Militari dell'Esercito siriano libero

لمى شماس

تصل إلى جوّالات السوريين، عشرات الرسائل اليومية، التي تحثّ الجنود المنشقين على العودة إلى “حضن الوطن”، وعلى الرغم من أن تقديم “مناسك التوبة” والاعتراف لمخابرات النظام بالرجوع عن الانتماء إلى تيارات معارضة، يُعتبر بالنسبة للكثيرين ضرباً من الجنون، إلا أن الظروف أجبرت البعض على فعل ذلك، فكيف استقبلهم”حضن الوطن”؟

يحكي منشق سابق “ع.ح” قصته لموقع الحل السوري، أنه وبعد أشهر من انضمامه إلى صفوف الجيش السوري كونه يؤدي الخدمة تمكن من الهروب من الكتيبة التي خدم فيها، حيث تم ذلك بالتنسيق مع زملاء سابقين انشقوا قبله عن الجيش، وبعد هذا الانشقاق انضم المقاتل إلى صفوف الجيش الحر المقاتل في بلدته المليحة بريف دمشق.

ولكن بعد انشقاق” اضطر أخوه الصغير لترك المدرسة والعمل كبائع بسكوت عند إحدى إشارات المرور وسط دمشق، وذلك بعد أن ساءت حالة والده الصحية وأُصيبت والدته بالشلل النصفي، ولم تجد عائلة الجندي المنشق معيلاً لها.

ويضيف: “وصلتني أخبار عن حالة عائلتي السيئة، وعن ضرورة إدخال والدي إلى المشفى ليجري عملية القلب المفتوح”.

شعر الجندي بأن انشقاقه كان سبباً بكل هذه المشاكل التي تتعرض لها عائلته حسب قوله، خاصًةً وأن العائلة اضطرت إلى ترك منزلها بعد تعرض والده لملاحقات ومضايقات من فرع المخابرات الجوية.

تقطعت السبل أمام “ع.ح” الذي لم يجد وسيلة لإرسال المال إلى عائلته، فترك زملائه في الجيش الحر وسلم نفسه للكتيبة التي انشق عنها، معلناً أنه يريد “التوبة النصوح”.

ويوضّح الجندي: “كنت أتوقع الموت تحت التعذيب، ولكني رغم ذلك آثرت تسليم نفسي على تحمل ذنب ماحدث لأهلي”.

ويسرد ماحدث معه: “تم اعتقالي في فرع فلسطين لمدة شهرين، تعرضت خلالهما للتحقيق، وبدا لي أنه من الواضح أن التعليمات تقضي بعدم تعذيب العائدين من الجيش الحر، إذ لم يقم حينها عناصر الأمن بضربي أو إهانتي”.

وبعد شهرين من التحقيقات، أُخلي سبيل المقاتل وتم تعيينه عند أحد الحواجز في بلدة “الدخانية”، ليكمل خدمته الإلزامية هناك.

ويوضح: “أُجبرت بعدها على المشاركة في جميع عمليات المداهمة على بلدة المليحة، وكنت تحت المراقبة بشكل دائم”… مضيفاً أنه من أصعب اللحظات التي مرت عليه، هي تلك التي أُجبر فيها على مداهمة منازل جيرانه وأبناء حارته، ويقول “كانوا يعلمون الحارة التي أنتمي إليها ولذلك تم فرزي إليها لأداهم المنازل فيها”.

ولكن بالمقابل صار بإمكان الجندي اليوم زيارة أهله باستمرار وفق قوله، لأن ضابط قطعته سمح له بأخذ إجازات دورية، كما أن الضابط صرف له راتبين حتى يتمكن من علاج والده وشراء كرسي خاص لوالدته..

