هيلين المصطفى

في شباط 2012 انضمت تدمر إلى منطقة النزاع المسلح في  #سوريا حيث تمركزت قوات النظام السوري داخل المدينة الأثرية حول #معبد_بل والمتحف، إضافة للقناصة المتمركزة خلف أسوار المسرح الروماني، بينما تمركزت الفصائل الأخرى على أطراف المدينة .

 

في معظم الأوقات كانت المدينة تحت سيطرة قوات نظام الأسد في ذلك الوقت، وعلى الرغم من أن تلك القوات هي من الجيش النظامي، إلا أنه تم توثيق الكثير من عمليات النهب والسرقة وعمليات التنقيب غير الشرعي سواء من قبل مختصين، أو من قبل تجار ولصوص الآثار، حيث تم رصد ذلك من خلال:

ـ صور الأقمار الصناعية التي بينت أن أعمال الحفر العشوائي تركزت في الفترة ما بين أيلول 2012 وتشرين الثاني 2013 في منطقة المدافن، أما في الفترة ما بين تشرين الثاني 2013 وآذار 2014 فتركزت غرب الأغورا، بالإضافة إلى رصد حفريات داخل معبد بل.

1 hafr

hafr bel

صور أقمار صناعية للحفريات

 

ـ من خلال تقارير الجهات المختصة، حيث استطاع فريق من أعضاء متحف مدينة تدمر في الشهر العاشر 2013 من الدخول إلى المدينة لتوثيق الأضرار الحاصلة، وبين التقرير الصادر عنهم أن أغلب الحفريات تركزت في منطقة المدافن الجنوبية الشرقية.

ـ عصابات وشبكات تجارة الأثار، ففي 17/05/2013 قامت السلطات اللبنانية بالتعاون مع الانتربول من إيقاف أفراد شبكة تهريب للآثار في سوريا، حيث كان من المقرر بيع القطع المسروقة في مزاد علني في #لندن، وهي عبارة عن قطع جنائزية بيزنطية ورومانية مسروقة من مدافن تدمر.

1

2

3 6

مجموعة من التماثيل النصفية التي تم استعادتها لمتحف تدمر

 

كما قامت اليونيسكو بالإبلاغ عن مجموعة من العملات النقدية الإسلامية التي تم رصد بيعها من خلال أحد مزادات الانترنت المتخصص بالعملات، ولم يتم التحرك من قبل السلطات المعنية حتى الآن.

هناك العديد من المعاهدات والاتفاقيات تحد من تجارة الآثار في هذه الحالات لكنها ليست فاعلة بالشكل المطلوب لحد الآن.

ـ الأضرار التي تم رصدها في الفترة ما بين شباط 2012_ أيار 2015 تتركز في معبد بل بسبب موقعه في المنتصف بين قوات النظام السوري في الشمال والجهات المسلحة المعارضة من الجنوب، حيث تبدو آثار القذائف والرصاص واضحة على جدرانه بالإضافة إلى انهيار عدة أعمدة  وآثار الحريق واضحة تماماً في حرم المعبد ومعظم جدران السور.

آثار الحرق والرصاص على جدران معبد بل

آثار الحرق والرصاص على معبد بل

 

ـ قوات نظام الأسد كانت متمركزة في القلعة الإسلامية بسبب ارتفاعها مما جعلها عرضة للانهيارات بسبب استخدام المعدات العسكرية الثقيلة، وعرضة للقذائف بشكل مباشر من الطرف الآخر.

7

صور الأقمار الصناعية تبين آثار الآليات العسكرية في قلعة فخر الدين

 

أيار 2015:

ـ استطاع تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) السيطرة على مدينة تدمر الأثرية، وتبدو المدينة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للتنظيم الذي ينقل مختصون ومطلعون على مقومات حياته، بأنه يعتمد بالدرجة الأولى على تجارتي النفط والآثار.

وأعلن التنظيم بأنه لن يقوم بتدمير أو التعرض للمدينة الأثرية هو فقط سوف يقوم بتحطيم “الأصنام الوثنية” و “المعابد” ولن يمس حضارة وتاريخ هذه المملكة، وذلك حسب مقابلة إذاعية مع أبو ليث السعودي (قيادي في التنظيم).

ـ قام التنظيم كأول خطة في استغلال آثار المدينة بطريقة غير شرعية، باستخدام المسرح الأثري كساحة لإعدام المحتجزين لديهم، كما قام في 18 اب 2015 بإعدام عالم الآثار خالد الاسعد الذي أفنى عمره في خدمة هذه المدينة، فقام عناصر التنظيم بتعليق جثمانه على أعمدتها.

