جرمانا_0

ليلى زين الدين
شهدت محافظة السويداء العديد من المواجهات بين الأهالي والسلطة ممثلة بالأفرع الأمنية، وكان آخرها الحدث الذي وقع قبل يومين في بلدة المزرعة والذي انتهى بإزالة حاجز تابع للأمن الجوي.
المحافظة التي انكفأت على نفسها مبتعدةً عن مجريات الثورة والصدام المباشر مع السلطة، شهدت عدداً من الأحداث المتفرقة لا سيما خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث سبق وقاد عدد من المشايخ حركة احتجاجية ضد رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء وفيق ناصر مهددين بقتله على أرض الجبل إن لم تتم إقالته، كما استطاع أهالي شهبا تحرير أحد الشبان المعتقلين والمساقين عنوةً للخدمة الإلزامية من فرع الأمن الجنائي.
لكن كل تلك الأحداث لم تفض إلى الآن لقيام انتفاضة حقيقية في السويداء ضد النظام ومؤسساته الأمنية التي لا تستثني المحافظة من أعمال الفساد والرشوة والإساءة للمواطنين والاعتقال التعسفي، حيث قتل في فرع الأمن العسكري ما يزيد عن 25 شاب من أبناء السويداء تحت التعذيب.
ويعتقد البعض أن أبناء الجبل سيدخلون قريباً في مواجهاتٍ مباشرة مع النظام لا سيما أن تلك الأحداث وقعت مع شخصيات دينية في المحافظة ممن لهم مكانتهم في المجتمع، حسب الرأي الذي يقوله أحد ناشطي المحافظة مفضلاً عدم ذكر اسمه، حيث يشير إلى أن بعض أبناء السويداء تظاهروا واعتصموا ضد النظام منذ بداية الثورة لكن بقي السواد الأعظم من أهالي المحافظة صامتاً ومفضلاً البقاء على الحياد لهواجس تتعلق “بذعر الأقليات من التطرف الإسلامي”، لكن الحال اليوم مختلف فالمواجهات تحدث بين عددٍ من الشيوخ والمؤسسة الأمنية بصدامٍ مباشر، وليست مواجهات عابرة لأفراد.
ويضيف الناشط إن السويداء تعاني من ضيق في الحياة المعيشية بسبب الغلاء وضعف الدخل، إضافةً إلى إحساسٍ عام بالتذمر وامتناعهم عن إرسال أبنائهم للخدمة الإلزامية “أكثر من 12 ألف مطلوب لخدمة العلم من أبناء السويداء”، إلى جانب رفضهم لممارسات السلطات الأمنية، كل ذلك يمكن البناء عليه لاحتمال قيام انتفاضة حقيقية ضد النظام في السويداء.
لكن ناشط آخر يعتبر أن السويداء “واقعة اليوم بين فكي كماشة”، فمن جهة ترفض النظام وممارساته الأمنية، ومن جهة ثانية فإن مخاوفها من التطرف الذي عبرت عنه في البداية بالابتعاد عن الثورة بات أمراً واقعاً، ما يرفع وتيرة مخاوف أبناء السويداء من أي صدامٍ مع النظام، أضف إلى ذلك أن المحافظة “تدرك بأنها لن تكون يوماً من الأيام أغلى من محافظة حماه بالنسبة للنظام”، و”هو ما سبق وعبر عنه علي مملوك خلال انتفاضة الجبل في العام 2000”.
من جانبه الصحفي المعارض جديع دوارة يقول إن ما حدث في السويداء هو بلا شك رد على “امتهان الأجهزة الامنية لكرامات البشر”، ورد فعل متوقع من أبناء المحافظة الذين ضاقوا ذرعاً من السلطة التي مازالت تتاجر إعلامياً بحماية الأقليات لكنها في الواقع هي التي تعتدي على حريتهم وكرامتهم وحياتهم، وإزالة حاجز الجوية الذي يربط الريف الغربي للمحافظة بالمدينة، خطوة متقدمة في المواجهة، لأنه لأول مرة ينقل المواجهة إلى نقطة أمنية، ومن المتوقع بأنها ستشجع المجموعات المحلية على المضي في المواجهة أبعد من الحدود المرسومة.
ويضيف دوارة أنه رغم ذلك ستعمل السلطة كما في المرات السابقة على تطويق واحتواء الموقف عبر استخدام ما تبقى لها من أدوات كما مشيخة العقل وحزب البعث وبعض الزعمات التقليدية.
وفي الوقت ذاته يعتبر دوارة أن المنحى العام يتجه نحو التصعيد، فما جرى في مدينة جرمانا سيجد صداه في الجبل والعكس صحيح، وما سبق وطبقه النظام في مرات سابقة لن ينفع اليوم، لأن الاحتقان الشعبي عموماً يتصاعد، ويتغذى ليس فقط على أنباء الشهداء تحت التعذيب (أخر شهيدين منذ شهر تقريباً عماد أبو صالح وأسعد العريضي)، وحملات الاعتقال والخطف والسوق بالقوة للخدمة العسكرية، واستخدام أبناء الجبل كوقودٍ في الحرب ضد أبناء شعبهم، بل أيضاً على أرضية التدهور الحاصل للظروف المعاشية للسكان، والبطالة والفقر وإفلاس النظام في تقديم أي حلول بعد أربع سنوات على بدء الاحتجاجات..

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.