هشام سراج الدين

سناء فتاة من ريف #حلب الشرقي عمرها 15 سنة، تم تزويجها من مقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) يحمل الجنسية التونسية، بعد أن وعد أخاها بوظيفة مدنية في التنظيم لا يتم إرساله بعدها إلى ساحات القتال، تقول صديقتها علياء : “رفض والدها في البداية تزويجها، ولكن الابن أقنع والده” لتتزوج سناء من الشاب التونسي (35 سنة)، وهكذا تمت حماية الأخ من الاشتراك في المعارك بعد تزويج أخته “للمجاهد المهاجر”.

عوامل كثيرة تلعب دوراً كبيراً في #زواج السوريات من مقاتلي تنظيم #داعش وخاصة الأجانب منهم، فبعيداً عن الإجبار بالسلاح وهو ما سجلت فيه عدة حوادث زواج، تجد بعض العائلات زواج بناتها من مقاتلي التنظيم يضمن حماية أفراد العائلة أولاً، ومساعدة مادية لهم في ظل ظروف غاية في الصعوبة.

يقول مواطن من #الرقة.. “جاء معظم المهاجرين إلى سورية بداية نصرةً للمسلمين المظلومين على أرض الشام، ثمّ ما لبث أن تحول مشروع #النصرة لأهل الشام والجهاد إلى أرض الشام لمنحى آخر، فانصهر جلّ المهاجرين في مشروع دولة #البغدادي الهادف لإقامة دولة إسلامية – حسب اعتقادهم وزعمهم- تذوب فيها كل الانتماءات، وتنصهر فيها كل القوميات لتتحدد صفة الدولة بكلمة الإسلام فحسب”.

وكان “لا بدَّ” لهؤلاء المهاجرين الشباب في معظمهم من الزواج، وبناء حياة جديدة في ظل الدولة الساعين لبنائها، وبما أنه يستحيل السفر إلى الموطن الأصلي وإحضار زوجة منه، كان لابدّ للمهاجر من الزواج من إحدى فتيات المنطقة التي يتواجد فيها.. يقول المصدر: “زواج المهاجرين من الأنصار حقيقة واقعة لا ينكرها إلا جاهل مكابر، وهو زواج شرعي خلاف #جهاد_النكاح الذي ابتدعته قنوات الإعلام  المغرضة”، ويشير الواقع لميل المجتمع لتقبّلها، ولا سيما مع طول فترة سيطرة التنظيم.

وساعد على هذه الزيجات تشجيع التنظيم للزواج عموماً، وتقديمه تسهيلات معنوية ومادية تذلل العقبات، يقول المدرس غسان  من #ريف_حلب الشرقي: “شجع التنظيم عناصره على الزواج، وقدم لهم كل التسهيلات، فالتنظيم يقدم للشاب المقبل على الزواج مبلغاً يقدر بأربعمئة ألف ليرة سورية مهراً للعروس، عدا تأمين السكن وأثاث البيت، فضلاً عن البدلات والتعويضات التي يقدمها للأولاد”، وهذه أشياء باتت “من الأحلام لكثير من السوريين الذين أصابهم الفقر والعوز”، ولا تقتصر هذه المزايا على الزوجة الأولى إنما تشمل الثانية والثالثة والرابعة عدا “#ملك_اليمين”، فالتنظيم يؤمن أنّ أولاد هذه الزيجات سيكونون “أكثر إيماناً بالتنظيم من آبائهم”، لأنهم لا يحملون إلا جنسية الدولة الإسلامية، ومصيرهم مرتبط بها.

يأتي المهاجرون الخليجيون بالمرتبة الأولى في حالات الزواج من سوريات لأنَّ معظمهم من شريحة الشباب أولاً، ولتقارب العادات والتقاليد واللهجة ثانياً فضلاً عن العامل المادي الجيد وفق المصادر، ثمّ التوانسة وغيرهم من أبناء المغرب العربي ، يقول أبو عزام من ريف حلب الشرقي: “قبل الثورة كان هناك كثير من حالات زواج السوريات من خليجيين، وبالتالي ليس غريباً زواجهم منهن الآن”.

واللافت هنا رفض الشيشانيين وأبناء #القوقاز عموماً تزويج بناتهم من السوريين، فيقول أبو عمر المقرب من تنظيم الدولة في ريف حلب: “قسم لا بأس به من المهاجرين الشيشانيين والقوقازيين جاؤوا مع عائلاتهم، وهم عموماً يرفضون تزويج بناتهم من الأنصار (السوريين) ويفضلون المهاجر، لأنه أكثر إيماناً حسب اعتقادهم، ويتميز بالانغلاق”.

وتزداد حالات الزواج في المدن، والمناطق التي طالت مدة سيطرة التنظيم عليها ليصبح التنظيم أمراً واقعاً، وتأتي المدن التي تأخذ طابع الحضر وتبتعد عن المجتمع العشائري الريفي في المراتب الأولى بقضية زواج السوريات من مهاجرين، ويلاحظ بشكل واضح أنَّ مدينة ‎#الباب تحتل المرتبة الأولى وتتفوق على #منبج و #جرابلس، ويعود ذلك للتركيبة العشائرية في المدينتين، وفي الشرق تكثر في #الرقة، وتكاد تنعدم في #دير_الزور، ويعود ذلك لسيطرة التنظيم على الرقة دون قتال خلافاً لدير الزور حيث سالت الدماء.

