لانا جبر

لم يكن محمد (شاب أربعيني) يعاني من أي ألم أو مرض قبل وفاته، كان يومه الأخير طبيعياً بكل تفاصيله، إلا أنه نام ولم يستيقظ صباح اليوم التالي، جراء #جلطة_دماغية مفاجئة أوقفت حياته، ولعل قصة وفاته المفاجأة، والتي شكلت صدمة لأصدقائه وذويه، تشبه طريقة وفاة المئات وربما الآلاف من الشباب السوري، الذي يقضي يومياً بإحدى الأمراض القلبية أو الدماغية خاصة الجلطات منها.

تكثر أخبار الوفاة بالجلطات وخاصة لدى الشبان السوريين، حيث بات طبيعياً مرور خبر وفاة شاب ثلاثيني أو حتى عشريني بسبب جلطة، وهو ما كان غريباً سابقاً، ونادراً من وجهة النظر الطبية، كما أن هذه الحالات لا تقتصر على السوريين داخل بلادهم، فكم من شبان دفنوا خارج #سوريا (في #لبنان و #تركيا و #الأردن و #مصر وغيرها من بلدان اللجوء) بسبب الجلطات المفاجئة.

السوريون اليوم لا يدفعون من أملاكهم ثمناً للحرب الدائرة في البلاد، إنما يقدمون من أعمارهم أيضاً ضريبة باهظة، حيث اجتمعت طرق الموت المختلفة من أقصاها إلى أدناها قسوة على الأرض السورية، وبات من لا يموت جوعاً أو قصفاً، يموت قهراً وحزناً، لتكون النتيجة اليوم انخفاض معدل العمر لدى السوريين.

وفي هذا الإطار أكدت آخر إحصائية صادرة مؤخراً عن #الأمم_المتحدة أن معدل العمر لدى السوريين انخفض في عام 2014، مقارنة بعام 2010 ، حيث بات اليوم لا يتجاوز الـ 55 عاماً فيما كان 79 عاماً قبل نحو أربع سنوات، وذلك نتيجة للحرب، وانهيار البينة التحتية العامة للبلاد، وتفاقم الوضع جراء الانكماش الاقتصادي، كما وصف التقرير.

في هذا الإطار أكد طبيب مختص بالأمراض القلبية في تصريح لموقع #الحل_السوري، أنه من الطبيعي أن يكون للحرب منعكسات تؤثر على صحة المواطنين، حتى في أكثر المناطق هدوءاً في البلاد إن صح التعبير كالعاصمة #دمشق، فالمواطن السوري الذي لا يعاني اليوم من القصف أو الحصار، يعاني حتماً من أزمات اقتصادية أو قصص مأساوية مرت عليه وأسرته خلال السنوات الماضية، وهو ما ينعكس إرهاقا فكرياً يؤثر على صحته العامة بمختلف مستوياتها.

ورأى الطبيب أن ما مر على السوريون يفسر أسباب انتشار #الأمراض_القلبية والدماغية خاصة الجلطات منها، وهو ما حصد حياة الكثير من الشبان خلال الفترة الماضية.

أما الأرقام الرسمية فقد اعترفت أيضاً بارتفاع نسبة الوفيات جراء الجلطات، وذلك وفقاً لتصريح #نقيب_الأطباء بسوريا، والذي بيّن عبره أن نسبة الوفيات نتيجة هذه الأمراض وصلت إلى 60% من نسبة الوفيات الطبيعية في سوريا، وبالتالي احتلت المرتبة الأولى بالنسبة لمسببات الوفاة لتأتي #الأمراض_السرطانية في الثانية.

وبينت الإحصائيات الصحية الحكومية أيضاً أن عدد المصابين بالأمراض القلبية في سورية بلغت نحو مليون مصاب، معظمهم تراوحت أعمارهم ما بين 28 إلى 60 عاماً، مؤكدة أن عدد الذكور المصابين بالأمراض القلبية الذين تجاوزت أعمارهم 28 سنة بلغ نحو 250 ألف مصاب، في حين وصل عدد المصابين من النساء إلى 150 ألفاً معظمهن تجاوزن سن اليأس.

كما لفتت الإحصائية إلى أن الشدة النفسية هي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الموت المفاجئ عند الإنسان، خاصة الشبان، من دون أن تتطرق إلى تأثير الحرب الدائرة على انتشار هذه الأمراض، وتأثيرها على حياة السكان، أو معدلات العمر لديهم.

يذكر أن عدد السكان في سوريا انخفض بنسبة 15 % وذلك وفقاً لإحصائية أصدرتها الأمم المتحدة، التي أشارت فيها إلى أن هناك ما يقارب أربعة ملايين سوري فروا وباتوا لاجئين خارج بلادهم، في حين هناك مليون ونصف هاجر إلى أماكن أخرى بحثاً عن العمل، كما تعرض أكثر من ستة ملايين شخص للنزوح داخل البلاد، بعد أن تركوا منازلهم جراء الحرب الدائرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.