ثورة

أعدّ الملف فريق عمل موقع الحل السوري.. (أشرفت عليه لانا جبر من بيروت، ونبيل محمد من اسطنبول ـ تحرير الأشكال م. عمران نجار)

يحاول الملف الوارد أدناه نقل أهم النتائج التي وصلت إليها مجمل القطاعات في سوريا، وأهم الأرقام التي ولدت من رحم الحرب، بدءاً من انطلاق الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد منتصف آذار 2011، ووصولاً إلى ما نحن عليه الآن، وتتصف تلك الأرقام الواردة بمحاولة توخي الدقة، كون الحصول على أرقام دقيقة تماماً أمر مستحيل في ظل تعمية الوقائع الحاصلة في سوريا، ومنهجية تغييب النتائج الممارسة بالدرجة الأولى من قبل النظام السوري الحاكم، كما أن مجمل المؤسسات التي اتكأ على أرقامها الملف كانت تصدر قيماً تقريبية لصعوبة تقييم الوضع بشكل مباشر، واستحالة دخول فرق الدراسات والتقييم إلى غالبية الجغرافيا السورية.. (نسبة الخطأ في أرقام هذا الملف قدرها المشرفون عليه بـ 1.6% وذلك بعد جملة مقارنات وتحليل بيانات واطلاع على دراسات سابقة، وملاحظة اختلاف الأرقام والتقديرات بين المراكز الدراسية والبحثية والمنظمات ووسائل الإعلام).

أربع سنوات لم يختلف فيها محللو السياسة، ومنظرو الثورات، والمؤرخون، وفلاسفة التاريخ المعاصر، على أن النظام السوري برئاسة بشار الأسد، استطاع تحويل الأرض السورية بمختلف أرجائها إلى ساحة معركة شاملة، تم استخدم كافة الأسلحة خلالها، سواء ما هو مشرعن أو محرم دولياً، وما هو تقليدي أو استثنائي، لتصبح المدن السورية نماذج لكارثة إنسانية عظمى تقف مجمل منظمات المجتمع الدولي شبه عاجزة أمام نتائجها، بل وتزداد صورة الصراع ضبابية، بعد نشوء تنظيمات جهادية تمارس الإرهاب بحق المدنيين، وبعد شن حرب دولية ضد هذه التنظيمات، التي كان منشؤها بطريقة أو بأخرى عائداً للممارسة العسكرية التي انتهجها النظام السوري دون رادع دولي واضح.

حوالي 200 ألف سوري قتلوا خلال الحرب

(تختلف أرقام الضحايا المدنيين والقتلى العسكريين خلال أربع سنوات في سوريا، وفقاً لمراكز الإحصاء والدراسات والمنظمات التي حاولت توثيق الأعداد، ليكون رقم 200 ألف متوسطاً بينها، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان يبدو الأكثر تفصيلاً في تلك الأرقام، وهنا لا ندّعي أنه الأكثر مصداقية، فهو يخضع للكثير من التشكيكات، إلا أن أرقامه تقارب منظمات دولية من المعتاد الاتكاء عليها في مثل هذه الدراسات).

ضحايا الحرب

في آخر إحصائية حول الخسائر البشرية التي لحقت بالسوريين منذ 18 آذار عام 2011، حيث سقط أول ضحايا قمع الثورة في درعا، وحتى آذار عام 2015، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 215518 شخصاً، بينهم  102831 مدنياً، و10808 طفلاً، و6907 أنثى فوق سن الثامنة عشر.

الضحايا حسب العمر

أما بالنسبة للمقاتلين، فقد أوضح المرصد مقتل 36722 عنصراً من مقاتلي الكتائب التابعة للمعارضة، وهناك 2505 عنصراً منشقاً عن الجيش النظامي لقوا مصرعهم أيضاً، فيما قتل 46138 عنصراُ من الجيش السوري النظامي، في حين قتل 30662 عنصراُ من الميليشيات السورية التي تقاتل إلى جانبه، ومنها الدفاع الوطني والشبيحة.

القتلى العسكريون السوريون

وبيّن المرصد أن هناك 26834 مقاتلاً أحنبياً قتلوا أيضاً أثناء قتالهم تحت لواء الكتائب الإسلامية الجهادية المقاتلة في سوريا، ومنها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، وجنود الشام وجند الأقصى وتنظيم جند الشام والكتيبة الخضراء.

كما قتل 674 مقاتلاً من ميليشيا حزب الله اللبناني خلال المعارك بسوريا، ووصل عدد القتلى من العرب والأجانب (من العراق، وإيران، وأفغانستان، واليمن بالدرجة الأولى)، الذين يقاتلون في صفوف النظام إلى 2727 مقاتلاً.

قتلى مسلحون (سوريون وأجانب)

ولفت المرصد إلى أن هذه الأرقام لا تشمل أكثر من 20 ألف مفقوداً لا يعرف مصيرهم داخل معتقلات النظام وأجهزته الأمنية، والآلاف الذين فقدوا خلال اقتحام النظام للعديد من المناطق السورية، بالإضافة إلى وجود نحو 7000 أسير من قوات النظام والمقاتلين في صفوفه، و2000 مختطف لدى الكتائب الإسلامية، و1500 مقاتل مفقود من مختلف الفصائل الإسلامية وغير الإسلامية، بما فيها وحدات حماية الشعب الكردية الذين أسروا خلال المعارك، كما لا تشمل 4000 مختطف من المدنيين والمقاتلين في سجون تنظيم الدولة الاسلامية بينهم المئات من أبناء عشائر ريف دير الزور، وبذلك يرجح المرصد أن يكون “العدد الحقيقي” للذين قتلوا خلال الحرب السورية يزيد عن 200 ألف سوري، و 30 ألف أجنبي.

