اللوموند الفرنسية 10/8/2015

“نحن نحب الموت كما تحبون أنتم الحياة”. حيث أعلن #أسامة_بن_لادن قبل أربعة أعوام من تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وذلك في لقاء على قناة الـCNN أن: “الشهيد هو في نفس الوقت أداة وأفق الفكر الجهادي”. وبعد عقدين من الزمن، قامت الدولة الإسلامية والتي تعتبر منافسه الرئيسي بتوسيع نطاق وطموح برنامج التجنيد. فالرسالة ما عادت موجهة للانتحاريين فقط! وإنما لمجمل مقاتلي “الخليفة” على حدود #العراق و #سوريا. حيث تظهر هذه البرامج “الخليفة” على أنه “سفينة نوح” التي ستنقذ المسلمين الحقيقيين عند المعركة النهائية مع قوى الشر.

 

منذ بداية الصراع، تم استدراج 910 فرنسيين بموجب هذا الخطاب، حيث التحقوا بسوريا، وبحسب إحصائية لوزارة الداخلية، فإنه حتى نهاية تموز الماضي هناك 494 منهم لا يزال على قيد الحياة على الأرض بينما 126 منهم فقدوا حياتهم: أي أن هناك جهادي فرنسي من أصل سبعة يموت في سوريا.

في الأساس هؤلاء “الشهداء” هم من الرجال، ومن ضمن 158 فرنسية على الأرض هناك، فإن واحدة منهم استسلمت للمرض، المفارقة أن القاصرين هم من يدفع الضريبة الأثقل.. خمسة من أصل 16 مراهق فرنسي ذهبوا للقتال في سورية قُتلوا هناك: أي ما يعادل الثلث منهم.

من جهة أخرى، يُقدر بأن العشرات من الأطفال الفرنسيين في عمر أقل من ذلك، حيث لا توجد إحصائية رسمية، قد تم أخذهم من قبل آبائهم من أجل خدمة “الخليفة” وملئ دولة الخلافة.

رحلة نحو الموت

انفجر معدل القتلى الفرنسيين الذين تم تجنيدهم في الأشهر الأخيرة. حيث أنه بين شهري كانون الثاني وتموز ارتفعت النسبة من 11% إلى 14%. وإذا كان عدد الفرنسيين قد ازداد في سورية بمعدل 44% من تموز 2014، فإن عدد القتلى قد ارتفع إلى 280% ليكون المعدل الوسطي سبعة قتلى شهرياً منذ كانون الثاني. أكثر من خمسين فرنسي قتلوا منذ بداية العام الجاري، أي بمقدار ما قُتل خلال كل عام 2014. حيث تشير وزارة الداخلية إلى أن: “هذه الأرقام تدل على أنه إن كان ضرورياً السفر إلى سوريا، فهو رحلة نحو الموت”.

كان هناك العديد من الضربات الجوية للتحالف الدولي هناك. ففي أيار، أعلن وزير الدفاع الأمريكي عن مقتل 10000 من مقاتلي #الدولة_الإسلامية منذ بدء الضربات في آب 2014. مع الأخذ بعين الاعتبار المواجهات مع الثوار السوريين و #جبهة_النصرة والمعركة المخيفة مع #الأكراد للسيطرة على #كوباني.

ويأتي مقتل الفرنسيين نتيجة تتدرجهم في السلطة في الدولة الإسلامية. ففي بداية المعارك، كان يقتصر دورهم على مهام صغيرة كحراسة الرهائن، حيث بقيت الحرب مهمة المجاهدين القادمين من #الشيشان و #البوسنة ودول المنطقة. وفي كانون الثاني 2013، كان هناك ما يقارب عشرين متطوعاً فرنسياً حاضراً في سوريا. وهو يشكلون اليوم إحدى أوائل الكتائب الأجنبية المقاتلة في الدولة الإسلامية على الجبهة.

مئات الدول معنية

المقارنات الدولية لها حدودها، فكل جهاز مخابرات له طريقته في الإحصاء. ومع ذلك فهي تعطي حجماً متعاظماً، فبحسب تقرير للأمم المتحدة في أيار، مئة دولة أي نصف دول الكوكب، تقوم بتغذية ما يقارب 25000 مقاتل أجنبي في المنطقة السورية العراقية. حيث تشكل #فرنسا حلقة مع كل من #روسيا و #المغرب و #تونس ـ كدول غير حدودية مع سوريا والعراق ـ تساهم في تعبئة آلاف الرجال منذ بدء الصراع.

كأول مصدّر أوربي، ومقارنة بعدد السكان تأتي فرنسا في المرتبة الثالثة عشرة بعد عشر دول أغلبيتها مسلمة كلبنان وكوسوفو وألبانيا أو البوسنة، ودولتان أوربيتان هما بلجيكا والدانمرك. ويقدّر الخبراء أن الدولة الإسلامية كانت ستخسر المعركة منذ أمد لولا هذا الزخم من المقاتلين الأجانب.

بالإضافة إلى عدد الجهاديين الفرنسيين، فإن ما يقلق السلطات هو انغماسهم في المعارك: فمن بين 11 عملية انتحارية نفذها فرنسيون، 8 عمليات وقعت في عام 2015. ونصف هذه العمليات تم تنفيذها من قبل المعتنقين الجدد للإسلام، والذين يشكلون ربع عدد المقاتلين الفرنسيين. “بيير سي” وعمره 19 عاماً ذهب إلى سوريا في تشرين الأول 2013 تاركاً هذه الكلمات لوالديه: “أبي، أمي، لقد ذهبت لأساعد السوريين والسوريات، لذلك لا تقلقوا، سأرسل لكم أخباري بمجرد أن يكون ذلك ممكناً”. تحت الاسم الحركي “أبو طلحة الفرنسي”، هذا الشاب الفرنسي فجّر نفسه في شباط في قاعدة عسكرية في #تكريت ـ العراق.

من بين الـ 910 فرنسيين الذين ذهبوا إلى سوريا، هناك ما يقارب 500 منهم على الأرض، و290 يفضلون العودة، حيث 232 منهم اليوم في فرنسا: إذاً سيكون هنالك ما يقارب 800 مواطن فرنسي ممن ارتكبوا أو شهدوا ارتكاب الفظائع، على الأرض الفرنسية. وهنا موضوع مراقبتهم وعلاجهم النفسي يطرح نفسه.

على كل حال، أقلية منهم فقط تفكر بتنفيذ هجمات في فرنسا، والأغلبية هم ضحايا وسيعانون اضطراب ما بعد الصدمة، الأمر الذي يجعلهم خطراً على أنفسهم وعلى محيطهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.