ابو فاعور

بيروت ـ رامز أنطاكي

أثار وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور فضيحةً على صعيد سلامة الأغذية في لبنان، ففي مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء 11 تشرين الثاني أتبعه بمؤتمر ثان يوم الخميس، أعلن الوزير أن هناك أغذية في السوق اللبنانية، في محلات المأكولات الجاهزة والسريعة، والسوبر ماركت، وغيرها، فيها “بقايا براز بشري ومياه مجارير”، معلناً على دفعتين لأسماء 56 مؤسسة ومتجر خارج مدينة بيروت تقدم وتبيع مواد غذائية مخالفة صحياً وسيئة النوعية، منها مؤسسات شهيرة وواسعة الانتشار وعالمية، معدداً السالمونيلا والأيكولي والبكتيريا الهوائية والليستيريا… كنتائج تحليل بعض المواد الغذائية التي سحبت من هذه المؤسسات.

انقسم المجتمع اللبناني بين مؤيد ومعارض لما فعله الوزير، كما انقسم السياسيون والوزراء في الشأن نفسه، وتركزت الاعتراضات على التشهير العلني بالمؤسسات المخالفة، وعلى طريقة أخذ عينات المواد الغذائية من المؤسسات، وعلى الأجندة السياسية وراء هذا التصرف من الوزير الذي ينتمي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.

الوزير أبو فاعور ابن الثانية والأربعين أكد من جهته أنه سيواصل حملته ولن يتراجع تحت الضغوطات التي تمارس عليه داعياً إلى اعتماد القضاء كفيصل في هذه الأمور.

على الأرض شهدت المؤسسات المعنية والتي ذكرها الوزير في مؤتمريه الصحفيين تراجعاً ملحوظاً في الإقبال على شراء منتجاتها، وسارعت النقابات المعنية إلى عقد الاجتماعات وممارسة الضغوط واتهام الوزير بضرب القطاع الغذائي والسياحي في لبنان.

السوريون في لبنان كانوا معنيين أيضاً بهذا الأمر، فالمشاكل الخطيرة التي تشوب أنواع عديدة من المأكولات لن تطال مواطني البلد فقط، بل ستطال كل المقيمين على أرضه، الذين كانت لهم آراء متعددة تجاه القضية التي شغلت وتشغل الشارع اللبناني.

سيمون شاب سوري من وادي النصارى علق على الأمر بسخرية معتبراً أنه مثله مثل أي سوري “يتمتع بمناعة ذاتية تجاه هذه الأطعمة، فما مرّ علينا في بلدنا أكسبنا مناعة يجب أن نشكر الله عليها”، ويتابع أن تغيير عاداته الغذائية على ضوء المعلومات التي كشفها وزير الصحة سيعني ألا يجد شيئاً ليأكله، فالتلوث منتشر والتأكد من سلامة ما يدخل الفم ليس بالأمر السهل.

أما عهد ابنة مدينة حمص والتي تتبع نظام غذائياً نباتياً منذ سنوات فتقول: “رغم أني لا أكل اللحوم إلا أنه لا يمكنني التعويل على سلامة الخضار في بلاد كبلادنا، حيث يمكن أن تسقى الخضار التي نأكلها بمياه المجارير”، وتشرح أنها تفعل واجبها بغسيل الخضار التي تتناولها كما يجب، وتجرب ألا تفكر في الأمر كثيراً.

أحمد المقيم في شاتيلا بعد أن لجأ إلى لبنان هرباً من تطور الأمور في منطقة درعا حيث ينتمي، تابع التغطية الإعلامية لهذه القضية التي يقول أنها لم تفاجئه، فالأمور واضحة ومتوقعة على حد تعبيره، وبالنسبة له، “فكل ما نشتريه من خضار وفواكه وبعض اللحوم والدواجن أحياناً من سوق صبرا معرض لتلوث خطير وعلني، ولا أعتقد أن وزارة الصحة اللبنانية ستصل إلى هذا السوق أصلاً، علماً أنه أحد أكبر أسواق الجملة في بيروت”، ويضيف أن هموم الحياة وبذل كل الجهود للمحافظة على قدرته في الاستمرار في ظل ظروف صعبة تطغى على أي هم آخر، حتى ولو كان فضيحة فساد غذائي.

ومن باب تغيير نمط غذائي غير صحي، دفعت هذه القضية علاء الرقاوي الذي يدرس ويعمل في بيروت إلى ما كان يرغب أصلاً في فعله، وهو الالتزام بالأكل المنزلي المطبوخ بدل الوجبات السريعة، والإكثار من تناول الخضار والفواكه والسلطات في محاولة لتغيير عادات صحية وغذائية سيئة، “شكلت هذه الفضيحة حافزاً لي للبدء في الالتزام بنمط أكل أكثر صحة، وهذا ما كنت أنوي فعله منذ زمن”، ويتخوف علاء من الإصابة بالتسمم الغذائي أو بمرض خطير، فهو لا يملك تأميناً صحياً، وإن اضطر إلى دخول مستشفى خاص في لبنان، سيترتب عليه كلفة مادية تفوق قدرته بكثير.

الدكتور السوري سليم بطش، انتقل وعائلته من سورية إلى لبنان منذ سنة ونصف، يشرح أن السالمونيلا هي بكتيريا لها عدة أنواع، ويمكن أن تنتقل عبر اللحوم والأجبان والبيض… وأعراض الإصابة بها هي ارتفاع الحرارة والإسهال والمغص والغثيان والتقيؤ، تظهر بعد ساعات من تناول الطعام الفاسد، وقد يشفى المريض تلقائياً أو مع تدخل دوائي بسيط، لكن هناك بعض الحالات الخطيرة التي قد تشكل خطراً جدياً على الصحة خاصة في حالة الأطفال وكبار السن، أما الوقاية فتتلخص في توخي النظافة في تحضير الأطعمة وطهي اللحوم والمشتقات في درجة حرارة مرتفعة وتجنب اللحوم النيئة وفصل اللحوم النيئة عن الأطعمة الأخرى والالتزام باستهلاك اللبن والحليب المبسترين.

ويشير الدكتور بطش إلى أن أغلب الملوثات التي وردت في تصريح الوزير أبو فاعور هي ملوثات معروفة ومنتشرة نسبياً، وهو كرب منزل لا يخاف منها كثيراً لعلمه بنظافة مطبخ بيته وحرص زوجته على تحضير الطعام بالطرق السليمة واعتماد الطهي الجيد، لكنه يخشى على الأطفال والشباب الذين كثيراً ما يتناولون طعامهم خارج المنزل عبر محلات الوجبات الجاهزة، كما يخاف من تلك المواد الغذائية منتهية تاريخ الصلاحية والتي تباع على أنها صالحة للاستهلاك.

يخشى الكثيرون من توقف حملة وزير الصحة على من يتلاعب بغذاء الناس تحت ضغط السياسيين وأصحاب المطاعم والمتاجر، لكن يبقى ما حدث حتى الآن خلال الأيام الماضية كافياً لتوعية المستهلكين لبنانيين كانوا أم سوريين على أهمية الاهتمام أكثر بنوعية ما يأكلون سواء أكان مصدر الطعام أم طريقة تحضيره وطهيه، في حين يبقى لسان بعض المعنيين يردد كما قال أحد اللاجئين السوريين: “عندما يسمح لي دخلي بأن أختار المكان الذي أشتري منه طعام عائلتي لن أحرمهم ما يستحقون، وحتى ذلك الحين نحن بحماية الله”.

 

[wp_ad_camp_1]

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.