مقاتلو داعش

  CNNبيتر بِرجن وإميلي سكنايدر، 1 شباط 2015.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

ملاحظة رئيس التحرير: بيتر بِرجن هو محلل الأمن القومي لدى الـ CNN ومدير في مؤسسة أمريكا الجديدة ومؤلف “مطاردة: سنوات البحث عن بن لادن العشرة – من 9/11 إلى أبوت أباد”. إميلي سكنايدر هو باحث مشارك في مؤسسة أمريكا الجديدة.

(CNN) قبل خمسة أشهر تقريباً، أعلن الرئيس أوباما متحدثاً من البيت الأبيض إلى شعبه : “إن هدفنا واضحٌ وصريح. سوف نحط من شأن داعش، وسنقضي عليها في نهاية المطاف من خلال استراتيجية شاملة ومستديمة في مكافحة الإرهاب”.

ومنذ ذلك الحين، زوّدت الولايات المتحدة الجيش العراقي بمستشارين في معركته مع داعش، كما قامت بقصف مواقع لداعش. ولكن في مقابلة له مع الـCNN  ، رفع رئيس الوزراء المستقيل تشاك هيغل من احتمال أن قد تحتاج الولايات المتحدة لتوسيع تدخلّها.

سيطرت داعش مجدداً خلال عطلة نهاية الأسبوع على العناوين الرئيسية للصحف، والتغطية الإخبارية للمحطات التلفزيونية حول العالم، ذلك بخبر أن الجماعة قامت بقطع رأس ثاني رهينة ياباني وهو الصحفي كنجي غوتو.

كل ذلك يثير تساؤلاً: كيف يمكن لداعش فعل ذلك في الوقت الذي تتصدى به للحملة العسكرية المُشنّة ضدها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في كل من سوريا والعراق؟ وهل ينبغي على الولايات المتحدة أن تشارك بشكل أكبر في الجبهات الأمامية للقتال، في العراق على الأقل، حيث إن الحكومة تُدفع للضلوع بشكل أكبر في حربها ضد داعش؟

ويؤكد مسؤولون في الولايات المتحدة أن قوات التحالف قد قتلت منذ بدء الحملة أكثر من 6000 مقاتل من داعش.

إن في ذلك خسارة كبيرة عندما تعتبر أن داعش حالياً لديها قوة أساسية مكونة من 9000 إلى 18000 مقاتل، هذا وفقاً لتقديرات الاستخبارات الأمريكية. ويُقدّر مسؤولون أمريكان أيضاً أنه يمكن لداعش الاعتماد على قوى بشرية من جماعات فدائية أخرى فتزداد بذلك قوتهم لتصل إلى حوالي 30000 مقاتل.

قال الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأمريكية الذي يشرف على الحملة ضدّ داعش، خلال الأسبوع الماضي إنه نتيجة لحملة الضربات الجوية ضدها، قامت المجموعة بتنمية “موضوع القوة البشرية”.

وعلى أية حالٍ فإن حقيقة التوازن لقاء هذا هو مواصلة داعش القيام بعمليات التجنيد بمعدلٍ سريع. ففي شهر تشرين الأول، قدّر مسئولون أمريكان أنه يوجد حوالي 1000 مجند أجنبي ينضم إلى داعش بشكلٍ شهري.

وقال الأسبوع الماضي رئيس قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي الجنرال جوزيف لي فوتل في تأكيد منه على أهمية التدفق المستمر للمجندين في صفوف داعش: إنه ومنذ اندلاع الحرب السورية قبل أكثر من ثلاث سنوات، ” قد سافر أكثر من 19000 مقاتل أجنبي من 90 دولة مختلفة إلى سوريا والعراق”.

وفي هذه الحالة، إذا كانت حملة القيادة المركزية الأمريكية تقتل حوالي 1200 مقاتل من داعش كل شهر، وما تزال داعش تستمر وفق التقديرات بتجنيد 1000 مقاتل من دول مختلفة كل شهر _ حتى هذه اللحظة على الأقل _ فإن الحملة ضدهم قد نجحت بدرجة متواضعة فقط.

كما روى هيغل الأسبوع الماضي لستار باربارا (CNN)  أنه قد يكون من الضروري إرسال قوات أمريكية غير محاربة لمساعدة القوات العراقية في الجبهات الأمامية لقتال داعش.

كما أخبر ستار: ” يجب علينا الأخذ بعين الاعتبار كل الخيارات، وأعتقد أنه قد يتطلب الأمر شيءً من الانتشار لبعض من قواتنا في الجبهات الأمامية، لا لتشارك في القتال، ولا لتقوم بالأعمال القتالية التي قمنا بها لمرة واحدة واستمرت لست سنوات في العراق، وفعلناها عدة مرات ولعدة سنوات في أفغانستان، إنما من أجل المساعدة في ضبط الضربات الجوية (تحديد مكان الأهداف).

في الحقيقة، تقديم تعزيز وحدات الرقابة الجوية لدعم دقّة الضربات الجوية الأمريكية والقوات الخاصة الأمريكية الموطّدة مع الوحدات العراقية في الخطوط الأمامية، سوف يكون ضرورياً _ في نهاية المطاف _ إذا ما كان الهدف من السياسة الأمريكية هو القضاء على داعش، بدلاً من اللعب ببساطة لتحقيق التعادل مع الجماعة والذي هو سياسة إدارة أوباما الحالية، بحكم الأمر الواقع.

أطلقت داعش يوم الجمعة هجوماً مفاجئاً على أكبر المدن الكردية في شمال العراق، كركوك، والتي تشكل مفتاحاً لإنتاج النفط العراقي. يبدو الهجوم قراراً إستراتيجياً الهدف منه جرّ المقاتلين الأكراد بعيداً عن الموصل، والتي تشكل قاعدة أساسية لداعش في العراق. فقد سيطرت داعش على ثاني أكبر مدينة في العراق وهي الموصل ذلك منذ شهر حزيران، لكن طوّقت القوات الكردية المدينة في الشهر الماضي.

وأعلنت السلطات الكردية الأسبوع الماضي أنها قطعت خط الإمداد الرئيسي لداعش في الموصل واسترجعت من الجماعة حوالي 300 ميل مربع من الأراضي حول المدينة.

وقد فقدت الجماعة _ إلى ما وراء الموصل _ أراضٍ في مكان آخر من العراق. فقد دفعت القوات العراقية بالجماعة بعيداً عن محافظة ديالي، وهي منطقة هامة بالقرب من بغداد وكذلك أكثر من 1000 ميلاً مربعاً في منطقة سنجار في شرق العراق.

وقد تم _ علاوةً على ذلك _ قتل أعداداً من قادة داعش خلال الضربات الجوية الأمريكية.

وفي سوريا، فقدت داعش الأسبوع الماضي سيطرتها على كوباني، البلدة الصغيرة على الحدود السورية التركية، حيث تركزت العديد من الضربات الجوية بقيادة الولايات المتحدة.

لكن تحافظ داعش عموماً على أرضها في سوريا بالرغم من كل تلك الضربات الجوية. فما يزال ثلث سوريا على الأقل تحت سيطرة جماعة داعش.

وتشير التقديرات إلى أن داعش تسيطر على مساحة يقطنها حوالي 8 مليون نسمة في كل من سوريا والعراق. تدعو داعش نفسها بـ  “الدولة الإسلامية”، وبينما قد يبدو هذا إدعاء صِبية بعض الشيء، لكنه يصبح أكثر منطقية عندما تدرك أن الجماعة تحكم في الوقت الحالي عدد سكان بقدر عدد سكان سويسرا.

 

يكسب الفدائيون حلفاء جدداً رغم العقبات

وفي الوقت ذاته، يستمر تأثير داعش بالتزايد في جميع أنحاء العالم الإسلامي. فقد جذبت داعش عشرات المجموعات الفدائية إلى صفوفها، من الجزائر إلى باكستان، ذلك في الأشهر الستة الماضية.

