احتكار تجارة “الاحتطاب” في المنطقة الوسطى وغياب المازوت يفاقم المعاناة

احتكار تجارة “الاحتطاب” في المنطقة الوسطى وغياب المازوت يفاقم المعاناة

سيف الدين السالم – حمص:

ما إن بدأ الشتاء بطرق أبواب #سوريا، حتى بدأ موسم تجميع الحطب وتحديداً من الحراج الجبلية، موسمان مرا على المنطقة الوسطى في سوريا وحتى ريف #طرطوس دون أن تتوقف “لملمة” وتقطيع الأشجار كبديل للتدفئة عن شح مواد #المحروقات وتحولها إلى تجارة “احتكار” من قبل شخصيات نافذة، إلا أن ثروة الأشجار الطبيعية، تحولت إلى ثروة مالية لبعض المتنفذين وبدؤوا باحتكار تقطيع أشجار الحراج وبيعها بأسعار مرتفعة للسوريين.

بداية لمعان المهنة الجديدة
وبفعل توفر مواد المحروقات و”المازوت” تحديداً، لم يكن المواطنون السوريون يحتاجون إلى حطب الأشجار للتدفئة، فيما عدا قرى متفرقة من ريفي #حمص وحماه وطرطوس تعتمد على الحطب أساساً في التدفئة.

أبو مازن، 45 عاماً، من ريف حمص يقول “لم نكن نحتاج إلى الحطب للتدفئة، وخصوصاً أن المازوت كان متوفراً بأسعار مقبولة نوعاً ما، لكن كان هنالك تخوف من وضع البلد وما إذا كان سيزداد الوضع سوءاً لاحقاً وبالتالي سنعيش أزمة محروقات”.

حتى منتصف عام 2013 كان سعر ليتر #المازوت 35 ليرة سورية إلى أنه تحول لاحقاً إلى 60 ليرة سورية لليتر الواحد، فيما بدأت أزمة انخفاضه من الأسواق واضحة مقابل طلب كبير عليه.

عبدلله 32 عاماً، موظف من مدينة حماه يقول “قبل كل ارتفاع للمازوت كان يختفي من الأسواق تماماً، ثم يعود للسوق مع ارتفاعه وعدم قدرة الناس على شرائه وهو ما شكل أزمة جديدة وهي عدم الثقة بأسعار المحروقات”.

لكن أزمة الثقة جعلت المواطنين يلتفتون إلى مصدر آخر للتدفئة وهو الحطب، حيث لا تكلفة كبيرة مقابله، ويتوفر بكثرة.

“ليس هنالك خيارات بديلة لنا”، أبو ناصر 38 عاماً، مدّرس في إحدى مدارس حماه وأردف “أنا موظف وراتبي يكاد لا يكفيني طعام وشراب فكيف لي أن أتحمل تكلفة المازوت؟. فمن الطبيعي أن أبدأ بالبحث عن مصدر آخر وأذهب مع ابني إلى الجبال لأجمع الحطب استعداداً للشتاء”.

تحولت لاحقاً عملية جمع الأخشاب إلى مهنة للبعض، يقوم معها بالذهاب إلى الجبال وجمع الحطب ثم العودة وبيع الطن بأسعار متفاوتة.

قبل الشتاء، موسم أسواق الحطب
بموافقة غير معلنة من النظام السوري، وكنوع من الاستسلام لأزمة المحروقات، سمح للمواطنين بالالتفات إلى الأحراج وجمع أخشاب الأشجار للتدفئة شتوياً عليها، مقابل تحذيرات “أخلاقية” من عدم القطع العشوائي.

فيما يقول الناشط البيئي طارق الشيخ علي “أي تحذير هذا!!، يكفي أن تمر على مناطق عديدة مكشوفة من اتوستراد حمص حتى تكتشف أن قطع الأشجار يتم بطريقة غير مدروسة أبداً، لكن بالمقابل لا تستطيع لوم الناس التي أتعبتها أزمة المحروقات وعدم توفرها في الأسواق”.

في المقابل خلقت “الثروة الطبيعية” سوقاً جديدة استثمره أغلب من يقطن في أرياف حماه وحمص وطرطوس وبدؤوا ببيع ما يجمعونه من الحطب لمن لا يرغب بجمعه أو من تبعد عنه الأشجار الحراجية.

فاروق 26 عاماً، من ريف حماه يقول “كل ما كنا نحتاجه هو منشار، وسيارة أو حتى دراجة نارية حتى نقوم بتجميع الحطب من الجبال المجاورة والعودة لبيعها بأسعار تتراوح بين ال9 آلاف ليرة وحتى 15 ألف عن كل طن وحسب أنواع الأشجار التي تم قطع الحطب منها”.

تطورت لاحقاً الأدوات، وأصبح من يبيع الحطب يستخدم المنشار الكهربائي وسيارة “بيك آب” فارغة من الخلف، ويبدأ بتجميع عدة أطنان عن كل مرة يذهب فيها إلى أحراج الجبال.

أبو اسماعيل 53 عاماً، وافد من مدينة #حلب ومقيم في حماه يوضح “حتى أن نوعيات الأخشاب تطورت وأصبح هنالك أخشاب مجففة أو ناشفة وجاهزة فوراً للاستخدام، وأخشاب مبللة نتيجة الأمطار وتحتاج إلى تجفيف وهنا أيضاً يختلف السعر”.

كما أن الحاجة إلى مدافئ مخصصة للحطب، جعلت السوق يوفرها وبأسعار تصل إلى 10 آلاف ليرة عن كل مدفئة، فيما اكتفى البعض بتحويل مدفئة “المازوت” إلى مدفئة حطب والقيام بتعديلها.

صيف 2015 لهيب الأسعار
صعدت مديريات الأحراج من لهجتها ومنعت قطع الأشجار في مناطق من ريف حماه الغربي، فيما اعتبرت في مناطق أخرى من حمص وطرطوس أن من يقوم بقطع الأشجار عشوائياً بحكم المجرم ، لكن هذا لم يكن حقيقياً بالنظر إلى أحداث متفرقة شهدتها أحراج المنطقة الوسطى.

منصور 30 عاماً، موظف سابق في الأحراج يقول “حرام علينا، حلال على غيرنا، هذا ما يلخص وضع قطع الأشجار في الأحراج، فعلى أعين مديريات الأحراج التابعة للنظام يقوم بعض الأشخاص المتنفذين والشبيحة بقطع وبيع الأشجار والتحكم بالأسعار وذلك بعد ما اكتشفوا المردود الكبير لهذه التجارة”.

إلا أنّ الصورة أصبحت أكثر قتامة عندما تحولت الكثير من مساحات الأحراج في حمص وحماه إلى رماد بعدما طالتها الحرائق، حيث التهمت النيران مناطق واسعة من أرياف حمص وطرطوس ومنطقة مصياف بريف حماه.

مصادر متطابقة من قرية مرمريتا بريف حمص قالت أن “الحرائق في أحراج المنطقة اقتربت من منازل السكان، والتهمت أكثر من 200 كيلو متر مربع، فيما اتى 24 حريقاً على مناطق واسعة من حراج طرطوس، و38 حريقاً في ريف حماه أتى على أكثر من 250 كيلو متر مربع من الأحراج الطبيعية”.

حرائق قريبة من حيث الشكل والمكان كانت قد حصلت في العام الفائت ، لكن ناشطون من مناطق في حماه وطرطوس وحماه وحتى اللاذقية قالوا أن الحرائق بفعل فاعل هدفه التغطية على عمليات قطع أشجار ضخمة في المنطقة ، وهو ما أشارت له حتى وسائل إعلام موالية.

وأكده الناشط الحقوقي صهيب المحمد حينما قال ” شهود عيان كثر تحدثوا عن شاحنات كانت تنقل أطنان الأخشاب والأشجار المقطوعة لتضعها في مستودعات ثم يتم بيعها لاحقاً بأسعار خيالية”.

وصل سعر طن الحطب بين 20 – 30 ألف ليرة سورية وبزيادة ضعفين و ثلاثة عن العام الفائت ، وهو ما يعني تجارة مميزة لـ” محتكري الجبال”.

يردف الناشط صهيب المحمد “كأي تجارة في سورية تم احتكارها من قبل بعض الأشخاص وأصبحوا هم البائعين الحصريين للأخشاب، فيما يُتهم من يذهب ليجمع الحطب له ولعائلته بالخيانة، وأنه يقضي على الثروة الطبيعية لسوريا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.