ـ في آب 2015 أيضا قام التنظيم بتفجير معبد بعلشمين والذي تهدم بمعظم أجزائه، قبل شهر من تفجيره قاموا بتفخيخه وزرع المتفجرات في كل ركن فيه، والضرر الأكبر كان في (السيلا) أو حرم المعبد بالإضافة إلى الأعمدة المحيطة به.

يقع هذا المعبد في المنطقة الشمالية للمدينة ويعود للقرن الثاني الميلادي، ويتألف مخططه من سيلا وباحتين مقابلتين، يتميز بأعمدة  مدخل الحرم ذات الجبهات المثلثية التي تحمل كتابة تدمرية والمؤرخة عام 130/131 ميلادي.

shemsean

لحظة تفجير معبد بعلشمين

 

لم يختر التنظيم المعبد اعتباطيا، فهو على دراية تامة بمدى أهمية هذا المعبد في تدمر، ومدى تفرده وخصوصيته في حفاظه على طرزه وعمارته.

ـ الخطوة الأخيرة في تدمير المدينة الأثرية حتى الآن، كانت يوم أمس حين أقدم التنظيم على تدمير أجزاء من معبد بيل الشهير، الذي يعتبر من أهم وأعرق المواقع الأثرية في المدينة، وحتى الآن اقتصر توثيق ذلك على ما نقله ناشطون من مدينة تدمر، حيث قالوا إن التنظيم فجر المذبح وجزءاً من المعبد.

يعود بناء معبد بل للقرن الأول الميلادي، واكتمل في القرن الثاني للميلاد، كان مكرساً لعبادة الرب بل، يتألف المعبد من ساحة يتوسطها الحرم لوضع تمثال الإله الرئيسي، وتحيط به أروقة تحملها أعمدة ذات تيجان مميزة بتصاميمها وزخرفتها من البرونز المذهب.

تدمر في سطور

تدمر أو بالميرا أو ما يعرف بعروس الصحراء، تقع وسط البادية السورية على مفترق طرق لحضارات وممالك متعددة. أدرجت في العام 1980ضمن لائحة اليونيسكو للتراث العالمي.

هناك شواهد في المدينة تعود الى العصر الحجري الحديث، لكن أقدم النصوص التي تذكر مملكة تدمر باسمها الحالي تعود للألف الثاني قبل الميلاد، ومن ثم ورد ذكرها في نصوص ماري التي تعود للقرن التاسع عشر قبل الميلاد.

بقيت تدمر إمارة مستقلة طوال عهد السلوقيين في بلاد الشام، كما احتفظت باستقلالها بعد سيطرة الرومان على سوريا 64 قبل الميلاد، ومنحها الإمبراطور هادريان لقب المدينة الحرة والكثير من الامتيازات.

بلغت أوج قوتها في عهد الملك أذينة الذي بدأ حكمه 258 ميلادي وحصل على عدة ألقاب من أباطرة الرومان، وبعد مقتله بظروف غامضة توجت زوجه زنوبيا ملكة على تدمر وقامت بالعديد من الفتوحات، ووصلت سلطة مملكتها لمساحات شاسعة في الشرق وهو مالم يعجب روما فتم التخلص منها.

رسخت المسيحية في تدمر في القرن الرابع الميلادي وتحولت معظم المعابد إلى كنائس، ثم تم ضمها للدولة الإسلامية على يد خالد بن الوليد عام 634 ميلادي، وفقدت تدمر سحرها في ظل الخلافات الإسلامية، وتعرضت للكثير من الغزوات من قبل قطاع الطرق لذلك قام فخر الدين المعني بأمر من الخلافة العثمانية ببناء قلعة أو حصن لحمايتها بسبب تردي الأوضاع الأمنية.

عمارة المدينة وأهم معالمها

الشكل الحالي يحمل طراز المدن الرومانية بكافة تفاصيله من الشارع المستقيم والمتقاطع مع شارع آخر يصل بين بوابات المدينة، مجلس الشيوخ، الاغورا، المصلبة، الأعمدة التذكارية، المسرح، المعابد وأهما معبد بل وبعلشمين، كما تتميز بمدافنها وهي على ثلاث أشكال ( برجية، أرضية وبيتية)  بالإضافة للكنائس، وقلعة فخر الدين التي تعود للفترة الإسلامية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.