ومن جانبها كانت قد قدرت الأمم المتحدة في آب من العام الماضي عدد القتلى في سوريا منذ آذار 2011، بـ191000 شخص، في وقت كان نشطاء حقوقيون يرون بأن العدد يتجاوز الـ  200000 شخص.

أكثر من 200 ألف معتقل و108 أطفال قضوا في المعتقلات

تعتبر أزمة المعتقلين من أكثر الأزمات صعوبة في سوريا، سواء بالنسبة لمعتقلات النظام، أو في سجون بعض فصائل المعارضة، لأنه غالباً ما يصعب توثيق أعدادهم، وسرعان ما يتحولون إلى مفقودين عندما ترفض الجهات المسؤولة عنهم الاعتراف بوجودهم في سجونها، إلا أن هذه الازمة إنما تتفاقم في سجون النظام وأفرعه الأمنية، فهناك الآلاف من المعتقلين يتحولون إلى وفيات تحت التعذيب في ظل تعتيم متعمّد عن أعدادهم.

وفي أرقام صادرة عن أحد الحقوقيين في مركز توثيق الانتهاكات فإن الأعداد التقديرية للمعتقلين تشير إلى أن هناك نحو 200 ألف معتقل، ما لايقل عن 15 ألفًا منهم قضوا تحت التعذيب في سجون النظام، وهنالك ما لايقل عن 1500 طفل وطفلة تعرضوا للاعتقال التعسفي، وما لايقل عن 1700 امرأة.

 وبدوره فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان، رأى أيضاً أن هناك 200 ألف معتقل في سجون وأقبية فروع مخابرات النظام السوري، قتل منهم  12751 معتقلا خلال الأربع سنوات، من بينهم 108 أطفال دون سن الثامنة عشرة.
ولفت المرصد إلى أن هذه الأرقام لاتشمل المفقودين الذين تصل أعدادهم إلى  20 ألف مفقود لدى النظام.
ومن جانبها، قدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حصيلة المعتقلين في سوريا بما لا يقل عن 215 ألف حالة، من بينهم قرابة 6580 امرأة، إضافة إلى ما لا يقل عن 9500 طفل، مبينة أن أعداد المختطفين قسرياً تجاوزت 85 ألف شخص.

وأوضحت الشبكة أن عام 2014 شهد تصاعداً في استهداف القوات الحكومية للفئة العمرية ما بين (22 – 40عاماً)، ونفذت قوات النظام حملات اعتقال جماعية للشبان من أجل استخدامهم في التجنيد الإجباري للقتال في صفوفها.


كل يوم يموت خمسة معتقلين تحت التعذيب

وحول التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، أكدت الشبكة أنه لا يكاد يمر يوم تقريباً دون أن يسجل فريقها مقتل 5 معتقلين بسبب التعذيب، وذلك كمعدل وسطي، وأن أشد الأفرع الأمنية ضراوة في عمليات التعذيب، هو فرع المخابرات العسكرية 215، وسجلت الشبكة، مقتل 11427 شخصاً تحت التعذيب، من بينهم 94 طفلاً، و32 سيدة، لتصل نسبة  نسبة المدنيين المتوفين في سجون النظام 96٪ من بين إجمالي ضحايا السجون.
كما أشارت الشبكة إلى أن قوات النظام استخدمت أسلوب الاعتداء الجنسي، بحق النساء المعتقلات منذ عام 2011، واستمر ذلك في عام 2015 أيضا بصورة ممنهجة ومتعمدة، على حد وصفها.

أعداد المقاتلين على الأرض السورية

وتحولت الأرض السورية إلى ساحة معركة كبيرة انضم إليها مئات الآلاف من المقاتلين  في صفوف أطرف الصراع المختلفة، سواء سوريين منهم أو أجانب.

وحسب إحصائية نشرها معهد بروكينغز الأميركي في دراسة أعدها الخبير في شؤون المنطقة تشارلز ليستر، والتي تحدث خلالها عن أعداد المقاتلين سواء في صفوف النظام والمعارضة، فقد بين بدايةً أن أعداد المقاتلين في صفوف الجيش السوري النظامي وقبل الأحداث كان يبلغ 295000 عنصراً قتل منهم خلال النزاعات بمختلف المناطق 36000، بينما أصيب 108000 عنصراً، في حين انشق عنه 50000، وبذلك تستخلص الدراسة أن عدد المقاتلين في صفوف الجيش النظامي يقارب اليوم 125000 جندياً.

مقاتلو الجيش النظامي

وتابعت الدراسة أن هناك أيضاً ما يقارب الـ 100.000 ألف مقاتل من ميليشيا الدفاع الوطني انضم إليهم الشبيحة، يقاتلون  إلى جانب الجيش النظامي.

أما بالنسبة للميلشيات المقاتلة إلى جانب النظام، والتي بات لمقاتليها دور بارز في الصراع بسوريا، فإن  الاحصائيات تشير إلى وجود  15 ميليشيا على الأقل منهم باكستانيون وأفغان، حوثيون يمنيون وبحرينيون، ولبنانيون وعراقيون، ومن أبرز تلك الميليشيات، حزب الله اللبناني ولواء أبي الفضل العباس، حيث قدّر مراسل صحيفة غارديان في الشرق الأوسط أعداد المقاتلين في تلك الميليشيات بـ  30000 مقاتل.

