لوموند 19/10/2015

ترجمة موقع الحل السوري

 

لم تكن الحرب الشيشانية الثانية التي شنها فلاديمير #بوتين في خريف 1999 هي التجربة الأخيرة؟ سبق وأن تم الحديث عن “عملية مكافحة الإرهاب”، كما سبق أن تم سحق شعب تجرأ على حمل السلاح مطالباً بالخلاص من الوصاية الروسية، وذلك تحت شعار محاربة الخطر الإسلامي (الحقيقي). التشابه بين الحرب الشيشانية وتلك الدائرة في #سوريا مذهل في بعض الأحيان.

بشار الأسد لم يكن في السلطة بعد – فأبوه مات في حزيران 2000 – عندما سُحقت غروزني تحت وطأة القنابل في شتاء 1999-2000، وهو الأمر الذي لم تشهده أية مدينة في #أوربا منذ عام 1945. لعل الزعيم السوري الشاب لم يدرس في #موسكو كما هو حال معظم ضباطه، لكنه فهم جيداً وصفة بوتين. وطبقها حرفياً عندما اندلعت الثورة السورية في آذار 2011.

تندد بعدوٍ ما، وتجيّش الرأي العام ضده ثم تقوم بإيجاده (خلقه). أولاً، تندد بعدو إن لم يكن وهمياً فهو على الأقل لم يولد بعد، وتجيّش الرأي العام لإدانته وفي نهاية المطاف تقوم بإيجاده وشيطنته ولو بالقوة. في #روسيا، كانت الشرارة سلسلة التفجيرات في صيف 1999، وفي سوراة تم إطلاق سراح الكوادر الجهادية من السجون في صيف 2011 بذريعة عفو عام مزعوم.

“استهداف الإرهابيين حتى في المراحيض”:

المرحلة الثانية تقوم ـ قبل محاربة الجهاديين ـ على محاربة الأعداء الحقيقيين للنظام، يعني كل من يمكنه أن يشكل بديلاً موثوقاً: في الشيشان كانوا المقاتلون الوطنيون الذين التفوا حول الرئيس أصلان مسخادوف، وفي سوريا هم الناشطون الثوريون المدنيون وألوية الجيش الحر، ولا يكفي محاربة هؤلاء، بل يجب فعل ذلك بكل عنف بشكل يكسر شوكة من تبقى منهم على قيد الحياة أو يدفعهم للالتحاق بمعسكر المتطرفين. وآنذاك تتحقق النبوءة: أعداء النظام يصبحون أصوليين ومسعورين في أعين الغرب المذعور. وهو ما يحدث الآن في سوريا مع دعوات الجهاد ضد الروس التي أطلقها شيوخ السعودية ومقاتلو #جبهة_النصرة.

المفارقة في الأمر، أن سبب تدخل فلاديمير بوتين العسكري هو وجود الجهاديين الشيشان الذين قوّتهم سنوات التمرد في سوريا، وذلك إيفاءً بوعده الذي لا نهاية له بـ”استهداف الإرهابيين حتى في المراحيض” والذي أطلقه عام 1999. وبفضل حربه على الشيشان تم انتخابه رئيساً وذلك بدم الشيشانيين وبسبب الأعمال الشائنة لبوريس يلتسن وعشيرته.

شرعية غير متوقعة:

الحرب الشيشانية والتي أضفت عليها هجمات 11 أيلول شرعية غير متوقعة، أصبحت متراساً للقوى الاستبدادية الضعيفة. الضباط الجزائريون والذين تم تدريب أغلبهم في موسكو نجحوا باختبار هذه الوصفة خلال الحرب الأهلية “القذرة” في التسعينيات. وقد حاول معمر #القذافي استخدام نفس الوصفة قبل أن يقع تحت ضربات معارضيه المدعومين من حلف شمال الأطلسي مما أثار استياء بوتين الذي لن يغفر أبداً للتحالف تحويله للمهمة الأممية من “حماية المدنيين” إلى تغيير النظام.

بعد ستة أشهر من الثورة السورية، تم مهاجمة نتائج الانتخابات التشريعية الروسية في شوارع موسكو بتهمة الغش. عدوى “الربيع العربي” أصبحت تشكل تهديداً. وقد وجد الكرملين في الحالة السورية فرصة للقضاء على موضة مواجهة الشارع للاستبداد، كما أنها كانت فرصة للتدخل في الشؤون العالمية بعد عقدين من السبات عقب انهيار الاتحاد السوفييتي. باختصار: شيشان على الصعيد العالمي.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.