كثّفت الاعتداءات الإرهابية القاتلة وسرّعت من الفوضى في إعادة ترتيب التحالفات وقدراتهم بين الجهاديين الدوليين.. جيسون بُرك، صحيفة الغارديان، 20 تشرين الثاني 2015

ترجمة موقع الحل السوري

 

العنوان عنيف جداً، الحروف _ المكتوبة باللون الأحمر على صورة رجال الإطفاء الفرنسيين الذين يتعاملون مع المصيبة _ ترسم كلمتين هما: “الرعب فقط “.

وعلى الصفحة التالية تقرأ عبارة منسوبة إلى أبو مصعب الزرقاوي _ أحد قطاع الطرق الأردنيين حيث تحول إلى فدائي، وهو الذي أسس في #العراق منذ عقد من الزمن المجموعة التي تحولت في النهاية إلى الدولة الإسلامية _ “لقد أوقدت الشرارة… وحممها ستواصل استعارها… حتى تحرق جيوش الصليبيين في دابق”.

دابق هي قرية في الشمال السوري، تقع تحت سيطرة داعش في الوقت الراهن، وحيث يتنبأ الإسلام بوقوع المعركة المروعة النهائية بين الخير والشر، والإيمان والكفر، والغرب والإسلام فيها. وهو أيضاً اسم مجلة داعش، التي نشرت عددها الـ 12 منذ ثلاثة أيام.

يكافح المحللون والمسؤولون لفهم المشهد المتغير للتشدّد، ذلك بعد أسبوع من حالات القتل في #باريس.

وقال سيث جونز، وهو محلل في مؤسسة راند، واشنطن: “إن ما فعلته داعش رفع مستوى الهجوم إلى مستوى جديد… نحن في منتصف موجة جديدة من الإرهاب الدولي بعد أن رأيناه يتراجع لبضعة سنوات “.

وأعلنت جماعة “المرابطون” _ وهي جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة ومسؤولة عن عدد من العمليات الدامية في شمال إفريقيا _ مسؤوليتها عن الهجوم الإرهابي في مالي يوم الجمعة.

تتمركز الجماعة في شمال مالي، وتتألف في معظمها من الطوارق والعرب. وقد تشكّلت قبل نحو عامين ويرأسها المقاتل السابق في تنظيم القاعدة “مختار بالمختار” والذي قيل مراراً أنه قد قُتل.

إذا كان هذا الفصيل مسوولاً حقاً عن عملية بامكو، فإنه يدل على عمق التنافس بين تنظيم القاعدة الذي تأسست في أواخر عام الـ 1980 وبين داعش التي تأُسست في عام 2014، المسؤولة عن موجة العنف المنتشرة في معظم أنحاء العالم الإسلامي وخارجه.

كانت داعش جزءاً من تنظيم القاعدة حتى انفصلت عنها، وتقاتل كل من قائدي التنظيمين أيمن #الظواهري وأبو بكر #البغدادي بعضهما البعض.

تمزّق عالم القتال بسبب الانشقاقات والاختلافات المذهبية والعداوات والأحقاد الشخصية. هناك أيضاً منافسة شرسة من أجل التجنيد والحصول على التبرعات والحصول على اهتمام وسائل الإعلام. لقد كانت أجهزت الأمن مدركة منذ فترة طويلة كيف يمكن أن يتصعّد العنف عندما تنقسم المجموعات المتحاربة أو تتفكك وتكافح بعدها من أجل الحصول على السيادة، يحاول كلٌّ التفوق على الآخر.

إن التنافس التنظيمي بين القاعدة وداعش، والعداء الشخصي بين الظواهري والبغدادي شرسٌ للغاية. ربما هذا الذي يقود توقيت العملية الجديدة، وهو أول هجوم من هذا النوع من قبل تنظيم القاعدة منذ فترة من الوقت.

تحاول الجماعة سرقة الأضواء إليها والسيطرة على أولويات وكالات الأنباء مجدداً، كما كانت تفعل في كثير من الأحيان وبفاعلية. تؤدى هذه المنافسة على مسرح عالمي. كان لدى القاعدة دائماً تطلعات دولية، تريد ضرب الغرب لتوحد العالم الإسلامي تحت رايتها.

العدد الجديد من مجلة دابق، والمكون من 65 صفحة، يقدم نظرة عامة لطموحات وأهداف داعش، مظهراً استراتيجيتها تجاه الإرهاب الدولي، وتتمة استراتيجيتها للتوسع الإقليمي. وتغطي المقالات حملة المجموعة في اليمن والصومال وبنغلادش، تلك البلدان التي تعمل فيها المجموعة بجهد كبير لتأسيس حضور أكبر.

وأيضاً من العمليات الإرهابية التي أعلنت مسؤوليتها عنها والتي تمتد على رقعة أكبر من الأرض: في سيناء، حيث أسقطت داعش طائرة مليئة بالسيّاح الروس في الشهر الماضي، وكذلك في كلّ من إسرائيل واستراليا والولايات المتحدة.

وتكرّس الصفحات نقداً لاذعاً لتنظيم القاعدة، نافيةً كون الظواهري الرئيس الرمزي لها والذي يُوصَف جنوده بأنهم منافقون.

تدّعي داعش أنها المنظمة الجهادية الشرعية الوحيدة النشطة اليوم، وأنها الوريث الحقيقي الوحيد لـ أسامة بن لادن. هذا جزء لا يتجزأ من مشروع داعش، لاسيما تعزيز الخلافة التي أعلنها البغدادي العام الماضي. فروع داعش المنتشرة حول العالم، والتي تُعرف بالولايات أو المحافظات، لا تحارب الإدارات المحلية وحسب، إنما أيضاً وفي أغلب الأحيان تحارب الفئات المرتبطة بالقاعدة أو الحركات الفدائية الإسلامية الأخرى، مثل طالبان في أفغانستان .

