حسّان حسّان، ذا دايلي بيست، 21 حزيران  2015.

ترجمة موقع الحل السوري

 

طائفة أقلّية رئيسية في #سوريا لا تريد القتال من أجل الدفاع عن النظام المعرّض للخطر، يمكنها أن تكون حاسمة في تحديد مصير المرحلة القادمة من الحرب الأهلية.

تم تكوين انتفاضة هادئة على مدى العام الماضي ضد نظام الأسد في محافظة #السويداء، التي تُعد موطناً لمعظم سكان البلاد من الأقلية الدرزية، تصاعدت هذا الانتفاضة عندما أعلن رجل دين بارز بأن الدروز لم يكونوا ملزمين بالخدمة لفترة طويلة في #الجيش_العربي_السوري، الأمر الذي يشكل خطراً كبيراً على نظام #بشار_الأسد المتهالك، الذي طالما خسر جنوده من خلال الانشقاقات والفرار، كما خسر مؤخراً أراضٍ لصالح المتمردين ذوي القوى المتزايدة والأكثر تنظيماً بشكلٍ فاعل.

ولقد أثبتت الأقليات الدينية _ على مدار الحرب الأهلية السورية _ دورها الفعّال في صمود نظام الأسد، حيث استغل مساندة العلويين والمسيحيين والدروز في دعم مزاعمه بشرعيّته داخل وخارج البلاد. في حين تبقى تلك الحقيقة اليوم، أن الدروز يضغطون _ على ما يبدو _ من أجل تغيير النظرة التي تقول أن الأسد فرض وجوده على الأقليات من أجل النجاة بنفسه.

اعتماداً على كيفية إدارة النظام للحالة، فإن تخلي كتلة الدروز عن النظام يمكن أن يكون لها دور محوري في كيفية تقدّم الحرب من هذه النقطة.

بدأ الاستياء بشكلٍ جدّي في السويداء خلال “الانتخابات” الرئاسية المزيّفة التي عقدت في شهر حزيران من العام 2014، عندما سعى النظام لتعزيز دعمه المحلي بالتملّق من الجماعات التي تشكل أقلّيات، للاحتشاد إلى جانبه وتأييده. زحف رجال الدين من مقام عين الزمان _ أحد أكثر أماكن العبادة تبجيلاً لدى الطائفة الدرزية _ للاحتجاج على استخدام الصور الدينية الدرزية لتعزيز موقف الأسد. وطالب رجال الدين بإقالة رئيس الأمن العسكري في المحافظة وأعلنوا أن الدروز لا يمثلون سوى طائفتهم ولا ينبغي أن يتم وصفهم كمساندين للنظام.

تطوّرت الظروف نحو الأسوأ في أواخر الشهر الماضي فقط عندما قام أناس محليون في السويداء باعتقال الشباب الدروز لإجبارهم على تأدية الخدمة في الجيش. كما وقعت أيضاً اشتباكات مع قوات الأمن على نطاق ضيق في عدة بلدات من أجل التجنيد الإلزامي. وقد أصدر الأسد الأسبوع الماضي نداءً _ يائساً _ للشباب الدروز يدعوهم للدفاع عن محافظتهم من هجمات المتمردين. كما نصّ المرسوم أيضاً على أن هؤلاء الشبان الذين سينضمون إلى الجيش من محافظة السويداء سوف لن يتوجب عليهم الخدمة خارج مناطقهم _ تسوية رائعة من #دمشق التي نادراً ما قامت بالخضوع لمطالب الشعب.

إذا ما كان الأسد يأمل من أن هذه المبادرة التصالحية معهم ستبقي الدروز إلى جانبه، فإنه مخطئ تماماً بهذا الصدد. تحدى الشيخ أبو فهد وحيد بلعوس _ أحد شيوخ الدين البارزين في السويداء _ نداء يوم السبت، وأعلن بأنه لا ينبغي على أي أحد من الدروز أن يلتزموا بالانضمام إلى الجيش. وقال: “لقد انتهى التجنيد الإلزامي”، قالها بلعوس مخاطباً حشداً ظهر يهتف في تسجيل فيديو نُشر عبر الإنترنت. “ممنوع منعاً باتاً أن يتم التقاط الشباب عنوةً من منازلهم أو من الشوارع أو حتى نقاط التفتيش، سواء أكانوا في سن التجنيد أو ممن فرّوا من الخدمة، أو حتى أن يتم التقاطهم من أجل أداء واجب الاحتياط”.

وفي شهر كانون الأول، قال عضو المعارضة الدرزي جابر الشوفي لصحيفة الشرق الأوسط التابعة للسعودية إن رجال الدين الدروز قاموا بنهي صلاة الجنازة على هؤلاء الذين يموتون أثناء قتالهم إلى جانب النظام.

وبحسب التخمينات، فإن عدد الدروز الذين فرّوا من الجيش السوري أو الذين رفضوا الالتحاق به يتراوح من 12000 إلى أكثر من 26000 _ وهو رقم لا بأس به مقارنةً بخسائر الجيش على مدى أربعة سنوات من حرب الاستنزاف والتي يعتقد أنها حصدت أرواح ما يقارب الـ 125000 شخص. يوجد زهاء الـ 700000 درزي في سوريا ورفضهم لتأدية الخدمة في الجيش يوجّه ضربة قوية إلى الموارد البشرية اللازمة بإلحاح للنظام. المكاسب السريعة التي حققها الثوار في كلٍّ من #إدلب و #حلب و #حماه و #درعا كانت في غالب الأمر أعراضاً لجيش منهك بسبب ما كان يعانيه من قضايا داخلية عميقة. فقد الجيش _ خلال النزاع _ العشرات من ضباطه الذين كان لهم باع طويل في الخدمة مستلمين القيادة والمستويات التنفيذية، كما وعانى من انخفاض في الدعم المالي حيث حازت قوات الدفاع الوطني على مزيد من الاهتمام والدعم، وهي منظمة شبه عسكرية يتم تمويلها بشكل مباشر من قبل #إيران.

لا يزال الأسد يناور من أجل الحفاظ على الدروز إلى جانبه، لكن من جانب آخر فإن سخطهم على نظام الأسد لا يعني بالضرورة قربهم من المعارضة المناهضة للأسد. على العكس، فإن المذبحة التي قامت بها #جبهة_النُصرة ( فرع القاعدة ) الأربعاء الماضي بحق أكثر من 20 من الدروز في محافظة إدلب الشمالية الغربية، من شأنها إقناع سكان السويداء أنهم قد يواجهون المصير ذاته إذا ما سيطر المتمردون على مناطقهم.

قاتل الدروز أيضاً إلى جانب الثوار بعد أن اجتاحوا قاعدة #الثعلة الجوية في السويداء يوم الخميس. كما أنهم أجبروا الثوار فيما بعد على الانسحاب، وقد تعهّد الثوار الآن بعدم دخول السويداء إلى حد أبعد من هذا، لتجنّب إثارة التوترات الطائفية. وما يزال الثوار يصرّون على أن القواعد العسكرية الواقعة بالقرب من السويداء تُستخدم في قصف القرى والبلدات في محافظة #درعا الواقعة في أقصى الجنوب.

كما حذّر أيضاً شيوخ الدين الدروز جبهة النُصرة من أنهم سوف يقومون بالدفاع عن مناطقهم مهما كلف الأمر ضدّ أي انتهاك تقوم به المجموعة أو أي قوات أخرى مناهضة للحكومة.

بحسب وجهة النظر في السويداء فإن الصعوبة بالنسبة للنظام في إدارة الحالة هي معقّدة، حيث أن الدروز لا يمكنهم الاعتماد على النظام في حمايتهم، على خلاف العلويين والمسيحيين.

كان الدروز يراقبون برعبٍ إخفاقات نظام الأسد في التقدّم للدفاع عن #كوباني في العام الماضي بعد حصارٍ محرج أطبق على البلدة الحدودية الكردية من قبل إرهابيي داعش. ماذا سوف يحصل إذا ما جاءت داعش إلى السويداء؟

يدعو المزيد من الدروز لإعادة تحديد علاقتهم مع الأسد. يفضّل الكثيرون أن ينؤوا بأنفسهم عن النظام، لضمان مستقبلهم ضمن حتمية قيادة الغالبية السنية للحكومة، وهو الموقف الذي تردده نداءات متكررة من الدروز اللبنانيين لذات الغرض، وخاصةً زعيم هذه الطائفة وليد جنبلاط. طالب دروز آخرون بأن يوفر الأسد لهم ضمانات لمستقبلهم، أي من خلال قيامه بتسليحهم. طلبوا من النظام أن يقوم بتزويد الجيوش الشعبية المحلية بالأسلحة الثقيلة بدلاً من الاعتماد على القواعد العسكرية التي يمكن أن يتم اجتياحها من قبل الثوار أو الجهاديين.

حتى رجال الدين الذين وقفوا إلى جانب النظام _ مثل الشيخ يوسف جربوع _ كانوا واضحين بشأن هذه التوقعات : “الجيش السوري قادر على الدفاع عنّا ولا يزال له اليد العليا. لن يقوم الدروز بمحاربة الثوار في درعا أو في أي مكان آخر. سوف ندافع عن مناطقنا فقط. نملك الأسلحة لكنها ليست كافية بما فيه الكفاية لمواجهة كل التهديدات التي قد نواجهها”.

يشكل الدروز المجموعة الأقلية الوحيدة في سوريا التي تلعب دوراً سياسياً ذكياً لضمان بقائها بغض النظر عن نتيجة الحرب. لقد كسبوا بالفعل تنازلات من النظام من خلال إعفاء شبابهم من القتال بعيداً عن أراضيهم. من المحتمل أن يكون الدروز قضية نجاح نادرة في سوريا، إذا ما استمروا في كتابة السيناريو الخاص بهم للحكم الذاتي، حيث أفلتوا من معاداة النظام، وهم محميون من مهاجمة الثوار أو الإسلاميين، وأحرار في المواصلة بالشكل الذي يتمنون.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة