مدرسة الأوائل

دلير يوسف

 

“إنّ أزمة اللاجئيين السوريين بلغت منعطفاً خطيراً… يوجد 3.8 مليون لاجئ سوري في دول الجوار.. هؤلاء يشكلون أكبر عدد من اللاجئين تحت رعاية المفوضية العامة لشؤون اللاجئيين” هذا ما قاله السيد أنتونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقد أضاف أمام مجلس الأمن في جلسة خاصة حول الوضع الإنساني في سوريا، أنّ هناك نحو مليوني سوري دون 18 عاماً مهددون بأن يشكلوا جيلاً ضائعاً، وذلك حسب ما نقلته عنه وكالة سكاي نيوز عربية للأخبار بتاريخ 27 شباط/ فبراير 2015.

أمام هذه الأرقام الخطيرة والكبيرة، والتي يّظن بأنّ الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك بكثير، وعدم قدرة المجتمع الدولي على احتواء المشكلات الخاصة باللاجئين السوريين في مختلف المجالات، تبرز مشكلة التعليم إلى الواجهة، إذ بات المجتمع السوري أمام مشكلة ظهور جيل كامل غير متعلم، ينبئ بمشكلات خطيرة تتجاوز حدود الجغرافية السورية وحدود الشعب السوري.

محاولات متفرقة

رغم هذه الحقائق المرعبة إلا أنّه يبرز إلى الضوء بين الحين والآخر مشاريع تعليمية على مستويات مختلفة، منها ما يستمر لسنة أو اثنتين كروضة أملنا للاجئيين السوريين في لبنان والتي كانت إحدى مشاريع جمعية سردة التنموية، توقف عمل الروضة بعد سنتين بسبب ضعف الإمكانات المادية كما صرح المسؤولون عن عمل الجمعية لاحقاً، ومنها ما يحاول الاستمرار كمدرسة جمعية بسمة وزيتونة في بيروت لبنان، والتي تستقبل عدداً كبيراً من الطلاب السوريين والفلسطينيين في مخيم شاتيلا في بيروت.

في الداخل السوري تظهر بعض المحاولات كمشروع غصن زيتون في مدينة درعا وما حولها وبعض المشاريع الصغيرة في منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق أو محاولة الاستمرار بالتعليم في منطقة عفرين (يمكن قراءة تحقيق للحل السوري عن التعليم في عفرين هنا).

 

المدارس السورية في تركيا

افتتح عدد كبير من المدارس السورية في تركيا، بعضها يقدم المنهاج السوري وبعضها الآخر المنهاج التركي وقليل من المدارس الأخرى تتبع مناهج أخرى.

لا يوجد إحصاء دقيق للمشاريع التعليمية السورية في تركيا وخاصة تلك المنتشرة في المخيمات المجاورة للحدود التركية السورية. عدد كبير من المدارس والمشاريع التعليمية وُجد في المدن التركية الكبرى والتي تحتضن عدداً كبيراً من السوريين كأنقرة وغازي عينتاب وأنطاكيا واستانبول وغيرها.

 

مدارس استانبول

يعيش حوالي مليون سوري في مدينة استانبول، وهو رقم تقدره وكالات الأخبار ومنظمات المجتمع المدني لعدم وجود إحصاء دقيق لهم تقدمه الحكومة التركية.

يتجاوز عدد المدارس السورية هذه السنة في استانبول وحدها عشرين مدرسة، وهذا إذا ما استثنينا بعض المدارس التي توقفت عن العمل هذه السنة بانتظار أن تعود إلى الواجهة التعليمية مرة أخرى في العام القادم كتجمع مدارس البنفسج السورية في استانبول حسب ما أعلن التجمع على صفحته على موقع فيس بووك.

تختلف المناهج والصفوف المعتمدة في هذه المدارس فمثلاً بعض هذه المدارس يُدّرس الطلاب منذ مرحلة الروضة وحتى مرحلة البكالوريا، وبعضها الآخر يدرس اللغة الإنكليزية فقط.