وقال ريتشارد باريت، وهو محلل ورئيس سابق في مكافحة الإرهاب في الاستخبارات العسكرية MI6، إن هجمات باريس تعزز هذه الحملات. وأضاف : “إنهم حقاً يحثّون ويشجعون الولايات (المحافظات ) الظاهرية، وسيحصلون على مزيد من المجندين، وأكثر، وسيكونون أكثر حماساً من أي وقت آخر. وإن كان لدى البعض عقبات إلا أنهم يخبرونهم أن هذه ليست عقبات تؤدي للفشل “.

وجعلت داعش مطالباتها للقيادة العامة لجميع المقاتلين واضحة جداً في دابق، مردّدة الانتقادات التي وجهها بن لادن نفسه ضدّ الفتنة، أو الانقسام والتحريض على الفتنة داخل المجتمع الإسلامي، والتي يُعتقد أن المتطرف السعودي المولد كان السبب الرئيسي للمشاكل في العالم الإسلامي.

ويناقش رئيس التحرير في الصحيفة قائلاً: “ما هو عدد المرات التي عصى فيها قائد في بعض الأراضي ومناطق الجهاد، فكانت نتيجة ذلك كارثة ومحنة؟؟ “.

لا تمتلك داعش كل شيء بطريقتها الخاصة. لقد امتدت الجماعة في مصر وفي ليبيا، وأسست دعماً بين الشباب على طول الخط الساحلي شمال إفريقيا. ولكن لا تزال العلاقات مع جماعة بوكو حرام الوحشية في #نيجيريا غير واضحة. ففي محاولة للتوسع في #الجزائر، رفضت حركة الشباب _ مقرها الصومال، وهي فرع من القاعدة _ نداءات قيادة داعش المركزية للتعهّد بالولاء لها، وبالتالي إنشاء محافظة جديدة للخلافة في القرن الإفريقي. وأقسم فصيلان صغيران على البيعة للبغدادي، أو تعهدوا بالولاء له، لكنهما الآن يواجهان عمليات انتقامية من بقية المجموعة.

سيكون لدى داعش في #أفغانستان المعركة الأشرس، فقد قال باريت أنه توجد فرصة لمهاجمة هيمنة تنظيم القاعدة في أفغانستان، كذلك محاربة الفوضى التي أحدثها التنظيم.

لقد صدم المجندون المحليون لداعش مسؤولين أفغان بوحشيتهم الفظة في الأشهر الأخيرة، فقد انشؤوا تجمعات صغيرة لهم في شرق البلاد وشمالها وجنوبها وحتى وسطها. العديد منهم كانوا مقاتلين سابقين في حركة #طالبان، ويُعتقد أن الحركة التي أصبح عمرها 20 عاماً، والتي كانت قد شاركت في مفاوضات السلام، تُصبح معتدلة أيضاً. “داعش تقدم شيئاً جذرياً جداً. إنها تعزز البنى التحتية في بعض المناطق. هناك قلق كبير على وسط آسيا الآن “، قال مسؤول أفغاني كبير هذا الأسبوع.

على أية حال، لقد برهنت سيطرة طالبان الأخيرة والمقتضبة على مدينة قُندوز الشمالية الكبيرة على عدم التكافؤ بين المنظمتين. كانت حركة طالبان _ في ظل زعيمها الجديد منصور أختار _ قادرة على تشتيت وإزاحة القوات العسكرية الأفغانية في جميع أنحاء البلاد خلال الأشهر الأخيرة قبل إطلاق سيطرتها المؤقتة. “هذا أعطى الأمير الجديد الشجاعة والمعنويات والسلطة المطلقة ” أضاف المسئول ذاته.

في العدد الجديد لـ ” دابق ” مقالة أخرى طويلة تكرّس “الجهاد” في بنغلادش، الدولة الآسيوية الجنوبية غير المستقرة. كل من داعش  _ التي تزعم أنها تقف وراء مقتل اثنين من الغربيين وعدد من رجال الشرطة في البلاد المسلمة البالغ عدد سكانها 160 مليون نسمة _ والقاعدة  التي أعلنت مسؤوليتها، من خلال أحد فروعها، عن سلسلة من الهجمات الضخمة القاتلة على المدونين والناشرين العلمانيين، كل منهما يستغل المشاكل السياسية والاجتماعية والمحلية لبناء شبكات لهم هناك.

ما يبدو واضحاً أن هجمات باريس كثّفت عمليات الفوضى وعملت على إعادة ترتيب التحالفات وقدراتها، ما يعني بأنه من الصعب على أجهزة الأمن أن تقيس مدى التهديدات المعقّدة بشكل هائل.

على أية حال، ووفقاً لـ سيث جونز، فإن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، والذي كان يُعتبر مطولاً التهديد الأكبر والمباشر إلى الغرب،  قد انتقل إلى “الدرجة الثانية “، كما أن التنظيم ليس لديه الزخم أو عدد الأعضاء أو حتى المعدات، التي لدى داعش الآن وبشكل واضح.

كما أضاف جونز: “عندما نلقي نظرة على سلسلة موجات الإرهاب منذ العام 2001 فصاعداً، والتهديدات التي تتزايد وتتقلص، نجد أننا نتجه صعوداً … هذه الموجة تتصاعد بدلاً من أن تتقلص “.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة