طفلة-لاجئة-سورية-في-تركيا

CNN– حمدي أولوكايا، 18 كانون الأول 2014.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

ملاحظة المحرر: حمدي أولوكايا هو المدير العام لشركة شوباني التي تُنتج ماركة مسجلة من اللبن يوناني الطراز، ولها شعبيتها.

الآراء الواردة في هذه المقالة هي خاصة به.

CNN – غالباً ما أتعرّض للسؤال _ مثلي مثل الكثيرين من أصحاب المشاريع _ عن أسرار بناء مستقبل مهني ناجح. والنصيحة التي أُقدّمها هي: سواء كنتم في وادي سيليكون ستقومون بإبتكار تطبيقات، أو كنتم في وادي أوناديلا في ريف نيويورك تقومون بصناعة اللبن، فهناك مقومات عديدة مشتركة للنجاح. لكن كل شيء يبدأ بفرصة، سواء كانت فرصة دراسة أو فرصة عمل، أو فرصة لبناء شيء ما أو حتى الفرصة التي يوفرها لك وطن آمن ومجتمع مستقر وبيئة آمنة. تلك كانت جميع الفرص التي تمتعت بها كفتى صغير يعيش في مجتمع كردي شرق تركيا، وكذلك تمتعت بها كشاب قَدِمَ إلى أمريكا مشبعاً بالحلم الأمريكي.

من المؤسف أن أعداد كبيرة جداً من الناس الذين يعيشون في المنطقة التي ترعرعت بها لن يحظوا أبداً بالفُرص التي كانت متاحة لي.

حدثت في الشرق الأوسط تغيرات مثيرة خلال العقد الزمني _ منذ أن بدأت بمشروع شوباني. اجتاحت الصراعات سوريا والعراق، ما أجبر ملايين الناس على الفرار من بيوتهم بحثاً عن ملجأ آمن لهم في البلدان المجاورة.

أرى اليأس يطارد عيون اللاجئين عندما أتابع تقارير عن بلدات مثل كوباني.  تبدو لي وجوههم مألوفة، فهم مثل عماتي وأعمامي وأصدقاء الطفولة. ورغم ذلك، يبدو الخوف في عيونهم مختلفاً جداً. فالحقيقة هي أنه بالرغم من أنني نشأت في ذلك الجزء من العالم الذي يضمهم، إلا أنني لا أستطيع أن أتخيل ما الأمر الذي يجعلك مجبراً على الفرار مع عائلتك وتترك بيتك، ولا تعرف فيما لو ستنجى جدتك من تلك الرحلة، أو سترى ابنتك _على الإطلاق _ ذلك البيت مجدداً.

في الماضي، هبّ العالم للحظة لمواجهة أزمات من هذا النوع. فقد استوعبت عشرات البلدان في جميع أرجاء العالم لاجئين أوربيين في زمن الحرب بين 1940 و 1950. وبالمثل، فقد لقي ضحايا النزاعات في الفيتنام وكمبوديا وشرقي إفريقيا في السبعينيات، وهؤلاء الذين قدموا من دول البلقان في التسعينات، لقي هؤلاء الترحيب بمواطنهم الجديدة في بلدان بعيدة.

لا أستطيع أن أفهم _ مع أخذ كل تلك التفاصيل بعين الإعتبار _ لماذا أصبح الترحيب بسلاح المجموعة الدولية ضعيفاً وبلا روح تجاه آخر أزمة.

خلال مؤتمر الدول المانحة في جنيف، سويسرا، الذي عقد الأسبوع الماضي، كان فقط بإمكان دول أخرى أن يلتزموا باستقبال 38000 لاجئ إضافي من سوريا خلال العام 2015، ذلك بالرغم من أننا نواجه في الوقت الحالي أكبر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية. يوجد الآن أكثر من 50 مليون شخص حول العالم هم لاجئون أو نازحون، سُلِبوا فُرص الحياة بسبب الحرب والكوارث الطبيعية وحالات الإضطهاد.

