ليلى زين الدين

تركت أم نافع دارها الذي تقيم فيه منذ ما يزيد عن خمسين عاماً، أجبرت أولادها أيضاً على ذلك، بعد أن وصلت أنباء اقتراب تنظيم الدولة الإٍسلامية (داعش) من حدود محافظة #السويداء الشمالية.

معظم البيوت في القرى الغربية والريف الشمالي لمحافظة السويداء هجرها أصحابها، بعد الأنباء الواردة عن المعارك الدائرة في #درعا من جهة، والخطر القادم من الشمال إثر استقرار #داعش وبدء تنفيذها لأعمالٍ عسكرية، كان آخرها استهداف #مطار_خلخلة العسكري، والأنباء عن سيطرتها على قرية القصر.

وليد أحد أهالي قرية أم حارتين الواقعة على طريق السويداء، يقول إن قريته الصغيرة قريبة من بلدة #بير_قصب مكان تجمع داعش، حيث تفصل بضعة كيلو مترات بين التنظيم وقرى الجبل، ويضيف “أرسلت زوجتي وأولادي ليسكنوا في السويداء المدينة، خوفاً من أي تمددٍ لداعش”.

“يحملون مناظيرهم الليلية وعلى أحد الأسطح يراقبون ما يحدث، على بعد بضعة كيلو مترات”، وحسب رواية أحد أهالي قرية الخالدية، فإنهم يرون تحركات داعش في الريف الشمالي، والعديد من عائلات القرية يبحثون اليوم عن بيوتٍ لهم خارج حدود المحافظة لكنهم لا يجدون أي ملاذٍ آمنٍ لهم، بعد أن كانوا طيلة السنوات الماضية يعتبرون قراهم أكثر المناطق السورية أمناً.

وكذلك هو الحال بالنسبة لقرى الجبل الواقعة غرب السويداء والمحاذية لدرعا، مثل لاهثة والخرسا وداما وذبين، كل هذه القرى تشهد حالة من نزوح النساء والأطفال، لكن رجال هذه القرى يريدون البقاء في بيوتهم، كما هو حال جميل الذي يؤكد أنه لن يغادر منزله في قرية الخرسا رغم الاشتباكات المستمرة بين قوات المعارضة وقوات النظام، ويضيف “رغم أن النظرة السائدة عن السويداء أنها موالية للنظام لكننا حقيقةً لسنا كذلك، فنحن على يقين أن #النظام يتلاعب بنا كورقة أقليات، لكننا في الوقت ذاته لن نسمح لتمدد الفصائل المعارضة في قرانا”.

وجهة نظر جميل يحملها الكثير من أبناء #السويداء حتى المعارضين منهم، حيث يقول أحد الناشطين الذي فضل عدم ذكر اسمه إن السويداء لم تحتمل مظاهرات أبنائها منذ بداية الثورة، والحاضنة الشعبية تريد البقاء على الحياد، فمن غير الممكن أن تحتمل أي تواجد عسكري معارض، حسب المثل الدارج “أنا لم أمت لكنني رأيت من مات”.

ويعتقد الناشط أن السويداء التي تشهد قراها نزوحاً إجبارياً لأبنائها، كانت طوال السنوات الماضية المنطقة الآمنة التي تلملم جراح باقي المحافظات، ففي كل الحروب لا بد من وجود مثل هذه المنطقة.

من جهته يحاول النظام استثمار واقع تواجد داعش قرب السويداء، وكذلك المعارك الدائرة في درعا والتي طالت حواجز النظام في قرى الجبل، ليزيد من مخاوف الأقليات، حسب رأي الناشط، حيث يدفع النظام اليوم إلى تشكيل مجموعاتٍ مقاتلة بإطارٍ عقائدي، بعد أن فشل في سوق الشباب المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، “يقارب عددهم 12 ألف شاب”.

وحال سكان الجبل كغالبية السوريين اليوم لديهم هواجسهم من إمكانية دخول داعش إلى قراهم، لكن هناك رأي آخر يقول إن داعش لن تتمدد في السويداء، حسب رأي الناشط، باعتبار أن السويداء فقيرة لا تمتلك نفطاً، ولا ثروات يمكن أن تخدم التنظيم اقتصادياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.