هشام سراج الدين

ينهج تنظيم الدولة الإسلامي (#داعش) أسلوب إخفاء جثث معرضيه الذين يقوم بتصفيتهم في سجونه في مقابر جماعية، يحاول ناشطون إعلاميون في مناطق سيطرته توثيقها، حيث كانت أول عملية قتل جماعي كُشفت وظهرت للإعلام تلك التي قام بها التنظيم  بحق المعتقلين قبل انسحابه من مشفى الأطفال في #حلب، إذ أفاد ناشطون حينها  بالعثور على عشرات الجثث أعدمها التنظيم قبل الانسحاب.

 

يسعى التنظيم إلى إخفاء جثث القتلى بمقابر جماعي،  سواء أكانوا من معارضيه الذين يموتون في معتقلاته تحت التعذيب أو لقتلاه، ويذكر فادي وهو مدرس من أهالي مدينة #الباب في ريف #حلب أنَّ التنظيم “يتلاقى مع النظام في ممارسة الاستبداد والإرهاب، فيتعامل مع جثث القتلى على أنها أشياء لا قيمة لها”، فيما يروي محمد من بلدة #أخترين أنّ “عشرات الجثث العائدة للثوار عند دخول التنظيم المدينة بقيت مرمية أياماً بالشوارع لا يجرؤ أحد على دفنها قبل أن يقوم التنظيم بتجميعها ودفنها بمكان مجهول”.

وتفيد الأخبار التي يرويها شهود عيان من مناطق سيطرة التنظيم أنه يدفن جثثاً دون مراسم، ودون معرفة هُويّة المَدفُونِين .. يروي مازن (طالب جامعي): “كنت ماراً في الحي الشرقي في مدينة #منبج فوجدت حركة مريبة لعناصر التنظيم، فركنت دراجتي جانباً بمسافة عن تجمعهم فرأيتهم يرمون ثلاث جثث في حفرة في قبو مدرسة عمر أبو ريشة التي دُمرت بقصف قوات التحالف بداية الحملة على التنظيم، وردموا فوقها التراب بالجرافة”، ويذكر مازن أنَّ الأولاد الذين كانوا يراقبون عناصر التنظيم من بعيد قاموا بوضع حجر كشاهدة مكان الحفرة للدلالة على وجود قبر.

ويفيدا عمر من أهالي منبج عن رؤية سيارة شحن  بعد الغروب جاءت لمنطقة بازار سوق المازوت الواقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة منبج برفقة جرافة “وقفتْ قليلاً،  ثم قامت بحفر حفرة كبيرة ليرمي عناصرُ التنظيم عدداً كبيراً من الجثث في  الحفرة”، ويضيف كانت معارك عين العرب (#كوباني) على أشدها.. “يبدو أنهم مقاتلون من التنظيم، وهو لا يريد أن يظهر قتلاه، وأنه في حالة تراجع”، فيما يرى آخرون أنها ربما تعود لمعتقلين ماتوا تحت التعذيب، بل ويذهب بعضهم للقول بأنّ الجثث “ربما تعود لعناصر من التنظيم حاولوا الانشقاق فلا يعقل أن ينقل التنظيم قتلاه أو قتلى أعدائه كل هذه المسافة لدفنهم، كما يستبعد أنْ يموت هذا العدد الكبير دفعة واحدة تحت التعذيب، لأن التنظيم يدفنهم أولاً بأول”.

واتخذ التنظيم عدداً من مقراته المعزولة عن التجمعات المدنية لدفن الجثث، ومن هذه المقرات جامعة الاتحاد الخاصة التي استولى عليها التنظيم، حيث  يقول ماهر أحد سكان المنطقة “يوجد في الجامعة مقبرة جماعية فتحت عقب سيطرة التنظيم على منبج لدفن حالات الإعدام التي كانت تجري في السجون،  إذ غالباً لا يسلم التنظيم جثث القتلى، وكنّا نرى الجرافة تحفر في جامعة الاتحاد في أوقات مختلفة وغالباً في الليل”.

ولا يزال الغموض يكتنف كثيراً من هذه المقابر سواء من حيث عددها، أو من حيث هوية القتلى، ليبقى الغموض مكتنفاً هذه المقابر مادام التنظيم مسيطراً على هذه المناطق، إذ لا يجرؤ أحد على الاقتراب، أو تصوير هذه التجاوزات وتوثيقها.

ويؤكد المحامي عبدالله من ريف حلب أنَّ “هذه الممارسات سمة عامة لكل الأنظمة الديكتاتورية، وأنَّ غياب العدالة والشفافية سواء عند النظام أو التنظيم تحول دون كشف الحقيقة بشكل كامل وتقديمها للناس”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.