تشكل الصناعة التحويلية 56% من إجمالي الإنتاج الصناعي

بلغ الناتج المحلي للصناعات التحويلية في 2008 نحو 4 مليارات دولار

33% من سكان سوريا يعملون في صناعة النسيج

إعداد: عبد الرؤوف ابراهيم

تاريخ عريق لقطاع الغزل والنسيج السوري، إذ بدأت هذه الصناعة يدوية حتى العقد الثاني من القرن الحالي ودخلت الأنوال الميكانيكية #سوريا عبر أول شركة للغزل والنسيج، وهي الشركة #السورية للغزل والنسيج في #حلب التي بدأت عملها عام 1933، وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أحدثت العديد من شركات القطاع العام والمختصة بهذه الصناعة، وفي عام 1975 أحدثت المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لتشرف على أداء 26 شركة ومشروعاً.

في نظرة متعمقة على أهمية هذا القطاع الاقتصادي الحيوي قبل الحرب في سوريا، فقد شكلت الصناعة التحويلية 56% من إجمالي الإنتاج الصناعي، وتتركز صناعات القطاع في صناعة الغزل والنسيج والتي تشكل وحدها 35% من إنتاج القطاع الخاص، وتشكل الصناعة التحويلية نحو 98% أيضاً من إجمالي القطاع الخاص.

وتتمثل ربحية الصناعة السورية في صافي الناتج المحلي الصناعي الذي يساهم مباشرة في الناتج المحلي الإجمالي، ويأتي قطاع الصناعة في المرتبة الثانية في الأهمية بعد قطاع الخدمات وقبل القطاع الزراعي، وبلغ الناتج المحلي للصناعات التحويلية في عام 2008 نحو 4 مليارات دولار.

وكانت وزارة الصناعة السورية وضعت مخططاً يهدف إلى رفع معدلات الاستثمار في الصناعات التحويلية إلى 40% من قيمة الناتج الصناعي، وأن يبلغ حجم الاستثمارات المطلوبة من القطاع العام في هذه الصناعات حتى عام 2015 نحو 105 مليارات ليرة سورية، مع الإشارة إلى أنه يعمل في قطاع الغزل والنسيج فقط أكثر من 32 ألف عامل، كما تصل نسبة من يعمل في مجال الصناعات النسيجية ابتداء من زراعة القطن والحلج والغزل والنسيج والصباغة والألبسة إلى 33% من سكان سورية.

ويمكن عرض أهمية قطاع الصناعات التحويلية في سوريا عبر نسبة إنتاجه مقارنة ببقية الصناعات الأخرى، وفق أخر إحصائية رسمية صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء.

أرقام

طبعا الأرقام السابقة تعبر عن مدى أهمية هذا القطاع الاقتصادي الحيوي والذي اشتهرت به سوريا لدرجة أنه خُلد ذكر بعض منتجاته كأقمشة الدامسك والبروكار في جميع أنحاء العالم، ولا ننسى أن هذا القطاع اعتمد بشكل كبير على القطاع الزراعي وخاصة زراعة #القطن أي أن المادة الأولية لهذه الصناعة كانت متوفرة بشكل جيد محلياً، دون الحاجة إلى الاستيراد، فقد بلغ إنتاج القطن قبل الحرب حوالي مليون طن من القطن المحبوب يعطي 320 ألف طن من القطن المحلوج، وكانت معامل #النسيج مجتمعة تحتاج لكمية 170 ألف طن منه ويجري تصدير الباقي إلى #الأسواق العالمية.

تراجع الإنتاج
إلا أنه ونتيجة الحرب، فإن الإنتاج من النسيج القطني انخفض إلى 15 ألف طن بعد أن بلغ 200 ألف طن، بسبب فقدان المادة الأساسية الداخلة في الإنتاج وهي مادة القطن، حيث وصل في العام 2014 إلى 150 ألف طن على حين إنتاجها في عام 2010 تجاوز مليون طن، كما تسببت الحرب بإحراق 50 ألف طن من القطن العام الماضي.

ووصل عدد منشآت القطاعات الصناعية النسيجية قرابة 24 ألف معمل من جميع الأحجام، إضافة إلى عدد غير معروف من الشركات المصنعة غير المسجلة، وأيضاً 27 شركة نسيج تابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية، كل منها يخصّص بإنتاج نوعٍ معين.

وسنعرض شركات القطاع العام الصناعي في قطاع النسيج والتي خرج منها 12 شركة عن الخدمة بفعل الحرب.