ولا تضيّع هذه الجماعات الفرعية أيٍّ من وقتها في تنفيذ هجمات باسم الدولة الإسلامية. فقد هاجم مسلحون _ يدعون انتسابهم إلى داعش _ فندق كورنثا في طرابلس الليبية، والذي يفضل ارتياده المسئولون الحكوميين والأجانب، ذلك في 27 كانون الثاني. قتلوا عشرة أشخاص بعد اقتحامهم رواق الفندق وإطلاقهم النار نحو زوار الفندق. وكان من بين الضحاية خمسة أجانب، أحدهم أمريكي.

وقتل _ بعدها بيومين _ 32 شخصاً على الأقل في سلسلة هجمات على الجنود العسكريين والشرطة في سيناء في شرق مصر. وقد أعلنت الجماعة الإرهابية المعروفة باسم محافظة سيناء مسؤوليتها عن الهجمات وتعهّدت بالولاء لداعش في تشرين الثاني.

لقد تطلّبت داعش _ مؤخراً _ مجندين بدرجة أكبر، كما انتقلت إلى مناطق جديدة في اليمن، حيث تنافس هناك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية  ( AQAP ) .

وقال مسؤول يمني متحدثاً إلى الـ CNN  في شهر كانون الثاني إن كادر القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا تزال أعداده تفوق بشكل كبير تلك الأعداد المنتمية لداعش، لكن الانتقال لليمن هو خطوة هامة بالنسبة للجماعة كدولة، حيث أثبتت القاعدة وجودها لأكثر من عقد.

وبالمثل في أفغانستان، في إقليم هلمَند، خلية مكونة من أكثر من 300 مقاتل موالي لداعش، تُقاد من قبل قائد سابق في طالبان الملا عبد الرؤوف خادم.

تشاهد الجماعات المسلحة عبر العالم الإسلامي النجاحات التي قد قامت داعش بتحقيقها إلى حد بعيد في سوريا والعراق وتفضل الانضمام إليها _ تاركة وراءها منظمات تعاني من الاقتتال الداخلي في أغلب الأحيان.

إن المنفعة التي يحصلون عليها مقابل تلويحهم بأعلام داعش السوداء تتضمن انتسابهم إلى الجماعة الإرهابية الأسرع نمواً على الكوكب وذات التقنية الدعائية الصاخبة بالتعامل مع شبكة التواصل الاجتماعي القوية.

من ليبيا إلى أفغانستان، الجماعات المسلحة التي كانت تتطلع إلى القاعدة في السابق للتوجيه، تتطلع الآن إلى داعش لذات السبب.

وأفضل طريقة لعكس هذه الأمور هو أن تشل داعش في العراق، حيث أظهرت الجماعة نفسها على أنها الجماعة الإرهابية الأكثر براعة في التاريخ الحديث، مسيطرةً على مدن مثل الموصل والتي يصل عدد سكانها إلى مليون ونصف المليون نسمة.

إن الحرب المدنية من أصعب أنواع الحروب ومن الصعب أن نتصور أنه بإمكان الجيش العراقي والقوات الكردية أن تعيد فرض سيطرتها على المدينة بنجاح وبدون مساندة خارجية.

وسوف يكون النصر في إعادة سحب السيطرة على الموصل من داعش احتمالاً مرجحاً أكثر إذا ما كان هناك أجهزة تحكم جوية أمريكية تدعم الضربات الجوية ضدّ مواقع داعش وإذا ما عملت القوات الأمريكية الخاصة جنباً إلى جنب مع الوحدات العراقية.

طبعاً، هناك مخاطر مرتبطة بهذه القوات الأمريكية، فقد يقتلون أو يصابون، ولكن هناك أيضاً مخاطر مرتبطة بحقيقة أن سيطرة داعش لمدة أطول على ماسحات واسعة من الشرق الأوسط، والمزيد المزيد من المقاتلين الأجانب من الدول الغربية سوف يتسارعون للتدرّب مع الجماعة وسيسعى البعض منهم لحمل مهاراتهم إلى أوطانهم لمهاجمة الغرب.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.