رامز أنطاكي

حلب عطشى مجدداً، فالمحطة المسؤولة عن ضخ المياه إلى كامل مدينة #حلب تقع في منطقة سليمان الحلبي الواقعة تحت سيطرة المعارضة، وهي تتغذى كهربائياً من الشبكة السورية العامة عبر محطة الزربة قرب حلب، وتضرر الخط الكهربائي الواصل إلى المحطة جراء اشتباكات عسكرية أدى إلى تكرار أزمة عرفها الحلبيون قبلاً هي انقطاع #المياه.

 

الاتفاق بين المعارضة والنظام يتضمن إلى جانب تزويد محطة سليمان الحلبي بالتيار الكهربائي تزويد مناطق من ريف حلب والقسم الشرقي من المدينة، وهي المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بحوالي 90 ميغا واط من التيار الكهربائي، بينما هناك مصدر آخر للكهرباء في حلب يتمثل في المحطة الحرارية التي باتت على كل لسان في المدينة منذ أكثر من سنتين، فوصول التيار الكهربائي إلى المدينة، خاصة بقسمها الغربي الواقع تحت سيطرة النظام مرهون بحالة المحطة والعمليات العسكرية الدائرة بقربها.

جرت محاولة تكللت بالنجاح لإدخال كمية تقدر بـ 30000 ليتر من #المازوت بهدف أن تضخ محطة سليمان الحلبي المياه اعتماداً على المولدات الكهربائية الاحتياطية فيها، لكن العملية التي تمت بتدخل من منظمة #الهلال_الأحمر_العربي_السوري لم تنجح إلا بتشغيل المحطة لمدة تقل عن عشر ساعات على دفعتين، في الوقت الذي تكفي فيه كمية المازوت المدخلة إلى المحطة لتشغيلها ما يزيد عن ثلاثين ساعة، وتم توجيه اتهامات إلى مسلحي المعارضة المسيطرين على المحطة بسرقة المازوت.

لم تلتزم شركة الكهرباء بالاتفاق الذي عقد بعد وساطات وتدخلات شتى، والقاضي بتزويد محطة سليمان الحلبي وجزء من الريف المسيطر عليه من قبل المعارضة بــ 20 ميغا واط بدل 90 من المحطة الحرارية، كما لم تقدم مبررات لرفضها هذا الذي يعتقد البعض أن أسبابه سياسية لا تقنية، وعادت لاحقاً للمطالبة بالسماح لفرق الصيانة التابعة لها بالوصول إلى المحطة الواقعة في منطقة اشتباكات قرب البحوث العلمية، كي تنفذ الاتفاق المعقود وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن.

في النتيجة حرم أهل حلب من المياه خلال شهر #رمضان وعيد الفطر وفي ظل شدة حرارة فصل الصيف، فبين النظام والمعارضة ومحطة الزربة والمحطة الحرارية تبقى محطة سليمان الحلبي بدون كهرباء وبدون عمل بالتالي، ليعطش أهل حلب وتصل بهم الأمور حداً تناقلت معه مواقع إلكترونية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً اعتبرها البعض مهينة لمواطنين يضطرون لقضاء حاجتهم في الطرقات نظراً لانعدام وجود المياه في منازلهم حتى للاستخدامات الصحية.

تقدر بعض الترجيحات وجود ما قد يصل إلى مليوني مواطن في القسم الغربي من حلب وأقل من مليون مواطن في المقلب الآخر من المدينة، وهو عدد لا يمكن لآبار المياه المنتشرة هنا وهناك أن تخدمه مؤمنة المياه الكافية لكل بيت، ورغم ذلك فقد نشطت صهاريج المياه الخاصة المستحدثة في العمل، خاصة السيارات التي كانت تعرف محلياً بالـ “سوزوكي” حيث تم تزويدها بخزانات تقارب سعتها 1000 ليتر مزودة بمضخة تعمل على البنزين، وتقوم هذه الصهاريج بملء خزاناتها من الآبار العامة التي يوجد بعض منها في الحدائق العامة مجاناً، لكن بعد انتظار طويل نظراً للأزمة الشديدة الحاصلة، ثم تقوم بنقل المياه وضخها لخزانات الزبائن مقابل أسعار تعتبر باهظة قد تصل إلى 5000 ليرة سورية أي حوالى 16 دولار عن 1000 ليتر.

منذ الأزمات المشابهة الماضية قامت جهات مختلفة منها مجلس الكنائس العالمي بحفر عدد من الآبار في مناطق عديدة بمشاركة الجهات المحلية، وهذا ما زاد من مصادر المياه التي كانت تقتصر على الحدائق العامة ودور العبادة وبعض الآبار الخاصة، ولكن برزت مشكلة تمثلت في اضطرار مواطنين إلى استعمال هذه المياه للشرب مما تسبب أحياناً بحالات تسمم.

في العموم تكون الآبار القريبة من سرير نهر #قويق غير صالحة للشرب، بينما الآبار الصالحة للشرب معروفة وهي كانت قد خضعت للتحاليل اللازمة، لكن الجهل والحاجة الماسة للمياه سببت حالات التسمم آنفة الذكر، رغم أن مؤسسة المياه قامت بتوزيع حبوب لتعقيم مياه الآبار لتصير أكثر قابلية للشرب خاصة جراء التلوث الذي قد يلحق بها خلال عمليات الضخ والنقل، وهذه الحبوب المسماة Aquatabs ايرلندية المنشأ قدمت من منظمة الصحة العالمية، ومؤسسة المياه تنصح المستخدمين باستخدام حبة واحدة لكل 40 ليتر من مياه الآبار بينما يوضح غلاف الحبة أنها مخصصة لكمية تعادل 10 ليترات من المياه.

يقول أحد المواطنين الحلبيين المقيمين في القسم الغربي من المدينة أن الناس أصابهم اليأس، فلا يشعرون أن أحداً يهتم بهم وبحاجاتهم الأساسية، “فالمعارضة تسرق المازوت، وشركة الكهرباء لا تتعاون، وصهاريج مياه الدولة تهتم بالمسؤولين فقط”، معتبراً أن ازدياد المتطلبات الاستثنائية كاشتراك “الأمبير” لتوفير الكهرباء، وصهاريج المياه استنزفت كل القدرات المالية للمواطن الحلبي في ظل ظروف استثنائية ندرت معها أبواب الرزق وقلت فرص العمل إلى الحد الأدنى.

طرحت بعض الاقتراحات لحل الأزمة أو جزء منها على الأقل من خلال استغلال مياه نهر قويق، خاصة وأن مياه نهر #الفرات التي يتم استجرارها لتسقي مدينة حلب تصب في مجرى نهر قويق إن لم تقم محطة سليمان الحلبي بضخها إلى شبكة مياه المدينة، وباعتبار أن شبكة الصرف الصحي معزولة ولا تلوث مجرى نهر قويق فبالإمكان استغلال المياه التي تبقى بعد اضافة مادة الكلور إليها صالحة لاستعمالات النظافة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.