1 – شركات الغزل:
الشركة العامة للخيوط القطنية باللاذقية / اللاذقية
o الشركة العامة للخيوط القطنية بادلب / ادلب
o شركة جبلة الحديثة للغزل / جبلة
o شركة حماه للخيوط القطنية / حماه
o شركة الفرات للغزل / دير الزور
o شركة ادلب للغزل / ادلب
o شركة الوليد للغزل / حمص
o مشروع غزل الحسكة / الحسكة

نسيج 1 (2)
2 – شركات النسيج:
تنتج الأقمشة القطنية بمختلف أنواعها ( مقصورة – مصبوغة – مطبوعة – ملونة ) و هي :
o الشركة التجارية الصناعية المتحدة – الخماسية / دمشق
o الشركة العربية المتحدة للصناعة – الدبس / دمشق
o الشركة العامة للمغازل و المناسج / دمشق
o شركة حمص للغزل و النسيج و الصباغة / حمص
o الشركة السورية للغزل و النسيج / حلب
o شركة الشهباء العامة للغزل و النسيج / حلب
o شركة نسيج اللاذقية / اللاذقية

3 – شركات الألبسة الداخلية:
تنتج الألبسة الداخلية بمختلف أنواعها 100 % قطن ( رجالي – نسائي – ولادي ) و هي:
o شركة الشرق العامة للألبسة الداخلية / دمشق
o الشركة العربية للملابس الداخلية / حلب

4 – شركات الألبسة الجاهزة:
تنتج الألبسة الجاهزة بمختلف أنواعها ( رجالي – نسائي – ولادي ) و هي :
o الشركة السورية للألبسة الجاهزة – وسيم / دمشق
o الشركة الصناعية للملبوسات / حلب

5 – شركات السجاد الصوفي:
تنتج السجاد الصوفي 100 % بمختلف القياسات و هي:
o الشركة العامة للسجاد / دمشق
o شركة حلب للأنسجة الحريرية / حلب

6 – شركة تنتج الغزول الصوفية 100%:
o الشركة العامة للأصواف في #حماه

7 – شركات مختلفة لإنتاج الأقمشة الصوفية والتركيبية والممزوجة والجوارب وخيط الساتان والحرير الطبيعي:

نقص الأيدي العاملة
أما في حال عرضنا الواقع الحالي لهذا القطاع الحيوي، فقد تبدلت الأرقام بشكل كلي وأصاب هذا القطاع كبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى تراجع كبير في الإنتاج والاستمرارية، وأصاب الصناعات النسيجية أضرار وصلت إلى 100% في قطاعات محددة، وتراجع عدد الأيدي العاملة في هذا القطاع من 32 ألف عامل قبل الأزمة إلى 18 ألف عامل الآن.

ويملك القطاع العام 25 شركة للغزل والنسيج والسجاد والنايلون والجوارب والألبسة الجاهزة، تعرض منها 12 #شركة للحرق والتدمير والنهب والسلب وتوقفت عن الخدمة وهي موجودة في محافظات #دمشق و #حلب و #حمص و #إدلب و #دير_الزور، كما وشهد الإنتاج تراجعاً كبيراً خلال #الأزمة حيث تراجعت الشركات العاملة في نسب الإنتاج من 91% في عام 2010 إلى 17% في عام 2014، وهناك شركات تعمل الآن ولكن لا يزيد إنتاجها السنوي على 5% بسبب عدم توفر المواد الأولية والانقطاعات الدائمة للكهرباء.

ووفقا لأخر إحصائية صادرة عن وزارة الصناعة عن أضرار قطاع النسيج، فقد بلغ عدد منشآت القطاع الخاص المتضررة التي جرى إحصاؤها 720 منشأة بينها 331 في قطاع النسيج.

أيضا بلغت قيمة الإنتاج الجاهز لقطاع الغزل والنسيج 47.3 مليارات ليرة خلال 2014، وبلغ الإنتاج الفعلي 8.15 مليار ليرة، كما أن قيمة التوقفات وصلت إلى33.3 مليارات ليرة، ولو أُضيفت للإنتاج، لأصبح معدل التنفيذ 87.5 بالمئة، وشملت أسباب التوقف لانقطاع التيار الكهربائي الذي كلف 12.7 مليارات ليرة، ولغياب عمال الإنتاج وكلّف قرابة 8.6 مليارات ليرة، ولعدم توافر المادة الأولية (القطن) وكلف أكثر من 12 مليار ليرة.

نسيج 1 (3)

أضرار القطاع الخاص
في القطاع الخاص، تشرد الآلاف من العمال بسبب إغلاق المصانع وإغلاق المنشآت الخاصة، ولا يخلى يوم إلا ويتم نشر العديد من الإعلانات عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن رغبة بعض الصناعيين ببيع منشآتهم والهجرة، حتى المناطق الآمنة شهدت إغلاق العديد من المنشآت الصناعية الخاصة بالغزل والنسيج نتيجة الصعوبات الكبيرة التي تعترض الإنتاج وخاصة مع ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير وصعوبات تأمين المواد الأولية وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل حتى بات المنتج المستورد أرخص من المنتج محلياً، ما أصاب البضائع المحلية الركود في التصريف وهذا كله أدى إلى زيادة الخسائر وتقلص الإنتاج وبالتالي تآكل هذا القطاع الاقتصادي الهام في سورية.

ولا شك أن قطاع النسيج سابقاً كان يعاني من العديد من المشكلات أهمها المشكلات اللوجستية وزادت الحرب في سوريا من هذه المشكلات، إلا أن وزير الصناعة السوري كمال الدين طعمة يرى أن معظم مشكلات القطاع الصناعي وخاصة النسيج تتركز في الترهل الإداري وأن بقية المشاكل والتي تتمثل وفق قوله بـ20% بمشكلات فنية وتقنية، على حين أن هذا القطاع بالتحديد يعاني من مشكلات قانونية من حيث آلية التعاقد والاستيراد والتصدير وخاصة بالنسبة للمواد الأولية والآلات، عدا عن أنه يعاني من مشكلات تقنية كثيرة كانت سابقة ولا زالت إلى الآن مثل تعمير الآلات المتهالكة ونقص المواد الأولية ونقص اليد العاملة الخبيرة، فمعظم اليد العامة “مسنة” في هذه الشركات، عدا عن ضعف في #التسويق المحلي والخارجي، كما تعاني هذه الصناعة من عدم التطوير.

الخلاصة والحلول
في حال نظرنا إلى الحلول الحالية الممكنة لنشل هذا القطاع من قاعه الحالي، فهي ضيقة بفعل الحرب الدائرة وما لم تهدأ المعارك، ولكن يمكن أن نشملها بعدة نقاط نرى من الأهمية بمكان أن يتم تطبيقها مجتمعة:

1ـ تحديد واقعي لمشكلات الشركات القائمة من خلال إعادة النظر في تطويرها وتأهيلها، وإعادة تعمير آلاتها وتشجيع اليد العاملة للعمل بها وخاصة الخبيرة عبر حوافز تشجيعية مما يساعد على امتصاص البطالة في هذا القطاع الهام.

2ـ تأمين المواد الأولية بشكل يسير لهذه الشركات مثل القطن واستثنائها من تقنين #الكهرباء السائد في سوريا وتأمين الوقود الخاص بمحركاتها بأسعار مدعومة.

3ـ الشركات النسيجية المتوقفة والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل في البنى التحتية والآلات والتي قد تكلف الكثير لإعادة تدوير عجلة إنتاجها، يمكن أن يتم طرحها عبر التشاركية مع القطاع الخاص وفق نسب معينة.

4ـ النظر إلى القوانين المعرقلة لعمل قطاع النسيج وإعادة صياغتها بحيث تحقق المصلحة المرجوة منها، لا أن تكون معرقلة للعمل، واستثناء المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعة من الضرائب والرسوم الجمركية لفترة 5 سنوات على الأقل حتى تستعيد الشركات حيويتها من جديد وتستطيع تقديم منتج منافس في السوق المحلي والخارجي من حيث سعره وجودته.

5ـ تشجيع الفلاح على زراعة القطن ودعمه بشتى أنواع الدعم بدءاً من توفير البذار نهاية بالحلج والتسويق ومنحه سعرا مرتفعا للاستمرار بزراعته ولكي لا ينتقل إلى الزراعات الأقل تكلفة.

6ـ إقامة منطقة صناعية خاصة بشركات ومعامل الغزل والنسيج بحيث تكون متكاملة ابتداء من حلج الأقطان وانتهاء بصناعة الألبسة، مما يقلل من تكاليف النقل بين مصادر المواد الأولية وبين مناطق تصنيعها وبالتالي لم شمل هذه الشركات والمعامل وخاصة المبعثرة منها في الأقبية بين المناطق السكنية في مكان واحد يملك بنية تحتية متميزة.

7ـ معالجة الترهل الإداري في شركات القطاع العام ومكافحة #الفساد ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومخالفة القاعدة المعروفة في مؤسسات القطاع العام والتي تركز على العمل الإداري دون الإنتاجي، بحيث يكون التركيز على خطوط الإنتاج قبل ملئ المكاتب بالموظفين العاطلين عن العمل.

8ـ الدراسات سواء دراسة الجدوى لإقامة أي شركة أو معمل نسيج، أو الدراسة التسويقية، فمن الضروري جداً معرفة الشريحة المستهدفة للمنتج قبل إنتاجه ومعرفة ذوقه، لا أن يتم إنتاج السلع وتطرح في الأسواق ومن ثم تعاني من عدم التصريف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة