مكدوس

لمى شماس

لا يخفي مجمل السوريين المقيمين خارج البلاد، وخاصة من لجأ منهم مؤخراً، شوقهم إلى المأكولات الشعبية السورية، وفي مقدمتها “المكدوس”، والذي تعتاد مجمل الأسر السورية على تجهيزه كمونة في فصل الخريف، ليستمروا في استهلاكه حتى نهاية فصل الشتاء، بل ويصرّ البعض على التموّن منه على مدار العام.

وأمام أعداد السوريين الكبيرة في تركيا، وعدم وجود هذه الأكلة الشعبية اتجهت الكثيرات من النساء السوريات للعمل بإنتاج “المكدوس”، بل وتحوّلت الكثير من منازل السوريين إلى معامل “للمكدوس”، على الرغم من افتقار البيئة التركية لخضار الباذنجان صغير الحجم المناسب “للمكدوس”.

(أم ربيع) نازحة سورية من مدينة حلب، أقامت فترة من الزمن في مدينة غازي عينتاب في الجنوب التركي لتنتقل نتيجة عدم قدرتها على الحصول على عمل إلى مدينة اسطنبول، وبعد شهرين من البحث المتواصل عن العمل، قررت أم ربيع أن تصنع فرصتها بنفسها، ووجدت في “المكدوس” ضالتها، فبحسب أم ربيع التي فقدت زوجها خلال المعارك الدائرة في حلب “يشتاق سوريو اسطنبول لكل مايحمل رائحة واطنهم، ولذلك قررت مع بعض جارتي صناعة المكدوس السوري”، مستغلين توافر مكوناه في اسطنبول.

تقول أم ربيع “استدنت من رجل أعمال سوري مبلغاً من المال، حتى تمكنت من شراء مكونات المكدوس، ثم تعاونت مع جاراتي على صناعة مئة كيلو، وقمنا بتعبئة كل كيلو على حدة، كي يسهل بيعه، واتفقنا على تقاسم الأرباح بعد إعادة المبلغ لرجل الأعمال”، إلا أن الأخير”رفض” استعادة المبلغ حسب ماقالت أم ربيع.

وكانت المفاجأة التي أسعدت أم ربيع وجاراتها، أن خبر تواجد “مكدوس” سوري في اسطنبول، انتشر بين السوريين بأسرع مما كان متوقعاً، وذلك بعد أن تعاون على نشر الخبر ولدا أم ربيع وأصدقائهم على صفحات موقع فيس بوك، وتقول أم ربيع بسعادة غامرة “ازداد الطلب على المكدوس فصنعنا مئة كيلو أخرى”.

وعلى الرغم من أن أم ربيع سعّرت كيلو “المكدوس “بـ 40 ليرة تركية (حوالي 20 دولار أمريكي)، إلا أنها تمكنت وجاراتها من تحصيل أرباح جيدة.

وتشير أم ربيع أنها والعديد من السيدات السوريات، يعملن حالياً على بيع “المونة الجاهزة” تلبيةً لرغبة السوريين، وذلك بعد أن باتت أم ربيع وجاراتها معروفاتٍ بين السوريين، وتوضح أن موسم “المكدوس” يكاد ينتهي لذلك سيبدأن بمواد المونة الأخرى.

وتلفت أم ربيع إلى أنهن وضعن كميات من منتوجاتهن في منازل أصداقائهن في مناطق مختلفة من اسطنبول، لتكون تلك المنازل مراكز للتوزيع، وذلك لأن أم ربيع وصديقاتها يسكنّ في منطقة بعيدة نسبياً عن مراكز العمل في اسطنبول، ولذلك عمدن إلى تسهيل وصول المنتجات إلى الزبائن، وتشير أم ربيع إلى أن معظم زبائنهن يقمن في منطقة أكسراي حيث تكثر تجمعات السوريين وفرص عملهم.

وتتابع “معظم السوريين الموجودين في اسطنبول، هم من الشبان غيرالمتزوجين، مما يزد الطلب على المونة الجاهزة التي تخفف عنهم عبء الغربة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.