جون

مايكل هولدن ومارك هوسنبول، لندن/ واشنطن، رويترز. 26 شباط 2015.

ترجمة موقع الحل السوري.

لندن/ واشنطن ( رويتر ) _ لقد تم تحديد هوية القاتل المقنع (الجهادي جون )، الذي تصدّر تسجيلات الفيديو لقيام الدولة الإسلامية بقطع الرأس، على أنه محمد إموازي، وهو خريج برمجة حاسوب، بريطاني، من عائلة ميسورة في لندن، والتي عُرِفت من قبل أجهزة الأمن.

وقد ظهر الفدائي المكتسي بالسواد ملوحاً بسكين ومتحدثاً بلكنة إنكليزية في تسجيلات فيديو صادرة عن الدولة الإسلامية ( داعش)، ويضرب بوضوح عنق رهائن من ضمنهم أمريكان وبريطانيين وسوريين.

استخدم الفدائي البالغ من العمر 26 عاماً تسجيلات الفيديو لتهديد الغرب، وإنذار حلفائه العرب، والتهكم على الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، قبل أن ينكمش الرهائن المتشنجون رعباً في بدلاتهم البرتقالية.

كانت الواشنطن بوست أول من كشف عن اسم إموازي، ذلك نقلاً عن زملاء سابقين مجهولي الهوية. وأكّد مصدران حكوميان، واللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إلى رويترز أن المحققين يعتقدون أن المجاهد جون كان هو إموازي.

أصبح الجهادي جون _ المغطى تماماً باللباس الأسود باستثناء عيناه وعظمة أنفه بينهما، وبيت المسدس المتأبط تحت ذراعه الأيسر _ رمزاً تهديدياً لوحشية الدولة الإسلامية، وأحد أكثر الشخصيات المطلوبة في العالم.

كان الرهائن يسمونه جون، كما قد تم إطلاق لقب البيتلز عليه وعلى بريطانيين آخرين في الدولة الإسلامية.

ولد إموازي في الكويت، لكنه قدم إلى بريطانية بعمر الـ 6 سنوات وتخرج من جامعة ويست منستر حاملاً شهادة برمجة حاسوب، ذلك قبل حضوره إلى دائرة الاستخبارات المحلية البريطانية، MI5، وفقاً لتقرير قدِّم من قبل عاصم القرشي، مدير أبحاث الجمعية الخيرية للمعتقلين التي تدير حملة من أجل هؤلاء المحتجزين بتهم الإرهاب.

وفي مؤتمرٍ صحفيٍ في لندن، أخبر القرشي الصحفيين قائلاً إن إموازي يتحدث اللغة العربية بطلاقة، وقد حاولت الـ MI5 تجنيده، ومنعته بعد ذلك من السفر إلى خارج البلاد، مجبرةً إياه على الهروب للخارج بدون إخباره لعائلته.

وبحسب قول القرشي، فقد سافر إموازي إلى سوريا حوالي عام 2012.

وبينما ما يزال التحقيق مستمراً، لا تقوم الـ MI5 بالتعليق علناً على هوية الفدائيين أو خلفياتهم. ورفضت الشرطة البريطانية كما الحكومة البريطانية تأكيد أو إنكار هوية إموازي ذلك نقلاً عن مباحث الأمن المستمرة بالتحقيق.

وقال متحدثاً باسم كاميرون، والذي طلب من وكالات التجسس والجنود تعقّب القاتل: “نحن لا نؤكد أو ننفي الأمور المتعلقة بالاستخبارات”.

أكثر رجل مطلوب

ازدادت السمعة السيئة لـ ” الجهادي جون ” في شهر آب من العام 2014، ذلك عند ظهور تسجيل فيديو يعرض رجلاً مقنعاً في نوبة من العنف الشديد ضد الولايات المتحدة _ على ما يبدو _قبل أن يقوم بقطع رأس المواطن الأمريكي جيمس فولي بعيداً عن الكاميرا.

وذكرت مصادر استخباراتية أن دوائر المخابرات في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قامت باستخدام مجموعة متنوعة من أساليب التحري بما في ذلك التعرف على الوجه والصوت، وكذلك المقابلات التي أجريت مع الرهائن السابقين للتعرف على الرجل.

ولكن بذل مسؤولو أمن جهوداً كبيرة لتجنب تسمية إموازي علناً، خوفاً من أن يجعل ذلك الوصول إليه وإلقاء القبض عليه أصعب. وقال مصدران من الاستخبارات _ متحدثين شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم _ أنهم كانوا مضطربين بسبب الكشف عن الاسم وإعلانه.

 لم يكن هناك إجابة على اثنين من العناوين التي أدرجت من قبل إموازي على أنها عناوين لمكان سكنه، في غرب لندن. ووصف الجيران الأسرة على اعتبارهم “أناساً عاديين” و”ودودين “.

وقالت فاطمة البقالي: “هذه المرة الأولى التي يحدث فيها شيء من هذا القبيل في هذا الحي”، وأضافت: “يجب علينا أن نكون حذرين الآن. عادةً، أنا أعرف الجميع هنا ولكنني لا أعرف هذه العائلة”.

 “الجهادي جون”

وقال القرشي، من الجمعية الخيرية للمعتقلين والتي تصف نفسها على أنها تشن حملة ضد “الحرب على الإرهاب” لأكثر من عقد من الزمن، إنه وبالرغم من عدم التمكن من التأكد من أن إموازي هو جون، إلا أنه كان هناك بعض “التشابهات المميزة “. وامتنع عن الخوض في التفاصيل.