 

حالات

من العوامل التي لا يمكن إهمالها في تلك القضية هو الإيمان بفكر التنظيم، واشتراك الطرفين في وحدة المصير، فهناك كثير من العائلات اندمجت مع التنظيم، وانتسب معظم أبنائها له.. يقول الجامعي حسن من منبج في ريف حلب الشرقي  “جارتي هند متزوجة من مقاتل ينتسب لـ #الجيش_الحر نازحة من حي طريق الباب من مدينة حلب إلى ريف حلب الشرقي، حيث أقاربها وأقارب زوجها، وانتسب إخوتها لاحقاً إلى تنظيم الدولة وأصبح صهرهم مرتداً بنظر العائلة”، فحصل انفصال بين العائلة والزوج، يتابع حسن.. “تقدمت هند بشكوى إلى محكمة الدولة الإسلامية تطلب الطلاق من زوجها المرتد” وتم الطلاق غيابياً، وبعد انقضاء العدة، تزوجت الفتاة  من #مهاجر #سعودي الجنسية، ومثلها أم حنان من مدينة الباب التي زوجت ابنتها ذات الـ 15 ربيعاً لمهاجر #تونسي الجنسية، تقول جارتها فاطمة: “بعد لوم الجارات لأم حنان كان جوابها أنّ هذا المهاجر سيحافظ على ابنتها أكثر من السوريين الذين ليس لديهم دين، وهو يجاهد مع زوجها وأبنائها، والمهاجرون أصحاب دين ونخوة”.

يحتل العامل المادي المرتبة الثانية في أسباب زواج السوريات، ولا سيما إذا علمنا أنَّ عناصر التنظيم يؤمنون وضعاً مادياً مريحاً لعائلاتهم، فسلوى امرأة نازحة إلى ريف حلب الشرقي، لديها أربعة أطفال أكبرهم حسن (8 سنوات)، كانت تسكن في مدرسة للنازحين وتعاني فقراً شديداً، وتعاني الأمرين في سبيل تأمين قوت أبنائها، ولا سيما بعد خفض المساعدات للنازحين، وفجأة يظهر في حياتها مقاتل مهاجر آسيوي كبير في السن، وحسب أحد أقربائها.. “رفضت أم حسن الزواج بداية، ولكن المهاجر لم ييأس، وأدخل وساطة من النازحات، فوافقت في النهاية من أجل أبنائها”.. وانتقل المهاجر إلى الرقة فأخذ زوجته معه، وأمّن وضعاً مادياً مريحاً للعائلة، ولكنه تزوج من ثانية، وثالثة “من السبايا”، لتنقلب حياتهم، وتطلب الطلاق بعدها، وبالفعل حصلت عليه “بعد توسلات”، ثم عادت إلى ريف حلب الشرقي.

 

مشكلات قانونية

ويترتب على الزواج بين المهاجرين والسوريين مشاكل عدة أبرزها حرمان الطفل من الجنسية، يقول المحامي مصطفى من ريف حلب الشرقي: “صحيح أنّ من يقدم على هذا الزواج لا يؤمن بتقسيمات الدول الحالية ويرفضها، لكنَّ التنظيم – بلا شك- حالة طارئة، وسيكون الأولاد ضحية لهذا الزواج”، كما أنَّ الزواج يتم باسم مستعار للزوج، وهي مشكلة قانونية كبيرة، فالفتاة لا تعرف اسم زوجها الحقيقي أوخلفيته الاجتماعية والأخلاقية، وهذه الأمور تزعزع الثقة بين الطرفين، يتابع السيد مصطفى : “وما يزيد الوضع سوءاً أنَّ الشهود في كثير من الأحيان مهاجرون بأسماء مستعارة”.

وتتميز العلاقة غالباً بعدم استقرار الزوج وكثيراً ما تنتهي بمقتله في المعارك، فالمهاجر غالباً “يتزوج من أجل الجنس لا بناء عائلة” حسب المصدر، لأنه جاء ليستشهد على أرض الشام، وأغلب الاقتحامات يقوم بها مهاجرون، مع العلم أنّ العدد الأكبر من القتلى يسقطون في الاقتحامات، ومما يزيد المعاناة أن أغلب الفتيات المتزوجات صغيرات في السن، وقصة زواج مهاجر سعودي من مريم ذات الـ 16 ربيعاً في ريف منبج دليل على ذلك، حيث وافق والدها على تزويجها تحت إغراء المال، إذ وصل المهر إلى 3 ملايين ليرة سورية، ولكنَّ هذا الزواج لم يستمر أكثر من 6 أشهر، فقد قتل الزوج في معارك #كوباني (عين العرب) الأخيرة، لتكون مريم أرملة وهي ما تزال طفلة، وأمثال مريم كثر.

بغض النظر عن قبول فكر التنظيم أو رفضه فإنَّ هذه حالات الزواج بين المهاجرين تتنافى مع أصل الزواج الذي يهدف لبناء أسرة، وإقامة علاقة اجتماعية دائمة، “فوجود هؤلاء المهاجرين طارئ على المنطقة، وكذلك دولة البغدادي طارئة” وفق المصدر، مما يجعل الزواج أقرب لليلة يقضيها مسافر في فندق ثم سرعان ما يرحل..

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.