا فنحن مضطرون للتعامل معه بالإشارات.. طلب مني في بداية الأمر أن أعود بعد ساعة فهم لم يخصصوا مكاناً للانتظار داخل القنصلية، وبعد عودتي أجل موعدي ساعتين مجدداً”.

تبين رنا أن “التعامل داخل مؤسسات النظام داخل سوريا أسهل، على الأقل هذه المؤسسات تضع على بوابتها الأوراق المطلوبة منك، إلا أن القنصلية لم تضع أي شيء فأنت تأتي ولا تعلم ما عليك فعله، دون أن يقيموا أي اعتبار إلى أنك قد تكون قادماً من مناطق بعيدة عن اسطنبول وهو ما يكلفك الكثير”.

تتابع “بعد ساعتين تمكنت من الدخول إلى الموظف الذي استقبلني قبل ثلاثة أشهر، كان جالساً أمام كمبيوتره وصورة بشار الأسد معلقة على الحائط خلفه، وقفت أمامه وشعرت بأنني في داخل فرع أمن فقد أخذ جواز سفري ليبحث عن المعلومات التي وصلته من داخل سوريا حولي، وطلب مني أن أحضر ورقة غير موظف لكي يجدد جواز سفري”.

تضيف رنا ساخرة “ظننت للحظة أنهم سيطلبون مني ورقة لاحكم عليه، أو بالأحرى هم الذين أخرجوا لي هذه الورقة ولا داعي لأن أحصل عليها بنفسي”.

تقول رنا “أشعر بالضيق الشديد فالمدة التي سيستغرقها ذويي وهم يحصلون على هذه الورقة ويرسلونها إلي وبعدها الوقت الذي ستأخذه القنصلية لكي تجدد لي جواز السفر ستستغرق أشهراً أخرى، وخلال هذه المدة سأبقى حبيسة تركيا”.

وتوضح أنها “فكرت بالحصول على جواز سفر مزور لكي تستعجل بسفرها خارج البلاد لكنها تراجعت بما أن الأمر مكلف جداً وقد يكون الجواز مضروباً وهو ما حصل مع العديد من السوريين”، مبينة أن الأمر ربما يستغرق عدة أشهر أخرى لتجديد جواز سفرها.

عادت رنا إلى انطاكية بعد رحلة 30 ساعة قضتها على الطريق في البر “ذهاباً واياباً” وذلك بسبب إمكانياتها المادية المحدودة، وهي تفكر برحلتها القادمة ورحلة العديد من السوريين التي يقطعون هذه المسافات ليحصلوا على جواز سفر معترف به بعد عناء طويل، وآخرون يحصلون عليه بـ”التزوير” بعد دفع مبالغ كبيرة، لتبقى هذه المشكلة الأكبر للمئات في “تغريبتهم السورية”.

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.