وبحسب ناشط مدني من ريف دمشق إن النظام يتقصد معاملة الجنود اللذين يرجعون عن انشقاقهم” بلطف وتسامح”، كمحاولة منه لتشجيع المنشقين على العودة إلى ثكنتاهم، مبيناً أن الضباط يختبرون وفاء الراجعين عن الانشقاق، من خلال إجبارهم على المشاركة في عمليات الدهم والاعتقال في البلدات التي ينتمون إليها.

ويقول الناشط: “في البداية لم يصدق أحد التطمينات التي كان النظام يحاول إرسالها من خلال وسائل الإعلام التابعة له، إلا أنه بعد عودة العديد من المنشقين إلى صفوف النظام صدق الأهالي رسائل النظام، لأن العائدين عن انشقاقهم تكلموا عن المعاملة الحسنة التي لاقوه”.

ويدلل الجندي على كلام الناشط بأنه صادف عدداً لا بأس به من المنشقين الذين تركوا الجيش الحر لأسباب مختلف، وعادوا إلى صفوف جيش النظام، موضحاً أن المضايقات التي يتعرض لها أهالي المنشقين هي السبب الأول والرئيسي الذي يدفعهم للعودة عن انشقاقهم، والدليل أن العائدين إلى صفوف النظام كلهم من أبناء المناطق التي ما زالت تحت سيطرة النظام، او التي سيطر عليها مؤخراً.

وهذا ماحدث مع الجندي أيمن الذي هرب من صفوف الجيش الحر بعدما علم بأن الحاجز المجاور لمنزله، داهم المنزل وهدد زوجته واعتقل والده.

يقول أيمن: “علمت أنهم اعتقلوا والدي ريثما أسلم نفسي، وأنهم هددوا باعتقال زوجتي في حال لم أسلم نفسي خلال أسبوع”، مما اضطر أيمن إلى تسليم نفسه لأقرب فرع أمن، وعلى الرغم من أنه كان متوقعاً أن يُقتل تحت التعذيب، إلا أنه علم في اليوم التالي أنهم أفرجوا عن والده.

ويتابع: “كان من الغريب أنني لم أتعرض لأي تعذيب أو اساءة، بل تم التحقيق معي بشكل طبيعي، وطُلب مني معلومات عن الكتيبة التي كنت أقاتل معها”.

وبحسب أيمن إن أسلوب النظام “الممنهج”، نجح في استقطاب الجنود المنشقين، اللذين يضطرون إلى العودة عن قرارهم بالانشقاق بسبب التعذيب والاضطهاد اللذين تتعرض لهما عائلاتهم.

ويضيف “يختلف الأمر بالنسبة للمنشقين اللذين تقيم عوائل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام” لأنهم حسب أيمن لا يخشون من ممارسات النظام على أهلهم، كما أن الحر -وفق أيمن- غالباً ما يؤمّن على أهالي الجنود المنشقين ويضمن وصول المساعدات إليهم، وهذا مايوافق عليه الجندي المنشق عمر، موضحاً أنه اضطر إلى نقل أهله إلى تركيا، حتى يتمكن من متابعة قتاله في صفوف الجيش الحر، ويقول عمر: “تعرضت أسرتي لعدة تهديدات وذلك بعد اعتداء عناصر أحد الحواجز القريبة من منزل أسرتي على والدي، وقام أحدهم بإجبار والدتي على إعداد الفطور لهم، كي يسامحونهم عن سوء تربيتهم لي”..

ويقول:”في عطل آخر الأسبوع كانوا يوقظون أسرتي عند الصباح الباكر ويدخلون إلى المنزل، ويأخذون الطعام الذي يشتهونه”، اعتدادءات عناصر الحاجز المتكررة، وضعت عمر أمام خيارين إما العودة عن إنشقاقه، أو ترحيل عائلته إلى مكان آمن، ولأن ظروفه تسمح، نقل عمر عائلته إلى مدينة غازي عيناب التركية ليتابع عمله في صفوف الحر دون أن يشعر -حسب وصفه- بأي قلق على أمان أسرته.

 

[wp_ad_camp_1]

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.