بيروت

بيروت ـ رامز أنطاكي

دعا المنتدى الاشتراكي إلى المشاركة في الاعتصام التضامني والحفل الفني بمناسبة مرور 4 سنوات على انطلاقة الثورة في سورية، يوم الأحد 15 آذار في ساحة الشهداء وسط بيروت “للتأكيد مجدداً على حق هذا الشعب، وكل شعوب المنطقة، بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.

الاعتصام الذي شارك فيه أكثر من 200 سوري وفلسطيني ولبناني وبعض الأجانب أغلبهم من الجامعة الأميركية في بيروت، امتد من الساعة الثالثة من بعد الظهر إلى قرابة الخامسة وتلي فيه بيان للمنتدى الاشتراكي الذي يعرف عن نفسه بأنه تجمع للماركسيين الثوريين في لبنان، تضمن تلخيصاً لأحداث الثورة التي بدأت سلمية وجوبهت بالرصاص، والوعود الإصلاحية الكاذبة، والتحول إلى التسلح فعفو النظام عن المتطرفين وإخراجهم من سجونه، أما “أنظمة الخليج… فدعمت المتطرفين لإبعاد خطر الثورة عنها”، كما تطرق البيان إلى طريقة “النظام اللبناني السيئة” في التعامل مع اللاجئين السوريين، وإلى تضامن المنتدى مع اللاجئين في سبيل خمس مطالب أساسية هي وقف تدخل جميع القوى اللبنانية في سورية، وإلغاء قرار تأشيرة الدخول “العنصرية” بحق السوريين، ومحاربة الخطاب العنصري وفضح فساد المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية “الناهبة للمساعدات المخصصة للاجئين”، وتوفير الحقوق والخدمات البديهية للاجئين، وأخيراً الضغط على البلديات لإيقاف القرارات “العنصرية” بحق السوريين كقرار منع التجول.

شهد الاعتصام أيضاً مشاهد تمثيلية تعبيرية شبه صامتة بعنوان “يا حرية” تحكي مراحل من الثورة السورية أداها عدد من السوريين والسوريات غلبت عليهم الفئة الشابة، وتضمنت تصويراً لمطالبة الجماهير بالحرية وإسقاط النظام والقمع والعنف الذي مورس بحقها، وأدى إلى الصراع بين مكونات الثورة بمرور الوقت. ورفعت لافتات عديدة ذيلت بتوقيع المنتدى الاشتراكي والنادي العلماني في جامعة بيروت الأميركية، تنوعت محتوياتها من إدانة القمع والمطالبة بحرية المعتقلين و”إسقاط النظام والائتلاف والخلافة والولاية والهلال”، إلى رفض جبهة النصرة وتنظيم داعش، مروراً بإدانة خطف الثوار في إشارة إلى جيش الإسلام بقيادة زهران علوش وفق ما قاله الشاب حامل اللافتة، بالإضافة إلى هذه اللافتات تضمنت أخرى شعارات موجهة للمواطنين اللبنانيين مفادها أن مشكلة اللبنانيين ليست مع اللاجئين بل من جعلهم يضطرون إلى اللجوء، وأخرى تقول: “ما في بعبع سوري بلبنان، في بعبع لبناني بسورية”.

المعتصمون غنوا وهتفوا ضد النظام السوري “حرية للأبد غصباً عنك يا أسد”  بينما اصطفت قربهم أسفل نصب الشهداء رسومات ملونة لأطفال سوريين تمثل موضوعات ذات علاقة بموضوع الاعتصام، وعلم الثورة كان موجوداً بكثافة في ظل فضول لعابرين لبنانيين شد انتباههم الحشد الصغير المحاط بعناصر الدرك اللبناني الذي تزود بعضهم بالعصي المطاطية والدروع، كما كان تواجد لجنود الجيش اللبناني بقيادة ضابط استدعى إحدى الفتيات ممن يقمن بالتقاط الصور وأطلع على ما صورته، رغم أن كاميرات التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني كانت تملأ المكان.

ختم الاعتصام بمجموعة من أغاني الراب التي أدتها مجموعة من المغنيين السوريين والفلسطينيين واللبنانيين هم: الراس، رائد غنيم، سيد درويش، فتحي رحمة، وتر، يزن الأصلي. وقد تحدثت كلمات الأغاني عن موضوع الاعتصام وحال اللجوء وقساوة الاستبداد ووحشيته وعن التدخل الأجنبي ومطامعه، لكن بعض الأغاني تضمنت بعض التعابير النابية التي أثارت استياء معتصمين عديدين، خاصة ممن اصطحبوا أطفالهم إلى الاعتصام.

فتحي رحمة يقول أنه شارك في الاعتصام غناءً كي لا ينسى من يقيم في لبنان من السوريين والفلسطينيين ما يجري في سورية، وكي لا يتعايشوا مع فكرة اللجوء، فصحيح أنهم لاجئون فعلياً ولكن “هذه ضرورة المرحلة وهذا حقهم ولكن ليس من حقهم أن ينسوا”، وانتقد رحمة النمطية التي تسود تجمعات السوريين في شأن الثورة، قائلاً إن الذكرى الرابعة يجب أن لا تمر فقط عبر اعتصام وهتاف وغناء، كما عبر عن استيائه من قلة المشاركين في الاعتصام بينما شوارع السهر في بيروت مليئة بالسوريين.

من جهة أخرى قالت الشابة السورية رواد أن الوجوه ذاتها تقريباً هي التي تشاهد في المناسبات التي تجمع السوريين المعارضين لنظام الأسد في لبنان، وأن مستوى التنظيم لحدث مماثل مؤسف جداً، لكنها عبرت عن سرورها بلقائها مواطنين سوريين وفلسطينيين ولبنانيين يشاركونها الرأي والحماس ويبعثون في نفسها الأمل والقدرة على الاستمرار.

الاعتصام الذي انعقد رغم المخاوف من الغاءه نظراً للاعتصام الذي نفذه أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين في المكان نفسه قبل ساعات من موعد الاعتصام المخصص لذكرى الثورة السورية جوبه بانتقاد بعض السوريين الذي قالوا أنه من غير المقبول “الاحتفال بذكرى الثورة بينما هناك يموتون في الداخل قصفاً وجوعاً تحت الحصار”، وقد وردت أجوبة قيل بعضها عبر مكبرات الصوت مختصرها أن التضامن مع هذه الحالات لا يعني عدم إحياء ذكرى الثورة.

وقالت الصحفية اللبنانية ديانا مقلد التي كانت بين المعتصمين في تصريح صحفي: “نحن موجودون هنا ضد نظام الأسد وضد داعش وضد النصرة وضد كل المجموعات المسلحة الدموية الموجودة، ولتوجيه تحية لرزان زيتونة وسميرة الخليل ومازن درويش وأسماء كثيرة”، مشيرة إلى أن ما يجري اليوم هو مناقض للمطالب التي خرجت بها الثورة.

على الرغم من ألم اللجوء وهمومه والبعد عن الوطن الذي تشهد أرضه مآسي غير معهودة من قبل، اجتمع سوريون كثر في ساحة الشهداء التي كانت واحدة من الأماكن التي شهدت أسخن وأشد الاشتباكات خلال الحرب الأهلية اللبنانية ليحيوا ذكرى ثورة يرفضون أن يتخلوا عنها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.