وفي لقاء مع الصحفيين في لندن، رسم القرشي صورة لشاب لطيف ومفكر، واجه مضايقات من الـ MI5، والذي يشتبه _ في ما يبدو _ أنه يريد الانضمام إلى حركة المقاومة الإسلامية الصومالية “حركة الشباب”.

وربطت السلطات البريطانية إموازي بمتشدد آخر قتل في الصومال في غارة جوية لطائرة أمريكية بدون طيار.

وقال شخصٌ في حوزته حكم للمحكمة يفيد بأن حكماً قضائياً بريطانياً صدر بتاريخ كانون الأول 2011، يقر بأن إموازي كان شريك لبلال البِرجاوي، وهو زعيم أكبر مجموعة فدائية مرتكزة في الصومال وهي حركة الشباب.

لم ترى رويترز حكم المحكمة الأصلي. إنما ذكرت تقارير إعلامية أنه قام بالمساعدة في الإشراف على تجنيد وتدريب أعضاء جدد في حركة الشباب.

وقال القرشي أن الجواسيس البريطانيين حاولوا تجنيد إموازي كمصدر، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل.

وتحدث القرشي إلى المراسلين قائلاً: “هناك شخصية واحدة وهي التي أتذكرها، شخص رحيم واحد والذي أتذكره، وبعدها رأيت تلك الصورة، ولا يبدو لي أن يكون هناك ارتباط بين الاثنين”.

وفي بريد الكتروني أرسله إموازي للجمعية الخيرية للمعتقلين قال فيه: “أنا أشعر أني سجين في لندن، أنا فقط لست في السجن”.

كان يشعر كأنه “شخص محبوس ومسيطر عليه من قبل رجالات جهاز الأمن، – الأمر الذي – يمنعني من العيش في حياتي الجديدة في مسقط رأسي وبلدي الكويت”.

وذكرت الجمعية الخيرية أن إموازي كان قد احتجز في تانزانيا، حيث كان قد ذهب في رحلة سفر مع صديقين له في شهر آب من العام 2009.

تم ترحيله إلى أمستردام والتحقيق معه من قبل الـ MI5 وضابط استخبارات هولندي، وأُعيد بعدها إلى بريطانيا، وفقاً لما قاله القرشي.

لم تتمكن رويترز من التحقق على الفور من صحة الرواية للأحداث التي قدمتها الجمعية الخيرية، والتي أثارت انتقادات لإبعادها مسؤولية الجرائم عن إموازي.

وقال شيراز ماهر، وهو زميل في المركز الدولي لدراسات التطرّف، كلية الملك في لندن : “أعتقد أن هذه محاولة لصرف الانتباه عن الجهادي جون”.

وأضاف متحدثاً إلى سكاي نيوز: “إنهم يريدون بهذا إلقاء اللائمة عند أقدام الحكومة البريطانية”.

وقالت الجمعية الخيرية _ التي تعمل أيضاً مع عائلة مايكل أدِبولاجو، المسلم المختفي والمتواطئ في مقتل جندي بريطاني في لندن في شهر أيار من العام 2013_ إن كلا الرجلين كانا ضحايا الضغوط التي لا داعي لها من قبل الأجهزة الأمنية.

ولم تكن أجهزة الأمن البريطانية MI5 متوفرة حينها للرد على هذه الإدعاءات. وقد برهنت الـ MI5 للمشرعين البريطانيين أنه إذا ما قامت بالرد على الإدعاءات بشأن سعيها لتجنيد أدِبولاجو، فإنها بذلك تضر بالأمن القومي.

وقالت كل من لجنة الاستخبارات البريطاني وأمن البرلمان البريطاني العام الماضي أن الـ MI5 قامت بالتحقيق خمس مرات مع أدِبولاجو، اثنتين منهما كنت بأولوية عالية، ولكنها لم تجد أية أدلة على وجود تخطيط للقيام بهجوم.

وقالت اللجنة إنها لم تجد أية أدلة على أن MI5 قد قامت بالتضييق على أدِبولاجو.

وبحسب القرشي، فإن إموازي ترك بيت والديه وتسلل إلى خارج بريطانيا، ذلك بعد أن أصيب بالإحباط بعد ثلاث محاولات فاشلة للعودة إلى الكويت، وبعد تغيير اسمه إلى محمد العيان.

وبعد أربعة أشهر، زارت الشرطة بيت العائلة لتخبرهم أن لديها معلومات تفيد أنه دخل إلى سوريا. كانت عائلته تعتقد أنه في تركيا يقوم بأعمال إغاثة.

تصدّر “المجاهد جون” تسجيلات الفيديو الشنيعة للدولة الإسلامية، والتي يظهر فيها إما القتل أو جثث الضحايا، من ضمنها الأمريكيون جيمس فولي وستيفن سوتلوف وبيتر كاسينج، والبريطانيين ديفيد هانيز وآلان هينينغ، والياباني كينجي غوتو وأكثر من 20 جندي سوري.

(كتبها غاي فولكن بريدج، وشارك بالتغطية مارك هوسنبول في واشنطن وكاتي هولتون في لندن، حررها ستيفان أديسون وبيتر ميلرشيب وجيلسي إلكود ).

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة