شبح الشتاء على أبواب السوريين.. والتدفئة رهينة السوق السوداء وعناصر الدفاع الوطني

شبح الشتاء على أبواب السوريين.. والتدفئة رهينة السوق السوداء وعناصر الدفاع الوطني

لانا جبر – دمشق

اقترب فصل الشتاء وعاد معه شبح تأمين المازوت ليلاحق السوريون الذين بدؤوا يبحثون عن الطرق والوسائل للحصول ولو على بضعة ليترات منه، علّها تحمي أطفالهم من شتاء قارس تتوقعه الأرصاد الجوية، الأمر الذي يتزامن مع شح واضح في المادة تعاني منه #الحكومة_السورية، وتبرز مؤشراته بوضوح في السوق على الرغم من إنكار الأخيرة لذلك.

 

ولعل ما تعيشه مدينة #دمشق من ازدحامات أمام محطات الوقود، وتحكم تجار السوق السوادء بأسعار #البنزين و#المازوت، التي ارتفعت إلى الضعف تقريباً إنما ينبئ بمشكلة حقيقة أمام السكان الذين سيواجهون شتاء قاسياً، لا يقل سوءاً عن سابقه.

أما بالنسبة لوعود الجهات الحكومية بأنها ستوزع حصصاً من المازوت على مرحلتين لكل عائلة في مناطق سيطرة النظام، لتصل الحصتان إلى 400 ليتر، وهو ما يتزامن مع دعوة مسؤوليها للمواطنين بالإسراع للتسجيل في مراكزها، فقد تحول ذلك لمجرد تصريحات إعلامية لم تعد تلقى آذاناً صاغية من قبل المواطنين الذين يملك جلهم قسائم تسجيل تعود إلى أكثر من سنتين، ما يزالون ينتظرون شركة المحروقات (سادكوب) لتعبّئ لهم حصصهم! وبالتالي ليسوا بحاجة لتجميع قسائم جديدة، حسب ما وصف بعضهم.

265 سعر الليتر في السوق السوداء

وفي الوقت الذي تسعى فيه كل عائلة اليوم بما يتماشى مع إمكانياتها المادية لتحصيل ما تستطيع من المادة، يصل سعر المازوت في السوق السوداء إلى  265 ل.س الليتر الواحد، في حين أن سعر الليتر الحكومي لا يتجاوز الـ 130 ل.س، وذلك إيماناً من السكان بأن سعر السوق السوداء الحالي والذي يعتبر مرتفعاً سيتضاعف أكثر مع دخول أول أيام الشتاء.

يبين عدنان وهو رب عائلة تضم ثلاثة أطفال في تصريح لموقع #الحل_السوري، بأنه حاول منذ حوالي شهرين تقنين مصروف أسرته، ليبدأ بتعبئة المازوت “بالبيدونات”، علّه يصل إلى الشتاء وقد استطاع تحصيل بعض الليترات ليستخدمها في الأيام الشديدة البرودة.

وقد باتت البيدونات الطريقة المعتمدة لدى معظم السكان، لتعبئة وتخزين المادة على اعتبار أن الشريحة الأوسع منهم لم تعد تملك القدرة المالية على تعبئة خزاناتها، التي تتراوح سعتها بين 400 ليتر وحتى الـ 1000 ليتر.

وهنا بينت إحدى السيدات من العاصمة بأن هناك سبباً آخراً دفع معظم السكان إلى تخزين المازوت بالبيدونات، وهو الخوف من قذائف الهاون والصواريخ التي تنهال على أحياء العاصمة بين الحين والآخر، على اعتبار أن معظم الخزانات تتمركز على أسطح المنازل، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من السكان خسروا مئات الليترات جراء استهدف القذائف لخزاناتهم، وهو ما دفع الأغلبية اليوم إلى التخزين بطريقة أخرى.

“الحكومة أثبتت كذبها”

وبالعودة إلى موضوع الدعوات الحكومية لسكان دمشق بالتسجيل في مراكزها لتعبئة المادة بالسعر الحكومي، أوضح مواطنون أن الحكومة أثبتت أنها “كاذبة” على مدار الأعوام الماضية، وتصريحاتها لا تتعدى البروبوغاندا الإعلامية التي يلجأ إليها المسؤولون مع بداية كل شتاء، وهدفها تصوير المواطنين وهم يقفون بالطوابير أمام مراكز التسجيل.

وتابعت المصادر، أن شركة سادكوب لم تأت على مدار الأعوام الماضية، “سوى لقلة قليلة من المواطنين وهم من المدعومين من قبل شبيحة النظام وميليشياته، حيث نالوا حصصهم وحصص غيرهم من العائلات، ليترك أغلبية سكان العاصمة من دون تدفئة”، حسب وصفهم.

“لشبيحة النظام الكلمة الفصل”

في هذا السياق أكد أحد السكان في مدينة #جرمانا والذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن الدولة وضعت المواطنين تحت رحمة #الشبيحة، لافتاً إلى أن التسجيل على المازوت في جرمانا على سبيل المثال منوط بما يسمى اللجان الشعبية، وتحدث عن تجربته قائلاً إنه توجه مؤخراً إلى الشخص المسؤول عن التسجيل في حيه، وهو أحد عناصر اللجان المعروفين في المدينة، إلا أنه تفاجأ بأن الأخير لم يعطه أي ورقة أو قسيمة تثبت تسجيله، حيث اكتفى بتدوين الاسم ورقم الهاتف، ما أعطى له مؤشراً واضحاً بأن الموضوع ليس سوى “لعبة يضحك بها النظام على المواطنين”، حسب ما وصف، متسائلاً عن دور الرقابة الحكومية في هذا الإطار؟ّ!.

“الواسطة هي الأساس”، بهذه الجملة اختصرت رنا القاطنة في حي #القصاع مشكلة المازوت التي عانت منها وعائلتها على مدار العاميين الماضيين، متوقعةً أن هذا العام لن يكون أقل سوءاً، حيث بينت بأن “من لديه معارف في الدفاع الوطني أو من الشبيحة أو حتى أحد العسكريين يمكن له أن يعبئ المازوت، وإلا فإن شراء المادة عن طريق السوق السوداء هي طريقه الوحيد”.

أما مسؤولو الحكومة السورية، فهم لازالوا يرددون العبارات ذاتها منذ حوالي سنتين، ويطمئنون السكان بأن حصصهم من المادة محفوظة ولا مشاكل في كميات المحروقات تعاني منها الدولة، وسط صورة وردية ترسمها وسائل الإعلام الموالية للنظام بأن الأمور تحت السيطرة ومؤسسات الدولة لاتزال تراقب وتشرف بنفسها على عمليات تسجيل وتوزيع المحروقات اللازمة للتدفئة على المواطنين، مؤكدة أنه لا تهاون مع من تصفهم بالسماسرة الذين يحتكرون المادة.

أما صورة الواقع فهي مختلفة تماماً حيث تغيب فيها الرقابة عن تجار السوق السوداء الذين باتوا يتحكمون بحاجة المواطن “بغطاء من شبيحة النظام وعسكرييه”، لينقسم المواطنون بين من لازال يتعلق بقشة الوعود ويقف أمام مراكز التسجيل متوقعاً النتيجة مسبقاً، وبين من يشتري المادة من السوق السوداء، في حين أن هناك من اختصر الطريق وفضل شراء مدفأة حطب ليريح نفسه من عناء اللهاث وراء المادة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.