 

غلاء الأقساط المدرسية

في العام الدراسي الجاري كما في الأعوام القليلة السابقة واجه السوريون صعوبة الإندماج في المدارس التركية بسبب عائق اللغة، فكانت الوجهة هي المدارس السورية التي تم افتتاحها مؤخراً إلا أنّ غلاء أقساط المدارس تشكل عائقاً أمام عديد العائلات السورية القاطنة في استانبول، خاصة تلك العائلات التي يوجد فيها أكثر من طفل أو اثنين، فضلاً عن عدم وجود شواغر بسبب قلة عدد المدارس مقارنة بالحاجة الكبيرة لها.

بعض المدارس كمدرسة الأوائل، والتي تعتبر من أفضل المدارس السورية في استانبول وأكبرها، يصل قسط الطالب الواحد إلى أربعمئة دولار أمريكي، أما طالب البكالوريا في هذه المدرسة فيدفع ألف دولار أمريكي لقاء تلقي التعليم في هذه المدرسة، حسب ما قالته لنا طالبة فضّلت عدم الكشف عن اسمها.

تتراوح أقساط المدارس الأخرى بين 50 – 150 دولار أمريكي، مدرسة إيلاف على سبيل المثال تطلب خمسين دولاراً للطالب الواحد دون أجرة باص نقل الطلاب الخاص بالمدرسة.

مدرسة الأمل المشرق على سبيل المثال كانت مجانية حين  كانت مدعومة مالياً من قبل ihh هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات، وكذا مدرسة قادمون حيث كانت تعتمد على التبرعات من جهات مختلفة إلى أن بدأت بأخذ الأقساط من الطلاب بقيمة تقريبية 150 دولار أمريكي (360 ليرة تركية) بعد أن قلت التبرعات التي تقدم لهم وذلك حسب ما صرح السيد فراس أمين سر مدرسة قادمون لموقع أورينت نيوز في مقالة نُشرت على الموقع المذكور بتاريخ 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2014.

 

إيجابيات هذه المدارس

توفر هذه المدارس الخدمات التعليمية للطلاب السوريين المنقطعين عن دراستهم، حتى إن بعض هذه المدارس والتي تُدّرس صف البكالوريا /الثالث الثانوي/ كمدرسة الأوائل فإنها تقدم لطلابها شهادات تخولهم التقدم إلى امتحان القبول الجامعي، الامتحان الذي يخوّل بدوره الناجحين فيه بإكمال التعليم في الجامعات التركية.

بالطبع فإن تقديم خدمة التعليم للمهجرين السوريين هي إحدى أفضل الإيجابيات التي تقدمها المشاريع الخدماتية المقدمة للسوريين في الفترة الأخيرة وفي المستقبل.

 

سلبيات هذه المدارس

فضلاً عن غلاء الأقساط الخاصة بهذه المدارس فإنّ بعض هذه المدارس تحمل صبغة إسلاميّة حيث تمنع ارتداء البنطلونات الضيقة على سبيل المثال، كما تعطي بعض المدرسات فيها “نقاط زائدة” للطالبات المحجبات مقابل تضييق على الطالبات غير المحجبات كما قالت لنا طالبة الصف الثامن في إحدى المدارس فضلت عدم الكشف عن اسمها وعن اسم مدرستها خوفاً من ضرر قد تلحقه بها إدارة هذه المدرسة.

ويرفض بعض الأهالي كما السيد “أبو محمد” قضية وضع صورة رجب طيب أردوغان الرئيس التركي في بعض المدارس، كما انتقدوا زيارة السيد بلال أردوغان نجل رئيس الجمهورية للمدارس، كزيارته إلى مدرسة إيلاف النموذجية وتوقيعه للطلاب على دفاترهم، “إذ بدا وكأن السيد أردوغان صاحب الفضل على تعليم أبنائنا” قال أبو محمد.

كما يعاب على معظم هذه المدارس إن لم تكن كلّها عدم تدريسها لمواد الفنون والموسيقى.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.