الإكنوميست، 2 أيار 2015، القدس، من النسخة المطبوعة

ترجمة موقع الحل السوري

 

“يبدو الأمر متناقضاً” إلا أن #إسرائيل بدت أكثر أمناً، وبشكلٍ غريب على الرغم من كل الإضرابات الحاصلة من حولها. فمصر، وبعد الثورة المضادّة لعبد الفتاح #السيسي، أصبحت الآن صديقةً مقربةً لها، حيث تشارك إسرائيل كرهها لحركة المقاومة الإسلامية (#حماس) في #غزة. وتشكّل المملكة العربية #السعودية حليفاً غير معلن عنه ضد #إيران.

كما وأصبحت #العراق واهنة بسبب الحرب الأهلية. و #سوريا قد انفجرت، وأعطت ما يكفي من أسلحتها الكيميائية لإسرائيل لتتوقف عن توزيع الأقنعة الواقية من الغازات السامة. فالجهاديون _ الذين ملؤوا الساحة _ ليس لديهم الوقت ليهتموا كثيرا بشأن العدو الصهيوني، فهم منشغلون بمحاربة خصومهم #العرب.

كل ذلك يولد مخاوفاً بشأن موضوعين، أحدهما إيران،  فإسرائيل مقتنعة أن الجمهورية الإسلامية تسعى لتصنيع أسلحة نووية تحت غطاء الطاقة النووية المشروعة. حيث استنكرت إسرائيل محادثات #أمريكا مع إيران ووصفتها بـ “الصفقة السيئة”. ولكن سوف يتم تأجيل القلق بشأن قنبلة نووية إيرانية لعقد من الزمن أو أكثر، إذا ما تم توقيع اتفاقية نووية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

أما الموضوع الثاني، والذي يشكل مخاوف ملحّة، فهو “#حزب_الله”، العميل الإيراني اللبناني. وتُخمّن الاستخبارات الإسرائيلية أن ميليشيات المقاومة الشعبية الشيعية مسلّحة بحوالي 100000 من الصواريخ مختلفة الأنواع. وتحرص إسرائيل على منع الحزب من اكتساب قذائف عالية الدقّة، والتي _إضافةً إلى زرعها الخوف في البلدات الإسرائيلية _ يمكن أن تستهدف منشآت إستراتيجية معينة، وقد تكون أيضاً مسلّحة بالمواد الكيميائية.. “إنهم يسدون الفجوة النوعية”، قالها الجنرال إيال إيزنبرج، الرئيس المنتهية ولايته لقيادة الجبهة الداخلية (#الميجر)، حيث حذر بشدة من أن حزب الله سيقوم بإطلاق ما بين 1000 و1500 صاروخ يومياً في أية مواجهة مستقبلية بينهما”.

طرح حزب الله نفسه ولفترة طويلة على أنه القوة الرائدة في المقاومة ضد إسرائيل، لكنه الآن يحارب أشقاءه العرب في سوريا والعراق. فالحزب الذي كان وكيلاً لسوريا، بات الكفيل الرئيسي لنظام #بشار_الأسد. مما يعني أن حدود إسرائيل الشمالية مع سوريا والواقعة على مرتفعات #الجولان _ التي كانت الأكثر هدوءاً _ أصبحت غير مستقرة الآن.. وجّه الجنرالات الإسرائيليون تحذيرات إلى حزب الله “من فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل على مرتفعات الجولان”.

قامت طائرة إسرائيلية بدون طيار بغارة جوية ضربت من خلالها قافلة قرب الحدود، مما أسفر عن مقتل قائد عمليات حزب الله في الجولان، بالإضافة إلى جنرال من #الحرس_الثوري_الإيراني، وغيرهما، ذلك في شهر كانون الثاني. وكان الرد الانتقامي من قبل حزب الله أن قام بهجومٍ صاروخي على دورية إسرائيلية، أسفرت عن مقتل جنديين.

وترتفع الآن حدّة التوتر مرة أخرى، ذلك بعد سلسلة من الحوادث التي جرت بالقرب من الحدود. فقد تعرضت قاعدة صواريخ تابعة للجيش السوري بالقرب من الحدود اللبنانية في جبال #القلمون لغارة جوية في الرابع والعشرين من شهر نيسان. واعترف وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون _ تقريباً _ بأن إسرائيل هي التي نفّذت الهجوم. وقال يعلون “هم مدركون للخطوط الحمراء التي وضعتها إسرائيل، والتي لا تنتوي المساومة عليها”.. وأضاف “لن نسمح بنقل أسلحة عالية الجودة إلى المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها حزب الله”.

كما أدى هجوم جوي لمقتل أربعة رجال كانوا يقومون بزرع عبوات ناسفة على طول الحدود مع الجولان؛ فيما وقع هجوم ثانٍ في قاعدة سورية أخرى بجبال القلمون. وتبنت إسرائيل _ على نحوٍ غير معهود _ مسؤولية الهجوم الأول، على الرغم من أن “مصادر إسرائيلية” نفت تورطها في الهجوم الثاني، مما يوحي أن ما جرى هو من تنفيذ الثوار المحليين.

قد تكون إسرائيل، ومن خلال كل هذه الضبابية ، ترسل إشارة ألا وهي أنها مستعدّة لضرب حزب الله، إما لأن حضوره في هضبة الجولان أصبح يشكل تهديداً عظيماً، أو لأنها تعتقد أن عمليات حزب الله في سوريا والعراق تشكل مخاطر لحدوث نزاع كبير آخر معها.

وبالرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لديها رغبة صغيرة جداً بشن حملة عسكرية واسعة النطاق في المستقبل القريب، بعد النزاع الذي حصل في غزة الصيف الماضي، إلا أنها تبدو أكثر استعداداً للمخاطرة بشن هجوم واحد وهو مع حزب الله.

يرى الكثير من العسكريين أن المواجهة مع حزب الله أمر لا مفر منه. وحتى الآن، المقاومة الشعبية متورّطة في حروب أخرى وتتكبّد خسائر عديدة، لربما فقدت 1000 مقاتل، بحسب إحصائيات قامت بها بعض المصادر اللبنانية. ولا يمكن لمقاتلي حزب الله ذوي التدريب العالي أن يعودوا لبلادهم قبل سنوات. وقد تكون إسرائيل _ في هذه الأثناء _ تسعى لتحقيق مكاسب قصيرة الأمد. وإذا أدّت المشكلة في مرتفعات الجولان إلى إظهار نشاط حزب الله في سوريا (وبامتداده للسلوك الإيراني ) بصورة مزعزع للاستقرار، فإن ذلك من شأنه أن يقوّي حملة إسرائيل على تصوير الصفقة النووية مع إيران بأنها تشكّل تهديداً للمنطقة برمتها.

من النسخة المطبوعة: الشرق الأوسط وإفريقيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.