عمار الحلبي – دمشق:

الظروف الأمنية والمعيشية السيئة التي يعانيها الطلاب الجامعيين في #سوريا، ليست الأزمة الوحيدة التي يمرون بها، فإضافةً لصعوبة التحصيل العلمي في ظل الظروف الراهنة، باتت مشكلة تأمين سكن دائم قريب من الحرم الجامعي مشكلة أخرى، تشغل معظم طلاب جامعة #دمشق والوافدين من محافظات أخرى على وجه الخصوص.

فالشقق المفروشة القريبة من جامعة دمشق ومتوسطة المسافة عنها باتت أجرتها خيالية، إذ لا يستطيع الطالب تحمّلها، يضاف إليها مشكلة الموافقة الأمنية التي يحتاجها أي شخص قبل الشروع في استئجار الشقة، والتي تأتي بالموافقة أو الرفض بعد شهر من تقديمه، وذلك حسب مزاجية القائم عليها.

أسعار نارية

تتركز كليات جامعة دمشق في ثلاثة تجمعات رئيسية، الأول يدعى تجمع الآداب على اوتستراد #المزة ويحوي كلاً من كليات:”الإعلام والآداب والطب وطب الأسنان والصيدلة”، وتجمّع البرامكة الذي يحوي كليات: “الحقوق والاقتصاد والتربية والفنون الجميلة وهندسة العمارة”، أما التجمع الثالث في يدعى تجمع الهمك ويحوي كليات الهندسة.

استطلع موقع “الحل” أسعار الإيجارات في هذه المناطق، فاحتلت منطقة المزة الصدارة بغلاء أجرتها، حيث وصلت اجرة الشقة الصغيرة المفروشة بمنطقة “الشيخ سعد” المتاخمة للجامعة أكثر من 120 ألف ليرة، وغير المفروشة كانت أجرتها بين 70-90 ألف ليرة، في حين انخفض هذا الرقم مع الاقتراب أكثر إلى منطقة “مزة جبل” ليصل إلى 60 ألف ليرة في أسوأ الأحوال.

وكانت منطقة “مزة 86” العشوائية هي الأرخص كونها تقع على سفح جبلي ومبنية بطريقة عشوائية، لذلك يرى فيها معظم الطلاب بيئة جيدة للاستئجار، ففي هذه المنطقة بإمكان الطالب الحصول على شقة صغيرة مفروشة بمبلغ 40 ألف ليرة أي ما يعادل راتب موظف لمدة شهراً ونصف.

أما بمنطقة البرامكة فلم يكن الوضع أحسن حالاً، إذ أن إيجار الشقة بهذه المنطقة يصل إلى 100 ألف ليرة في معظم الأحيان، لذلك يحاول الطلاب الاستئجار بمنطقة الفحّامة القريبة، هناك يمكن الحصول على شقة بمبلغ 70 ألف ليرة.

أما منطقة الهمك فكونها تقع شرق العاصمة وتعتبر منطقةً شعبيةً فإن ثمن الإيجار هناك تراوح وفق ما رصدنا بين 25-40 ألف ليرة.

انخفاض العرض وزيادة الطلب

في مقابل الصعوبة الكبيرة التي يعيشها الطالب في البحث عن شقة للآجار، لاحظ “الحل” أن نسبة الشقق المعروضة ضئيلٌ جداً مقارنة بالطلب، ناهيك عن المزاجية التي يعتمدها معظم أصحاب البيوت في الأجرة، وفق ما يبيّن أحد العاملين بسمسرة الشقق، حيث يشرح فكرة الارتفاع المستمر للإيجار الذي يدفع أصحاب البيوت لكتابة عقد شهري، لكي يتم رفع هذه الأجرة لاحقاً، وذلك تماشياً مع ارتفاع الإيجارات بشكل عام.

يقول عبدالله وهو طالب في كلية طب الأسنان، أنه وجد غرفة للإيجار في نهاية منطقة #المزة جبل بمبلغ 25 ألف ليرة، وبعد أن عاش فيها مدة شهرين، فاجئه صاحب الشقة عندما خيّره إما أن يغادر أو يدفع 40 ألف ليرة، فما كان أمام الشاب إلا ان غادر الشقة وحصل على غرفة بالمدينة الجامعية.

