آثار_1

هيو نيلور، الواشنطن بوست، 20 كانون الأول 2014.

ترجمة موقع الحل السوري

 

بيروت– لقد عانت المواقع الأثرية الشاسعة في سوريا من الضرر بسبب القصف بالطائرات الحربية التابعة للحكومة، وبسبب قيام مجاهدي الدولة الإسلامية بتدمير الأضرحة الدينية المقدسة. ولكن هناك مضاعفات، ولعل المشكلة تهدد أكثر: نهب الطراز القديم.

وُجِد في تقرير جديد دليل على “النهب واسع الانتشار” في المواقع التي تعتبر بالنسبة لليونسكو مواقع التراث العالمي في سوريا.

بقيت المراكز التجارية لبلاد ما بين النهرين تحت التهديد، وكذلك المدينة القديمة التي تعود 4500 عام مضى، والتي احتضنت آلاف اللوحات المسمارية، بالإضافة إلى بلدة قديمة فيها كنيسة صغيرة ذات مصلى عُرفت بإحتوائها على أقدم رسم تصويري في العالم للسيد المسيح، هذا وفقاً للتقرير الذي صدر الإسبوع الماضي من قبل الجمعية الأمريكية لترقّي العلوم.

ذكرت سوزان ولفن بارجر مديرة جمعية تقنيات الجغرافيا المكانية ومشروع حقوق الإنسان الذي قدم الدراسة، قائلة في بيان: “خلافاً لتحليلنا السابق عن مواقع التراث العالمي في سوريا، فإننا نشهد الكثير من الضرر الذي يبدو نتيجة لعمليات النهب واسعة الإنتشار”.

استند التقرير إلى صور الأقمار الصناعية عن ستة مواقع من أصل 12 موقعاً والتي رفعت في سوريا لمنزلة مواقع التراث العالمي.

أربعة من تلك المواقع تعرّضت لضرر واسع النطاق، وفقاً للنتائج التي جُمعت بالتعاون  مع جامعة بنسلفانيا ومركز التراث الثقافي في متحف بين، ومعهد سميثسونيان.

ثلاثة من تلك المواقع المتضررة تعاني من النهب الذي على ما يبدو أنه تسارع خلال العام الماضي، وفق ما أعلنه التقرير، مستشهداً بصور تُظهر على ما يبدو مركبات التنقيب وآلاف من الحفر حيث تم حفرها من تلقاء من قام بذلك.

هذه الدراسة، والتي سيعقبها تقرير عن الضرر الذي لحق بالـ 6 مواقع أثرية الأخرى المقترحة كمواقع التراث العالمي، ميّزت مدينة دورا أوربوس، المتجذّرة في القرن الثالث قبل الميلاد بأنها المدينة الأكثر تأثراً بالنهب. على الضفة الغربية لنهر الفرات، التي كانت متأثرة بالحضارة اليونانية إضافة إلى الحضارة الفارسية والرومانية، وتضم كنيساً محفوظاً بشكل جيد، ومصلى قديم فيه رسومات للسيد المسيح يُعتقد أنها أُنتجت عام 235 ميلادي.

ولإثبات مستوى النهب الذي وصلت إليه البلاد بعد أربع سنوات من القتال _عملياً_ يضيف التقرير قولاً لـ مايكل دانتي، أستاذ في علم الآثار من جامعة بوسطن:” إن مستوى النهب لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث”. إنه أيضاً المدير المساعد في مدارس أمريكا لمبادرة البحوث الشرقية للتراث السوري، الممولة من قبل وزارة الخارجية لمراقبة المواقع المعرضة للخطر في البلاد.

لقد حصلت مسبقاً ستة مواقع في سوريا على مرتبة التراث العالمي، وقد تعرّض معظمها لأضرار بالغة، ذلك في الاقتتال الدائر بين القوات الحكومية والثوار. ربما الأكثر شهرة هي حلب، حيث تم تحطيم قسم من المسجد الكبير وكذلك القلعة.

يقول تشارلز إي جونز، خبير في عصور الشرق الأوسط القديمة في جامعة ولاية بينسلفانيا: “لقد وصل مستوى دمار المواقع الأثرية في سوريا منذ اندلاع الثورة إلى مستوى فاجع”. مضيفاً أن العديد من المناطق في البلاد تحتوي على تحف يدوية الصنع، “من المستغرب جداً أن يكون هذا قد حصل بينما تتعمق الفوضى وتزداد”.

ووجدت الدراسة الجديدة أنه من المحتمل أن الدمار الملحق بأحد مواقع التراث العالمي الواقع شرقي مدينة الرقة لم يحدث نتيجةً للقتال أو النهب. المدينة التي تأسست عام 300 قبل الميلاد، هي عاصمة لخلافة الدولة الإسلامية المعلنة ذاتياً، والتي تنتشر في سوريا والعراق.

إن دمار البنى في المدينة (الرقة) حصل على الأرجح بسبب هدمها من قبل الدولة الإسلامية والتي تعرف باسم داعش ISIS أو ISIL حسب التقرير.

لقد قامت الدولة الإسلامية بتحطيم كنوز تاريخية في العراق وسوريا، من ضمنها كنائس ومساجد وأضرحة دينية، والتي لا تتوافق مع تأويلها الصارم لسنة الإسلام.

كسبت المجموعة أيضاً من سرقة وبيع المصنوعات اليدوية. ففي العراق، تسيطر الجماعة على أكثر من 4000 موقع أثري، حسب ما يقال.

كما شارك أيضاً سوريون عاديون _مستميتون للمال_ في عمليات النهب، وكذلك فعلت القوات الموالية إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد. حيث قامت عصابات تهريب بخطف وتهريب القطع إلى أوربا وإلى مناطق أخرى.

كتبت أستاذة علم الآثار في جامعة باريس باسكال بوترلين، والتي قضت 20 عاماً في العمل في سوريا، كتبت في رسالة إلكترونية أن نهب المواقع الأثرية في البلد كان “أسوأ كارثة موروثة منذ الحرب العالمية الثانية”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.