حاوره: وائل العبدالله

“بدأت حياتي المهنية حينما دخلت إلى #مخيم_الزعتري”.. يقول #نوار_بلبل وهو الممثل السوري الذي عمل لسنوات ليست بقليلة داخل #سوريا، متنقلاً بين خشبة المسرح وكاميرا التلفزيون، تلك التجربة التي الحاضرة في تاريخه الفني، إلا أنها ليست انطلاقته.. فالانطلاقة كانت بين خيم اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري في #الأردن.

 

جذبت تجربة بلبل المسرحية (#روميو_وجولييت) وسائل إعلام عالمية كثيرة، كونها تجربة فريدة واستثنائية وفق توصيف تلك الوسائل، حيث جمع فيها أطفالاً سوريين لاجئين في الأردن، لأداء الشخصيتين المسرحيتين الشكسبيريتين بطريقة سورية، حيث العاشقان يتواصلان عن طريق السكايب، ولكل منهما تجربته المريرة إثر القصف والحصار.

طقس شكسبير المسرحي ليس من السهل تطويعه عادةً ليتأقلم مع بيئات مختلفة عما يصوغه ويرسمه، وكلاسيكية مسرحه تبدو صلبة على من يحاول تليينها وإخضاعها لبيئة جديدة، إلا أن بلبل لم يجداً بداً من خيمة في الزعتري سماها خيمة شكسبير، “كل تجارب المسرح التي أعتز بها، وكل المسلسلات والأفلام التي شاركت بها، لا تعني لي شيءً أمام خيمة شكسبير في الزعتري، التي بنيناها مع أطفال المخيم لتكون أول تجربة فنية احترافية لأطفال اللجوء تنال نصيبها من الاهتمام الإعلامي”.

الأطفال هم الهدف الأول في مشروع بلبل.. “أريد أن أبني ولو لبنة واحدة في شخصية هذا الطفل، فهو يتذوق المسرح لأول مرة، يجده صعباً محرجاً مرهقاً مسلياً مدهشاً، يتحول الطفل إلى الشخصية المكتوبة فيعيشها رغم ظروفه المحيطة، فهو اليوم يتذوق المسرح بعيداً عن مدرسته، بعيداً عن #طلائع_البعث، بعيداً عن سذاجة النماذج التي نعرفها في مسرح الطفل، فهو اليوم يتعرف إلى المسرح عبر إعاقته، عبر ذاكرته القصيرة عن الحرب والموت، يتعرف إلى المسرح عبر حصار لا يفهمه ويتعايش معه منذ سنتين، يتعرف إلى المسرح من خيمته وتشرده، الظرف الاستثنائي يؤدي إلى نتائج استثنائية، وما أزرعه اليوم في هذا الطفل سيبقى إلى نهاية حياته، فالمسرح يوسع عالم الخيال في هذا الطفل المقهور والذي يقضي يومه عابثاً متسائلاً عن مستقبله، فيحرض المسرح خياله وينقله إلى عوالم لم يكن يعرف عنها شيءً فيبدع ويعشق ويتفانى في الدور الذي يؤديه”.

مسرح الحصار هو مصطلح يبني من خلاله بلبل مشروعه، يحاول خلق بيئة تفاعل وإبداع في ظروف اللجوء وفي ظروف الحصار عن طريق التواصل مع فعاليات داخل سوريا تبدي رغبتها بتطبيق تجربة بلبل: “تجربتي مع الحصار مغرية ولكن أخاف الوقوع في فخ التكرار، تحدثت مع ناشطي #سراقب فأبدوا لهفتهم، #الرستن، #الغوطة_الشرقية، الجميع يرغب بشيء لأطفال الحصار، أخطط لأطفال المناطق المحررة بعرض يخصهم، أعرف أن المعوقات كثيرة، ولكن بعد تجربة #الوعر مع الصديق فخر شلب الشام أجد أن التجربة نجحت، ما يؤلمني أنني بعد نهاية التجربة أفقد التواصل اليومي مع الأطفال الرائعين، فبعد تجربة الزعتري عانيت على المستوى النفسي من فراقهم، والآن أطفال الوعر، وغداً لا أدري أطفال أي مدينة أو قرية سيفطرون قلبي وأفطر قلبهم، بدأت أشتاق لروميو منذ الآن، جولييت هي الأخرى بلا نافذة على العالم اليوم، لا سكايب يربطها بالعالم الخارجي، تبقى البذرة التي زرعتها فيهم هي الأمل وزر الاتصال الذي أضغطه كلما جرفني الشوق لهم”.

حلم بمستقبل مختلف، وبذاكرة تحمل المسرح وشخصياته عند هؤلاء الأطفال.. يقول بلبل “أحلم بهم رجالاً ونساءً يوماً ما، في بلد ينعم بالحرية، يحكون لأطفالهم عن ممالكهم القديمة: أنا #الملك_لير يا بني، أنا روميو يا ولدي، أنا جولييت يا ابنتي، وهذا سيفي وهذا صولجاني وهذا تاجي، كان عندي وصيفات يا ابنتي وأنا طفلة مثلك، تعالي لأحكي لك كم كنت ملكة، تعال يا بني لأحكي لك كم كنت فارساً”.

عبر #الحل_السوري وجه المخرج شكره لعدة هيئات ساندته بمشاريع.. “الشكر لسوريات عبر الحدود ولدار الجرحى في #عمان، الشكر للقائمين على الدار فرداً فرداً إداريين وممولين، فلولا ما قدموه من تسهيلات لما استطعت النجاح، الشكر لصديقي منار حمشو الذي تحمل ساديتي في العمل، والديكوريست جان إيف بيزيان الفرنسي الذي ترك سياحته في الأردن وعمل تطوعاً شهراً كاملاً، وللصديق فخر شلب الشام في الوعر المحاصر الذي صنع المعجزة في #حمص وتحمل المخاطر كلها، أشكر الأطفال وأنحني أمام جبروتهم، أشكر الجميع من دبلوماسيين حضروا ونقلوا ما رأوه لحكوماتهم، للصحفيين الذين أوصلوا صوت جولييت وصورتها الحقيقية إلى العالم الباحث عن المقنعين وعمليات الذبح وقطع الرؤوس”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.