وعن أرقام المقاتلين في صفوف تلك الميليشيات فتبين دراسة تشارلز ليستر السابقة، أن أعداد عناصر حزب الله في سوريا تترواح بين 3500 إلى 7000 عنصراً، في حين هناك خبراء في الشأن السوري يرون أن أعدادهم تفوق ذلك بكثير، وهي تترواح بين 7000 إلى 10000 مقاتل، إلا أن كل المصارد تجمع بأن هذا الحزب من أكثر الميليشيات قرباً من النظامين السوري والإيراني، كما أن عناصره هي الأكثر تدريباَ وتسليحاً خارج إيران.

وعلى اعتبار أن إيران اللاعب الأبرز في دعم النظام السوري منذ بداية الاحتجاجات ضده عام 2011، فإن دور للحرس الثوري الإيراني بات يتضح بشكل جلي في النصف الأول من عام 2013، حيث كانت أولى الجنازات الرسمية لقتلى من الحرس الثوري الإيراني في سوريا. حسب ما نقلت وكالة أنباء رسا الإيرانية، حين قتل عميد في الحرس الثوري خلال معارك مع المعارضة قرب ضريح السيدة زينب في محيط دمشق، وفي هذا الإطار قدرت وكالة رويترز للانباء أن القوات الإيرانية في سوريا تتراوح ما بين 60 إلى 70 ألفًا.

ومن جانبها قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن تعداد عناصر تلك المجموعات وصل إلى 35 ألف مقاتل، توزعوا على المناطق الساخنة، وارتكبوا العديد من “الانتهاكات والمجازر”، حيث بينت  الشبكة في تقريرها أن أهم مناطق نفوذ تلك الميليشات هي حمص وريفي دمشق وحلب، والتي كانت الأكثر “تعرضا لمجازر” من دون أن تخفي أن عمليات توثيق المجازر التي تحمل صبغة طائفية تعتبر من أشد عمليات التوثيق صعوبة.

متهربون عن خدمة في الجيش النظامي

ومع خسارة الجيش النظامي لأعداد من جنوده في المعارك الدائرة بمختلف المناطق السورية، فهو يعمل لتعويض النقص في صفوفه عن طريق سوق الشبان إلى خدمة العلم الإلزامية، بالإضافة إلى السوق للاحتياط للذين أنهوا خدمتهم سابقاً، حيث تقدر صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقرير أصدرته في كانون الأول من العام الماضي، نقلاً عن معهد دراسة الحرب الأميركي، أن أعداد الجنود في الجيش النظامي قد انخفض إلى أكثر من النصف منذ بدء النزاع، إذ تراجع أفراده من حوالي 325 ألفاً إلى 150 ألفاً بسبب الخسائر والانشقاقات وتزايد حالات الفرار من صفوفه.

وبالتالي بات الطلب إلى الخدمة كابوساً يلاحق الشبان بمختلف أعمارهم، وهو ما يدفعهم للفرار إلى خارج سوريا، ومع غياب الإحصائيات الرسمية لأعداد الفارين، فإن نسبة الفارين منهم وفقاً لضابط في إدارة التجنيد العامة المعنية بتنظيم الدعوة إلى خدمة العسكرية في سوريا، بلغت حوالي 65% في إحدى الدورات، وهي تتفاوت بين منطقة إلى أخرى، مشيراً إلى أن متوسط النسبة الإجمالي على مستوى المحافظات بلغ 70% بالنسبة لذوي التعليم المتدني، وحوالي 60% لذوي لتعليم المتوسط والعالي، وهو ما يرتفع في المحافظات التي تشهد مواجهات عسكرية، مثل إدلب، (حوالي 90%) .

في حين تتداول مصارد أخرى أن هناك مئات الآلاف من الشباب مطلوبين إلى الخدمة العسكرية، منهم حوالي  60% من الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، هم طلاب جامعات تركوا دراستهم، لأنهم باتوا مطلوبين.

فصائل المعارضة

وبالنسبة للمقاتلين إلى جانب المعارضة فهم ينقسمون إلى متشددين ومعتدلين، كما انضم إليهم مقاتلون أجانب من دول أوربية وعربية مختلفة، وحسب دراسة تشارلز ليستر الأميركية، فيبلغ عدد مقاتلي المعارضة بين 100000 و120000 بينهم حوالي 20000 إلى 25000 عنصراً منضمين إلى جماعات جهادية، بينما  هناك 7000 إلى 10000 مقاتل أتوا من 78 دولة، حيث يتوزع المقاتلون المعارضون بكل أعدادهم على أكثر من 1000 فصيل مسلح، وبحسب  الدراسة فإن أكبر تحالف للمعارضة هو الجبهة الإسلامية التي تضم بين 5000 إلى 6000 مقاتل.

ويعتبر الجيش الحر أول الفصائل المعارضة في سوريا التي تشكلت من منشقين عن الجيش النظامي، حيث بلغت أعدادهم  40000 جندي في شهر  أيلول عام 2011، وذلك حسب تصريحات رئيس أركان الجيش السوري الأسبق رياض الأسعد، لتشكل الفرق المنشقة حركتي الضباط الأحرار، والجيش الحر، بهدف حماية المدنيين.

