نبيل محمد

لا يمكن وصف حالة بحث السوريين في الخارج عن التعليمات الدقيقة لاستصدار أو تمديد جوازات سفرهم، في خضم الضياع السوري، إلا باللغط والفوضى، خاصة وأن المرسوم الجمهوري الموقع من رئيس النظام #بشار_الأسد، لا يتضمن فقرات عُلّقت على أبواب سفارات سورية في الخارج، مع العلم أن تلك الفقرات ليست تعليمات تنفيذية أو خطوات إجرائية يتم بها عادة تفسير المرسوم وإعطائه الحيز التطبيقي، وإنما هي من المفترض مواد رسوم جمهورية، لا يتم البت فيها إلى بعد إصدارها من رأس السلطة التنفيذية.

 

في مرسوم الأسد المنشور في وكالة الأنباء الرسمية السورية (#سانا) تتبدى مادتان لا غير، أولهما تتعلق بالرسوم المالية حول الاستصدار والتجديد، والثانية إطلاق التعميم بالنشر في الجريدة الرسمية، وهي المادة التي يذيّل بها أي مرسوم جمهوري عادة.

كانت وسائل الإعلام السورية وخاصة الصادرة خارج #سوريا، أول الواقعين في هذا اللغط، وتعرضت الأخبار والمواد المنشورة لعشرات التعديلات قبل نشرها وبعده، كما تعرضت للانتقاد والتشكيك بالمصداقية بعد ذلك، كيف يختلف المرسوم الصادر رسمياً عن التعليمات المعلقة على أبواب بعض السفارات، أو الأوراق التي يتم تداولها بين الناشطين والمختصين، وحتى المزورين في الخارج.

ليأتي تصريح وزير الداخلية في حكومة النظام فيضع خلفية تمهيدية لوجود مواد أخرى غير متضمنة في مرسوم الأسد، ومن ثم تصريح مدير #إدارة_الهجرة_والجوازات على #راديو_المدينة fm  ليفصل بالفعل ما لم يذكر في المرسوم.

والحقيقة الكاملة تبدو اليوم بأن المرسوم الصادر لم يتضمن كل ما قررته القيادة، وتم حذف الفقرات الأخرى حياءً، فهل من المعقول أن يوقع الأسد على ورقة تتضمن السماح باستصدار جوازات سفر أو تمديد جوازات قديمة للخارجين من سوريا بطريقة “غير شرعية”، أو لمن يحملون أختام من معابر “غير نظامية”، أو للمطلوبين لفرع الأمن “المطلوبين إدارياً”، أو المتهمين قضائياً وعليهم الحضور في المحاكم، أو الهاربين من خدمة العلم، أو أو أو أو… وفي الحقيقة المرسوم يتضمنهم جميعاً، فالغاية اليوم هي التحصيل المادي للنظام بغض النظر عن الوسيلة.. “خذوا ما شئتم من الأوراق الرسمية وسددوا الرسوم بالدولار.. لا مشكلة أيضاً في عملات البلدان التي تقطنون بها.. لا مشكلة بالليرة التركية والريال السعودي.. القطري الفرنسي.. يمكن لها جميعاً أن تتحول إلى دولارات عند الصراف المواجه لباب السفارة.. يمكن للسفير ذاته أن يقوم بصرفها وإرسالها كحوالة ويسترن يونيون إلى وزارة الدفاع، وستستلمها الوزارة وفق سعر الصرف في #السوق_السوداء، وليس وفق نشرة #المصرف_المركزي المزورة رسمياً وبمرسوم غير معلن”.

التسول الواضح، والادعاء الفارغ، وتطبيق التوجيهات الدولية بتسيير أمور السوريين، كي لا تضيع مديريات اللجوء والهجرة في الخارج في تصنيف أوراق من لم يبتلعهم البحر، وإصدار إقاماتهم.. هو المبرر الأوضح للمرسوم ببنوده المعلنة وغير المعلنة، إلا أنه ليس من المنطقي أن يصدر عن رأس النظام الذي لم يسمع باسم البرميل سابقاً.. بل يمكن تفويض الإدارات الأقل رسمية سياسية للحديث والتفصيل…

سياسة ليست بجديدة، إلا أنها تبدو بصورتها الفاقعة للغاية اليوم، سياسة اتبعها النظام السوري سابقاً، وهو ما يذكّر بشتائم مباشرة كان #تلفزيون_الدنيا شبه الرسمي يطلقها على سياسيين لبنانيين، كون التلفزيون الرسمي لا يمكنه توجيه الشتائم مباشرة، كان يكفي أن يتحدث وزير الإعلام مع إدارة تلفزيون أو صحيفة خاصة ليأمر بتوجيه الشتيمة، ويظهر بوجهه السموح على التلفزيون الرسمي معلناً أن نظامه لا يخوض في المهاترات ويلتزم البريستيج السياسي.

ينادي النظام.. إلى أبواب السفارات أيها السوريون، النظام ينتظر على أحر من جمر الفراق، تعاونوا مع مسيري الأوراق على أبواب القنصليات، ادفعوا الرشاوى غير القانونية، يمكنكم تسريع التسيير بمبالغ ضئيلة في بلدان إقامتكم وجيدة في مناطق حكمنا، سارعوا فالسفراء والوكلاء القنصليون يقومون في مكاتبهم بجلسة عَد يدوية يومية لما يتم جمعه من بيع جوازات السفر والأوراق الرسمية، نريد للُعاب السفير أن يجف وهو يقلب الدولارات، ليتم إرسالها مباشرة إلى دمشق… السرعة مطلوبة للغاية.. فالنمر اتصل بالأسد وأكد أن الذخيرة نفذت على مضارب جسر الشغور، والطريق إلى اللاذقية قد لا تكفي بوارج السوفييت على الموانئ الوطنية لقطعه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.