أعمل لتأمين السكن

من أين يؤمن الطلاب هذه الأجور المرتفعة؟، لعل هذا السؤال كان ملّحاً ولا سيما مع غلاء أسعار معظم السلع وصعوبة المعيشة، إذ أن بعض الشقق تصل أجرتها شهرياً إلى 100 ألف #ليرة، في وقت لا يتجاوز دخل الموظف 25 ألف.

“ميرنا” طالبة فنون جميلة قدمت من القلمون إلى دمشق للدراسة، تقول أن أوضاع أهلها ميسورة كون والدها يعمل منذ عشرة سنوات في السعودية، ويبعث لها مع بداية كل شهر مصروفاً شهرياً يشمل آجار الشقة التي تعيش بها في البرامكة والمصاريف الجامعية الأخرى.

أما “يوسف” الذي قدم ليدرس الحقوق من منطقة دير الزور، فأكد أنه استأجر شقةً بمبلغ 65 ألف مع ثلاثة أصدقائه لتقاسم ثمن الآجار بينهم، موضحاً أنه يعمل في أحد شركات الحاسوب على نظام الفورمات “سوفت وير”.

الحالة ذاته يعيشها صلاح القادم من حمص، حيث أكد أنه يعمل في أحد مطاعم منطقة المزة لمدة 9 ساعات يومياً لتامين ثمن آجار الشقة، إلا أن العمل لم يقتصر على الشباب فقط بل شمل الطالبات اللواتي انتشرن بشكل واضح في شركات ومطاعم ومقاهي دمشق للعمل بغية تأمين آجار الشقة وما يلحقها من مصاريف جامعية أخرى كالمأكل والمشرب والمواصلات والاتصالات وثمن المحاضرات وغيرها.

حلول بديلة

في الآونة الأخيرة اتجهت معظم الفنادق إلى تخصيص أجنحة خاصة لسكن الطلاب، حيث يقوم مبدأ الآجار هنا على تأجير الأسرّة لهم، ويتم وضع سريرين أو ثلاثة في الغرفة الواحدة، ويحدد رسم الآجار بحسب السرير، حيث تتراوح اجرة السرير بين 25-35 ألف ليرة شهرياً.

الفنادق ليست الحل الوحيد بل سارت على دربها البيوت الدمشقية القديمة التي تؤجر الغرف لمن يرغب لقاء 30 ألف ليرة للغرفة الواحدة على أن يقطن بها شخصين فقط، حيث تتركز هذه المنازل بكثرة في منطقتي باب توما وباب شرقي، إلا أن الحصول على الموافقة الأمنية لهذه البيوت القديمة غايةّ في الصعوبة.

الطلاب وجدوا أيضاً حلّاً مثالياً لهذه المشكلة عبر استئجار شقة واحدة يعيش بها 5 أو 6 طلاب ليقوموا بتقاسم الأجرة فيما بينهم كنوع من تخفيف التكاليف كما فعل “أحمد” الذي يدرس في كلية الصيدلة، عندما اتفق مع 4 طلاب وافدين إلى دمشق واستأجروا شقة بمنطقة “الشيخ سعد” بمبلغ 100 ألف ليرة.

السكن الجامعي غير مرغوب

وتدافع الطلاب الجامعيون على اللجوء إلى استئجار الشقق خارج السكن الجامعي بعد اكتظاظ الأخير بأعداد هائلة من الطلاب، بسبب توافد طلاب الكليات الأخرى إلى “جامعة دمشق”، وبالتالي تحميل الغرف في السكن أكثر من طاقتها.

حيث وصل عدد الطلاب في الغرفة الواحدة التي من المفترض أن تكون مخصصة لطالبين إلى 8 طلاب، بينما وصل عدد الطالبات الإناث في الغرفة الواحدة إلى 15 فتاة، وهو الأمر الذي يتضارب مع الجو الذي يحتاجه الطالب للتحصيل العلمي، هذا كله عدا عن الظروف السيئة في هذه السكن ومنها شح المياه والكهرباء والضغط الهائل على معظم مرافقه، إذ تستضيف مدينة “باسل الأسد الجامعية” أكثر من 35 ألف طالب هذا العام أكثر من 35 ألف طالباً، وفقاً لآخر إحصائية، بعد أن كان عدد الطلاب الوافدين إليها لا يصل إلى 12 ألف في احسن الأحوال، وهو ما دفع كثير من الطالبات للاستئجار خارج السكن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.