وتنقسم اليوم فصائل الجيش الحر، إلى تلك التابعة لهيئة أركان في الحكومة المؤقتة، وتضم عدة ألوية يتألف كل لواء من مجموعة من الكتائب حيث تغيب أرقام المقاتلين في صفوفها اليوم، إضافة إلى ألوية أخرى.

كما تعتبر جبهة النصرة المعارضة والمرتبطة بتنظيم القاعدة الجهادي من الفصائل صاحبة الدور في المعارك الدائرة في كثير من المحافظات السورية، حيث تضم في صفوفها سوريين بالإضافية إلى والأفغان والشيشان والأتراك والعرب وتنتشر بكثرة  في ريف إدلب وريف دمشق ودرعا والقنيطرة، حيث يبلغ  المقاتلين تحت  لوائها نحو 3000 مقاتل.

تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)

يقاتل إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية والذي يعتبر من أكثر الفصائل تشدداً على الأرض آلاف المقاتلين جلهم أجانب، فقد قدرت  وكالة الاستخبارات الأمريكية في أيلول من عام  2014  أن عدد المسلحين في صفوف التنظيم يترواح بين 20 و30 ألف مقاتل، منتشرون بين العراق وسوريا.

في حين أوضح المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، أن نحو 5000 مقاتل انضموا إلى تنظيم “داعش” في الفترة من شهر تشرين الأول من عام 2014 إلى كانون الأول من 2015، ليصبح عدد المنضمين إلى التنظيم من 80 دولة، قرابة 20000، مقارنة بـ15000  سابقاً.

ويكشف التقرير الموثق بالأرقام أنّ للغرب الحصة الأكبر  من المهاجرين للقتال في صفوف التنظيم خلال الفترة ذاتها، حيث كانت أعداد المقاتلين من الشرق الأوسط قليلة  في الوقت الذي تنعدم فيه أي زيادة قادمة من دول الخليج، ودول شمال أفريقيا باستثناء ليبيا التي تدفق منها إلى التنظيم 44 مقاتلا، في حين سجلت فرنسا الرقم الأكبر من المنتسبين للتنظيم بـ1200 مسلح.

وقدّر تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز عدد مقاتلي التنظيم في سوريا حتى عام 2014 يتراوح ما بين  ستة وسبعة آلاف مقاتل، وفي العراق بما بين خمسة وستة آلاف.

الوضع الإنساني في سوريا: 82.5 % من السوريين يعانون من الفقر

ازدادت في السنوات الماضية معدلات الفقر بين السوريين فالآثار الاقتصادية كان لها وقع كارثي على شريحة كبيرة من الأسر، من توقف عجلة الصناعة، إلى تدهور قيمة الليرة السورية، بالإضافة إلى فقدان جزء كبير من المدنيين لمنازلهم، وتوقف الأشغال، وارتفاع معدلات البطالة، حيث بينت دارسة أطلقها المركز السوري لبحوث السياسات في دمشق بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالة الأونروا، أن هناك 82.5 %من السوريين يعانون من الفقر حتى نهاية 2014، مقابل 64.8 % خلال عام 2013، حيث تختلف معدلاته بين محافظة وأخرى.

وخلصت الدراسة التي تهدف إلى تحليل الآثار الكارثية للنزاع المستمر في سوريا، إلى أن أقل المحافظات السورية فقراً هي اللاذقية تليها السويداء ودمشق، في حين أن أكثرها فقراً هي الرقة وإدلب ودير الزور وريف دمشق وحمص، التي يعاني سكانها من معدلات فقر مرتفعة، كما وصفت الدراسة.

ووصلت نسبة من يعانون من الفقر الشديد 46.7 %حتى نهاية 2014، بمقابل 40.9% خلال عام 2013، وتبين التقديرات الحديثة أن من بين كل خمسة أشخاص هناك أربعة فقراء، كما أن نصف السكّان تقريباً يعيشون حالة الفقر الشديد، إذ لا يستطيعون تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية.

كما بيّن المركز السوري لبحوث السياسات، أنَّ معدل البطالة في سوريا وصل نهاية العام الماضي إلى نسبة 57.7 %، إذ فقد نحو 2.96 مليون شخص عملهم، وهو ما حرم أكثر من 12 مليون شخص من مصدر دخلهم الرئيسي، وقالت الدراسة إن ذلك دفع كثيراً من الشبان للانضمام إلى شبكات وفعاليات ذات صلة مباشرة بالنزاع المسلح، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة.

بين لاجئ ونازح.. أكثر من 12 مليون سوري بحاجة للمساعدة للبقاء على قيد الحياة

ولا يخفى أن تفاقم الأوضاع الإنسانية في سوريا جراء القصف والدمار بالإضافة إلى الفقر، دفع أعداداً كبيرةً من السوريين إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى داخل سوريا أو اللجوء إلى دول الجوار كالأردن ولبنان وتركيا، حيث يشكل السوريون الآن أكبر عدد من اللاجئين في العالم ممن ترعاهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ومن جانبها، حذّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين  في بيان صارد عنها قبل عدة أيام، أنَّ هناك ملايين اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة لسوريا، بالإضافة إلى النازحين داخل سوريا يعيشون في ظروف “يرثى لها”، وهم يواجهون مستقبلاً ” أكثر بؤساً في ظل غياب الدعم الدولي اللازم لهم”.

ورأت المفوضية أن اللاجئين السوريين “كبش فداء” لمشاكل كثيرة، من الإرهاب إلى المصاعب الاقتصادية، وينظر إليهم على أنهم يشكلون تهديداً لحياة المجتمعات المضيفة لهم، إلا أن التهديد الأساسي هو ليس من اللاجئين، لكنه موجه ضدهم، وسببه تدهور الوضع داخل سوريا بسرعة.

ولفتت المفوضية إلى أنَّ تركيا باتت اليوم هي أكبر بلد مضيف للاجئين في العالم، وقد أنفقت أكثر من ستة مليارات دولار أميركي كمساعدات مباشرة للاجئين، حيث احتلت لبنان المرتبة الأولى العام الماضي، مبينة أنَّ هناك أكثر من 12 مليون سوري بحاجة للمساعدة للبقاء على قيد الحياة.

وكانت الأرقام الصادرة عن مفوضية اللاجئين حول أعداد النازحين السوريين في العام الماضي قد أشارت إلى أن ما يقارب نصف السوريين اضطروا إلى مغادرة ديارهم، والفرار للنجاة بحياتهم، مبينةً أن واحداً من بين ثمانية سوريين على الأقل، فروا عبر الحدود، وهو ما يزيد عن مليونين ونصف شخص، إضافة إلى وجود نحو 6 ملايين و500 ألف نازح داخل سوريا، وأكدت أن أكثر من نصف هؤلاء من الأطفال.

وقالت المفوضية إن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين تتمركز في دول الجوار حيث كان لبنان العام الماضي يشكل الصدارة  بنحو مليون و140 ألف نازح، تليه  تركيا بـ815 ألف، ثم الأردن بنحو 608 آلاف لاجئ، مشيرة إلى أن أكثر من أربعة من بين خمسة لاجئين  يعانون لكسب العيش في البلدات والمدن خارج المخيمات، فيما يعيش 38 في المائة في ملاجئ دون المستوى، وهناك مئات آلاف آخرين فروا إلى دول مجاورة، ولا توجد إحصاءات رسمية بأسمائهم.

في حين كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لهذا العام أنَّ أعداد اللاجئين السوريين تجاوزت 5 ملايين و835 ألفًا، ويشكل الأطفال أكثر من 50%، بينما تبلغ نسبة النساء 35%، و15% من الرجال.

وشكك التقرير، بالأرقام الصادر عن  مفوضية الأمم المتحدة للاجئين مشيراً إلى أنها تفتقد للرقم الحقيقي ولاتذكره في إحصاءاتها، وذلك بسبب أن الكثيرين وصلوا إلى دول اللجوء عبر طرق وممرات حدودية بطرق غير شرعية، خوفًا من عدم استقبالهم، وهناك أعداد أخرى تم استقبالها عبر أقرباء لهم.

اللاجئون السوريون في دول  الجوار

ووافقت الشبكة على أن تركيا تأتي في المرتبة الأولى باستقبال السوريين بما لا يقل عن مليون و900 ألف لاجئ، بينهم قرابة 450 ألف طفل وما لا يقل عن 270 ألف امرأة، وقرابة 62% منهم بدون أوراق ثبوتية أي مليون و100 ألف شخص، في حين يأتي لبنان في المرتبة الثانية، ويقطن فيه ما لا يقل عن مليون و700 ألف لاجئ، بينهم نحو 570 ألف طفل وما لا يقل عن 190 ألف امرأة، قرابة 27% منهم من بينهم حوالي 459 ألف شخص بدون أوراق ثبوتية.

أما الأردن فيستقبل حسب الشبكة  ما لا يقل عن مليون و400 ألف لاجئ، بينهم نحو 350 ألف طفل وما لا يقل عن 175 ألف امرأة، وقرابة 36% منهم بدون أوراق ثبوتية أي 490 ألفًا، أما العراق فيستضيف حوالي 525 ألف لاجئ بينهم قرابة 160 ألف طفل وما لا يقل عن 50 ألف امرأه، وتحتل مصر المرتبة الأخيرة فاستقبلت قرابة 270 ألف لاجئ بينهم حوالي 120 ألف طفل و75 ألف امرأة.

7.5 مليون نازح داخل سوريا

وبخصوص تقديرات أعداد النازحين في سوريا، بيّن منسق أنشطة الأمم المتحدة في لبنان أن هناك ما يقارب 7.5 مليون نازح داخل سوريا، حيث تسعى الأمم المتحدة لوضع برامج لهم لعدم خروجهم من سوريا.

وكانت الأمم المتحدة دعت الداعمين من الدول من أجل المساعدة الإنسانية والإنمائية،  بتمويلاً يصل  إلى 8.4 بلايين دولار من أجل مساعدة ما يقارب 18 مليون شخص في سوريا وفي المنطقة كلها لعام 2015، لافتةً إلى أن النداء يتضمن توفير الدعم لأكثر من 12 مليون من النازحين والأشخاص المتضررين من النزاع داخل سوريا.

وتتناول خطة الأمم المتحدة للعام الجاري تأمين الاحتياجات الإنسانية الحادة داخل سوريا، وذلك بغرض توفير الحماية والمساعدة المنقذة للأرواح، وتوفير سبل العيش لحوالى 12.2 مليون شخص، وهو ما يتطلب تمويلاً قدره 2.9 بليون دولار.

أزمة اقتصادية.. 165 مليار دولار تكلفة إعادة الأعمار و202.6  مليار قيمة الفقد الاقتصادي

لم يتوقف تأثير الحرب في سوريا على الخسائر البشرية فقط، إنما كان لها نتائج كارثية على الاقتصاد السوري المنهك اليوم، وفي دراسة أميركية للباحث تشالز ليستر في تحليله للمشهد السوري، قال إن كلفة إعادة الإعمار في سوريا تصل إلى 165 مليار دولار، حيث تحتاج بين 15 إلى 25 عام.

ويأتي انهيار العملة السورية مقابل الدولار الأميركي من أبرز مؤشرات الازمة الاقتصادية حيث فقدت  الليرة 80 % من قيمتها بحسب خبراء اقتصاديين مع بداية عام 2015، حيث تجاوزالدولار مقابل الليرة 210 ل.س وفقاً لنشرة مصرف سوريا المركزي، في حين وصلت أسعار الدولار في السوق السوداء إلى 254 ل.س، في صعود تدريجي بدأ مع نهاية العام الماضي واستمر خلال الأشهر الاولى من العام الحالي.

ورأى تقرير مركز البحوث والسياسات السورية، أن الاقتصادي السوري فقد 202.6 مليار دولار، بسبب هروب رؤوس الأموال، والتدمير ونهب أسهم رأس المال وخسارة الناتج المحلي الإجمالي. ونتيجة لهذا الانكماش المدمر، تشهد البلاد مستويات بطالة تجاوز 58 في المائة.

وكانت منظمة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الاسكوا” التابعة للأمم المتحدة، قد توقعت في تقرير أصدرته العام الماضي بأن حجم  الخسائر التي سيتكبدها الاقتصاد السوري في حال استمرار النزاع حتى العام 2015 ستصل إلى 237 مليار دولار.

حلب عطش

وبيّن التقرير الذي صدر  بعنوان: “تكلفة النزاع في سورية – الأثر على الاقتصاد الكلي والأهداف الإنمائية للألفية”، أن الناتج المحلي السوري تراجع في العام 2013 إلى 33.4 مليار دولار، مقارنة بالعام 2010، الذي بلغ فيه 60.1 مليار دولار، بنسبة انخفاض 44.4%، وارتفع معدل التضخم بنسبة 90%، وتراجعت الصادرات بنسبة 95%، والواردات بنسبة 93% مقارنة مع العام نفسه، وخلص التقرير إلى أن “ما حققته سورية خلال عقود من التنمية أنفقته في 3 سنوات فقط”.

وقدّر التقرير أعداد المساكن التي تهدمت منذ بدء الحرب بلغ 678.97 ألف منزل حتى منتصف 2014، فيما بلغ عدد المساكن التي تضررت بشكل جزئي، نحو 509.1 آلاف منزل، وعدد المساكن التي تضررت فيها البنية التحتية، نحو 862.21 ألف منزل.

 

تضارب الأرقام الرسمية حول أضرار القطاع  الصناعي

وبالنسبة للخسائر التي تكبدها القصاع الصناعي في سوريا فإن الأرقام جاءت رسمية من الحكومة التابعة للنظام، حيث ذكرت وزارة الصناعة  أن قيمة الأضرار غير المباشرة التي أصابت الشركات الصناعية نتيجة ما وصفته بالأعمال “الإرهابية” وعمليات التخريب حتى الشهر الثامن من العام الماضي  بحدود 120 مليار ليرة، معظمها في القطاع النسيجي والكيميائي والهندسي، إضافة إلى تضرر بعض الشركات التابعة للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية.

ومن جانبها قال اتحاد غرف الصناعة إنَّ قيمة الأضرار الإجمالية للقطاع الصناعي وصلت نحو 568 مليار ليرة، بما فيها المدن الصناعية، بينما سجلت 354 مليار ليرة خلال آذار الماضي، أي بزيادة 114 مليار ليرة خلال أقل من عام.

ولفتت الغرفة إلى أن خسائر القطاع الخاص الصناعي بلغت خلال العام الماضي 254 مليار ليرة، وهي تعود إلى البيانات الواردة لغرف صناعة دمشق وريفها وحمص وحلب وحماة فقط، أي لـ5 محافظات، حيث بلغ عدد المنشآت المتضررة والمتوقفة في تلك  المحافظات نحو 1300 منشأة، وتشكل 53% من إجمالي المنشآت البالغة نحو 2300 منشأة، وهي تشكل نسبةً بسيطةً من الإجمالي العام للمنشآت الصناعية السورية، وأغلبها حرفية صغيرة، كان يبلغ تعدادها نحو 100 ألف.

 

اعترافات النظام بأضرار القطاع الحكومي

وعن خسائر المنشآت الحكومية فقد اعترف النظام على لسان أحد مسؤوليه بأن الأضرار التي  لحقت بالقطاع الحكومي في سوريا وصلت إلى نحو 7144 مليار ليرة، أي حوالي 41 مليار دولار مقسمة إلى 1495 مليار ليرة خسائر مباشرة، ونحو 5649 مليار خسائر غير مباشرة.

وأكد المسؤول الحكومي أن لجنة إعادة الإعمار أقرت خطة إسعافية خلال اجتماعها الأخير في نهاية تشرين الثاني لإعادة إعمار سوريا خلال عام 2015 بقيمة مقدرة تبلغ 19مليار ليرة سورية، وذلك من المبلغ الذي رصده مجلس الوزراء لإعادة الإعمار خلال ثلاث سنوات والبالغ 81 مليار ليرة سورية.

القطاع التعليمي .. دمار 3000 مدرسة 

طالت رحى الحرب الأبنية المدرسية حيث لم يستنثي القصف الجوي والبراميل المتفجرة المدارس بمختلف المحافظات التي كثيراً ما تهدمت على رؤس تلاميذها بالنسبة للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، في حين أن كثيراً من التفجيرات طالت المدارس خلال أوقات الدوام الرسمي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وهو ما أدى إلى مقتل المئات من الطلاب، وتسرب الآخرين من المدارس.

طلاب غزة يلتحقون بمدارسهم رغم الدمار الذي خلفه الاحتلال+ فيديو

وفي هذا الشان قال صندوق الأمم المتحدة للطفولة  أن أكثر من 3000 مدرسة دمرت بالكامل، فيما تضررت أكثر من 2400 مدرسة بشكل جزئي، بينما تحولت أكثر من 900 مدرسة إلى مراكز لإيواء النازحين، عدا عن المدارس التي تحولت إلى ثكنات عسكرية لطرفي النزاع أو مراكز اعتقال وتعذيب.

ومن جانبه أشار تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان أن القوات النظامية قصفت   3994 مدرسة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، من بينهم 450 مدرسة مدمرة في الكامل أغلبها في محافظات حمص وريف دمشق وحلب، وذكر التقرير أن المدارس المدمرة بشكل شبه كامل لا يمكن ترميمها أو إصلاحها، وهي تحتاج إلى إعادة بناء بحسب تقديرات المهندسين المدنيين العاملين مع الشبكة.
بينما قدرت حكومة النظام خسائر القطاع التعليمي في سورية بما يزيد عن 100 مليار ليرة سورية.


3.5 مليون طفل محروماً من التعليم، وأكثر من 10 آلاف طفل قتلوا خلال الحرب

كان لدمار المدارس أثر كارثي على الواقع التعليمي بالنسبة للأطفال داخل سوريا أو اللاجئين إلى خارجها، وأشارت منظمة اليونيسف إلى أن آلاف الاطفال حرموا من تعليمهم حيث قدرت المنظمة عدد الأطفال الذين حرموا من التعليم بسبب الحرب حوالي 3.5 مليون طفل، وأكدت أن معدل الضحايا من الأطفال كان أعلى معدل سجل في أي صراع وقع في المنطقة، فهناك حوال 10 آلاف طفل قتلوا في الحرب، حسب اليونيسف التي رأت بأن العدد الحقيقي ربما يكون أكبر من ذلك.

وفي تقرير للأمم المتحدة حول  الموضوع، قالت إن هناك حوالي  2.6 مليون طفل سوري خارج المدرس، كما يعيش ما يقرب من 2 مليون طفل سوري كلاجئين في لبنان وتركيا والأردن وبلدان أخرى، هذا بالإضافة إلى وجود 3.6 مليون طفل يعيشون مع المجتمعات المحلية الضعيفة.

وتابعت الأمم أن نصف الأطفال اللاجئين لا يحصلون على التعليم، مشيرة إلى أنه في لبنان  هناك 20 في المئة فقط من الأطفال السوريين يرتادون المدارس.

القطاع الصحي.. 70% من العاملين بالمجال الطبي فروا إلى خارج سوريا

ومما لاشك به أن الأضرار الكارثية بسوريا أرخت بظلالها على الواقع الصحي المتهاوي اليوم، فهناك المئات من المراكز الصحية دمرت بالكامل، وأخرى تضررت، في حين أن هناك منشآت بات من الصعوبة الوصول إليها بسبب الأوضاع الأمنية الخطرة في بعض المناطق.

وقيمت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر للربع الثالث من العام الماضي، حجم الخراب الذي لحق بالمراكز الصحية الحكومية، أي المستوصفات عددها 1750مركز، مشيرةً إلى أن هناك 49% من تلك المراكز أي 857 مركز صحي تعمل بشكل كامل، بينما هناك 21% منها أي 374 مركز تعمل بشكل جزئي، في حين أن ما تصل نسبته إلى 22% أي 387 مركز لا يعمل، بالإضافة إلى وجود  8% من تلك المراكز أي ما يعادل 132 مركز لاتعرف حالته.

مراكز صحية حكومية

وعن أوضاع الأبنية في تلك المراكز، بينت منظمة الصحة، ووصول نسبة المراكز الصحية المتضررة إلى21%، منها 2% مدمر بشكل كامل، و19% لحقها ضرر جزئي. وكانت نسبة المراكز الصحية السليمة 61% أي 1063 مركز، فيما لم يعرف حالة 18% من تلك المراكز، لافتة إلى أنّ الدمار توضح بشكل أساسي في مدينة حلب حيث نصف مراكزها الصحية مدمرة، أي ما يصل إلى 159 مركز من أصل 318، بينما الدمار في ريف دمشق بلغ 14%.

ورأت الممثلة المقيمة لمنظمة الصحة العالمية في سوريا اليزابيث هوف، أن تدهور الوضع الصحي في سوريا يعود إلى تدمير نصف المستشفيات في معظم أنحاء البلاد بسبب الصراع الدائر، وخروج أكثر من 700 مركز صحي عن العمل.