لذا، أين استجابة كبيري القلوب من الأجيال السابقة؟ هل تحجّرت قلوبنا؟ تركيا لوحدها قد استقبلت خلال ثلاثة أيام أعدد من الناس أكثر من العدد الذي وفره لها المجتمع الدولي لاستقبالهم خلال عام كامل. وبالمثل، فإن كل من لبنان والأردن قد تلقتا أعداداً هائلة من الناس. هذه الدول، ووكالات مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ولجنة الإنقاذ الدولية، التي تقوم بأعمال إستثنائية، تحتاج هذه الدول والوكالات بشدّة للدعم المادي كي تكون قادرة على تأمين المستلزمات الأساسية لهؤلاء الذين هربوا عبر الحدود بحثاً عن الأمان.

كيف يمكن لهكذا معاناة أن تتواجد في الوقت الذي لا تحتاج لتخفيفها سوى قيادة طائرة لبضعة ساعات من الدول الأكثر غنى في العالم؟! وكيف يمكن للكثيرين أن يتمتعوا بحياة الرخاء والوفرة وأكثر من ذلك، وهم على مايبدو غافلون تماماً عن المدى السيء الذي وصلت إليه الأمور، ذلك بالرغم من أن عالمنا يتصف بالترابط كثيراً.

يبدأ السخاء معنا كأفراد. لكن الإحتياجات _في هذه الظروف العصيبة_ هي كبيرة إلى أبعد حد بالنسبة للجهات المانحة _ بشكل خاص _ لتتم تلبيتها، حيث أنهم لم يواجهوا هكذا حالة من قبل.

وإنطلاقاً من هذه الحاجة الملحة للعمل بعقلانية، فأنني كنت مؤيداً قوياً لجهود الأمم المتحدة الفورية للحصول على التجهيزات الشتائية من أجل مخيمات اللاجئين. إنني أيضاً أدعم مبادرة الحملة الجديدة للمساعدة على تقديم حلول طويلة الأمد من أجل الأزمة. ومن المتأمل أن مثل هذه الجهود سوف تساعد صانعي القرار حول العالم على سماع أصوات هؤلاء الذين هم بأشد الحاجة للمساعدة.

سأقوم بالكتابة خلال هذا الأسبوع إلى وزراء خارجية عشرة دول رئيسية، أدعوهم لإظهار قيادتهم والقيام بتنفيذ الإلتزامات التي تعهدوها في السابق. إنها حملة سأواصل متابعتها واستمر بها طالما أنها مستمرة. وأود أن أحث رجال الأعمال من كل أنحاء العالم _ رجالاً ونساءً من الذين أثبتوا قدراتهم على زعزعة الأمور _ على المشاركة والضغط من أجل التغيير، ذلك لمعالجة هذا الظلم.

لذا، وكما أن الكثير منا يستعد لقضاء موسم الأعياد مع الأهل، وخلال الظروف التي يمكن لملايين من اللاجئين فقط أن يحلموا بها، فقد حان الوقت لنرفع أصواتنا سعياً لدفع قادتنا للقيام بأفعال ملموسة.

هذا هو المعنى الحقيقي لأن يكون لدينا قلب إنساني. أن نخطوا للقيام بما ينفع الآخرين، لا أن نصرف نظرنا عن معاناتهم. أن نفتح أذرعنا لضمهم، أن نرفع أصواتنا من أجلهم، وأن ندعو زعمائنا لكي يستيقظوا. وأن نؤدي واجبنا تجاه هؤلاء الأبناء والبنات، الإخوة والأخوات الذين يمثلون جميعهم جزءاً من عائلة إنسانية واحدة.

تماماً كتلك الفرص المباركة التي حصلنا عليها في حياتنا الخاصة، يجب أن نعيد منحهم تلك الفرص وأن نتمناها لهم.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة