بيانو

 

لمى شماس

 

يقول عازف البيانو أيهم أحمد أحمد أن الموسيقا “تنتصر على الحرب، فصوت اللحن أقوى من صوت الرصاص” ولذلك تحدى أحمد الحصار وأخرج آلة البيانو إلى إحدى مدارس مخيم اليرموك، علّه ينفث في الأبنية المهدمة والأحياء الميتة ألحان الحياة.

يحكي العازف عن المرة الأولى التي قرر فيها العزف في شوارع المخيم.. “في ذلك اليوم كانت حالة الأهالي النفسية والجسدية سيئة جداً، ولذلك قررت أن أقدم ما يساعد على تحمل المعاناة فأخرجت البيانو من منزلي إلى أحد شوارع المخيم، بمساعدة أصدقائي اللذين شجعوني على الفكرة وبدأت بالعزف”.

وويضيف أن أول أعنية قدمها كان اسمها “يامهاجرين عودوا” في مدرسة “المنصور” التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ووجهها لأبناء المخيم اللذين هجروه بسبب القصف والحصار.

ويقول أحمد إنه اختار الغناء في مدرسة المنصور لأنها تعرضت للقصف، وهي شبه مهدمة بالكامل ولكن للمدرسة “مكانة في قلب كل يرموكي درس في المخيم”، ولذلك تجمع الأهالي حول البيانو في المكان ذاته الذي سقط فيه سابقاً صاروخ أرض أرض فدمر المدرسة، ويوضح.. “حملت أنغامي حينها الكثير من معاني التحدي، وزادت الأهالي إصراراً على الصبر”.

 

من عازف إلى بائع فلافل

قبل فرض الحصار، كان أيهم يدرس الموسيقا في معهد الأيهم ، ويعمل في صيانة آلة البيانو، وفي صناعة آلة العود، وهي المهنة التي علّمه إياه والده الموسيقي أحمد أحمد وهو عازف الكمان الكفيف، ويبين أيهم أن والده يحرص على الظهور دائماً في الفيديوهات التي يصورها أيهم من داخل المخيم بهدف مباركة ألحانه والتأكيد على صموده مع أبنه.

في بداية الحصار، عمل “أحمد” في بيع الفلافل لأن العمل في الموسيقا حسب قوله لم يعد يسد جوعه وعائلته، ولكن بعد ثلاثة أشهر اشتعل الحنين إلى البيانو في قلب العازف فترك العمل في الفلافل وعاد للعزف.

 

“أجر العصفورة” عشبة المخيم الغنية بالزرنيخ!

يقول “أحمد”أحاول صناعة الألحان رغم أنني وعائلتي لا نملك قوتنا، إذ “تمر علينا عدة أيام دون أن نجد مانأكه”، ويضيف: طفلي الصغير أحمد محاصر معي و”أكثر مايحزنني صوت بكائه إثر الجوع”.

ويتابع الموسيقي: نقطف كل يوم عشبة تدعى “أجر العصفورة” والتي فيها كمية كبيرة جداً من الزرنيخ القاتل، لكننا رغم ذلك اضطررنا وعائلتي على تناولها لمدة ثلاثة أشهر.

وبحسب “أحمد” فإن هذه العشبة السامة هي وجبة رئيسية لمعظم المحاصرين في اليرموك المحاصر.

عندما سألنا “أحمد” إن كان يرغب بالخروج من المخيم قال: لن أزاود على نفسي وعلى عائلتي لاشك أنني أريد مستقبلا أفضل لأبني، لا أريده أن يعاني من الجوع أكثر مماعاناه..لذلك لن يتردد “أحمد” في الخروج من المخيم إذا سنحت له الفرصة.

ويحكي أحمد أن جر البيانو في شوارع المخيم، وضعف بنيته الجسدية، وعدم وجود دعم مادي يمكنه من متابعة مشروعه في تعليم الموسيقا، كل ذلك دفعه مؤخراً إلى القرار بالعودة إلى بيع الفلافل لأن عائلته بحاجة إلى من يطعمها، ويقول: “لايمكنني وصف حزني على وداع الموسيقا، ولكن ليس لدي خيارات”.

 

أيهم أحمد أحمد مواليد 1988

خريج المعهد العربي للموسيقا

خريج كلية التربية الموسيقية، في حمص جامعة البعث

تتلمذ على أيدي كبار عازفي البيانو في سوريا والمنطقة

 

[wp_ad_camp_1]

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.