أما الجانب الحكومي السوري فوجد على لسان رئيس مجلس وزرائه، أنه لا يمكن حصر الأضرار المادية، إلا أنه اعترف بأن حجم الدمار والخسائر التي طالت القطاع الصحي كبيرة، لافتاً إلى أن “الاعتداءات” أدت لتعطيل جزئي أو كلي لـ 34 مشفى و600 مركز صحي، ووصل عدد سيارات الإسعاف المدمرة والمعطلة إلى 400 سيارة إسعاف إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى  من الأطباء والممرضين والفنيين. ‏‏

ومما لاشك فيه إن هجرة الأطبار والكوادر الطبية، أثر أيضاً بشكل كبير على الوضع الصحي، حيث تقدر الأرقام أن هناك  حوالي 70% من العاملين في القطاع الصحي فروا من مختلف المحافظات، ما أدى إلى نقص كبير في عدد الموظفين الصحيين الكفوئين، وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية، وهو ماتزامن مع فقدان بعض أنواع الأدوية من السوق السورية، حيث أشارت الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة إلى أن سوريا وقبل الحرب كانت تنتج 90 بالمئة من الأدوية إلا أن الانتاج انخفض اليوم بنسبة بين 60 إلى 70% حيث باتت تعتمد على الواردات.

كما لابد من التفريق بين الوضع الصحي في المناطق الخاضعة للنظام وتلك الخاضعة للمعارضة، على اعتبار أن معظم مناطق المعارضة محاصرة ويعتمد سكانها على المشافي الميدانية المتواضعة من حيث الأجهزة المتوافرة والإمكانيات الطبية البسيطة، بالإضافة إلى أن النظام يمنع إدخال المواد الطبية والأدوية إليها في حصار يطبقه على بعض المناطق منذ ثلاث سنوات، ما يجعل الواقع الصحي فيها أسوأ من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

كما أن استهداف المقاتلات الجوية النظامية بشكل دائم للمشافي الميدانية والنقط الطبية في تلك المناطق يؤدي أيضاً إلى انهاك القطاع الطبي ويجعل معاناة المرضى والمصابين بالإضافة إلى الكادر الطبي مضاعفة.

مليون سوري مصابون  بأمراض مختلفة

وعلى اعتبار أن الوضع الصحي وصل إلى مستوى متدنٍ، فمن الطبيعي انتشار الكثير من الأمرض في سوريا، حتى التي كانت منسية بالنسبة للسوريين، فبسبب تلوث الطعام والمياه وحتى الهواء وتراكم القمامة، انتشرت الأمراض بسرعة خلال سنوات الحرب، فعاد القمل والجرب، وشلل الأطفال، والحصبة، والتهاب الكبد الوبائي، وتوسعت أماكن انتشار اللاشمانيا وغيرها من الأمراض الجلدية.

وأفادت ممثلة منظمة الصحة العالمية إليزابيث هوف في تصريح لها، أن مليون شخص أصيبوا بأمراض مختلفة، وهو مايتزامن مع صعوبة وصول إمدادات الأدوية للمرضى بشكل منتظم.

ولفتت هوف إلى أن العديد من الأمراض انتشرت في سوريا مثل  التيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي، حيث تم تسجيل أكثر من 6500 حالة تيفوئيد في العام الماضي في أنحاء البلاد، فضلاً عن 4200 حالة حصبة وهو المرض الأكثر فتكا بالأطفال في سوريا.

ولم تخفي هوف أن هناك انخفاضاً شديداً بمعدلات التطعيم من 90 في المئة قبل الحرب إلى 52 في المئة هذا العام، مبينة أنّ أمراضا جديدة ظهرت على الساحة مثل داء النغف وهو مرض ينتقل عبر الذباب.

سوريا مقسمة بين الأطراف المتصارعة

تبدو اليوم سوريا مقسمة بين المتصارعين على النفوذ فيها، فتنظيم (داعش) يسيطرة على محافظة الرقة بالكامل كما يسيطرة على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور، وعدداً من الحقول النفط والغاز في محافظة الحسكة، في حين يتصارع مع النظام في ريف حمص من أجل السيطرة على حقول الغاز فيها، وهو ما يتزامن مع محاولاته التقدم في ريف حماة والسيطرة على بعض النقاط فيه.

وتسيطر جبهة النصرة على أجزاء واسعة في شمال غرب سوريا في ريفي إدلب وحلب وحماة، وذلك بعد أن قاتلت فصائل المعارضة في بعض تلك المناطق ومنها حركة حزم وجبهة ثوار سوريا، كما تسيطر جزء من مخيم اليرموك في دمشق، في حين تتواجد مع باقي فصائل المعارضة بدرعا وريف حمص.

أما القوات الكردية المتمثلة بوحدات حماية الشعب فتبسط نفوذها على مناطق واسعة من محافظتي الحسكة وحلب، وكانت قد سيطرت مؤخراً على مدينة كوباني بريف حلب بعد معارك مستمرة مع تنظيم الدولة الإسلامية.

أما القوات النظامية فتسيطر بشكل عام على مراكز بعض المحافظات، حيث تبسط نفوذها على الجزء الأكبر من مدينة دمشق وأجزاء من ريفها وعلى محافظة طرطوس بالكامل ومدينة اللاذقية وأجزاء من ريفها، بالإضافة إلى سيطرتها على مدينة حمص ماعدا حي الوعر، ومدينة حماة، في حين أن أرياف المحافظتين تنقسمان بين النظام والمعارضة في تنازع مستمر على بسط النفوذ، كما تسيطر على أجزاء من درعا، في حين تبسط نفوذها على محافظة السويداء بالكامل، والجزء الغربي من حلب ومدينة إدلب.

وبالنسبة لفصائل الجيش السوري الحر، فتتواجد مع بقية فصائل المعارضة الأخرى، في درعا وفي ريفي اللاذقية الشمالي والشرقي بالإضافة إلى تواجد خجول في أرياف دمشق وحمص وحماه وحلب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.