إعداد: عبد الرؤوف ابراهيم

دخلت #الكهرباء إلى دمشق عام 1903 مع زيارة الأمبراطور الألماني غليوم إليها، والذي أحضر معه مولدة كهرباء هدية للوالي العثماني تم تركيبها في ساحة المرجة، وبعدها بدأت شركات أهلية خاصة بتقديم خدمات الطاقة الكهربائية في بعض مراكز المدن من خلال مجموعات توليد صغيرة تشترك بها عدة عائلات تقطن بجوار بعضها البعض.

واستمر الوضع على ذلك الحال حتى الخمسينات، حيث كانت نسبة السكان الذين ينعمون بالكهرباء قليلة جداً. وفي بداية الخمسينات من القرن الماضي تم إقامة محطتي توليد: الأولى في #الهامة قرب دمشق، والثانية في قطينة بالقرب من #حمص باستطاعة صغيرة، وتم تشكيل هيئة عامة للكهرباء تابعة للدولة، وكانت ذروة الحمل في سوريا حتى عام 1970 تبلغ بضع مئات الميغا واط تم تأمينها آنذاك من المحطتين آنفتي الذكر، بالإضافة إلى بعض العنفات الغازية في مراكز المحافظات.‏

وتطورت الشبكة الكهربائية #السورية بعد عام 1970 بشكل سريع جداً، حيث تم بناء عدد من محطات التوليد الغازية والمائية.

وفي عام 2013 أوضحت دراسة أن نسبة السكان الذين ينعمون بالكهرباء بلغت 99.5 % من النسبة الكلية للسكان في #سوريا، وتبلغ حصة الفرد من الطاقة الكهربائية حوالي 2000 kW سنوياً، وحتى الآن فإن كل الاستطاعة المولدة تعتمد على #الطاقة التقليدية، ونسبة مشاركة الطاقات المتجددة (باستثناء الطاقة الكهرومائية) معدومة.‏

والجدول التالي يوضح أهم المحطات الكهرومائية المقامة في سوريا:

اسم السد اسم النهر الاستطاعة المركبة ميغا واط
الثورة الفرات 100*8
البعث الفرات 3*25
تشرين الفرات 105*6
شيزر العاصي 4*2
الرستن العاصي 4*2
بردى بردى 7

ولا يزال القطاع الكهربائي في #سوريا يعاني من أزمة حقيقية، حيث يعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري المتمثل بمادتي #الفيول والغاز، وأوردت تصريحات رسمية حكومية في #سوريا أن الطلب على #الطاقة الكهربائية سيبلغ في عام 2030 بحدود 70-75، مع الإشارة إلى أن خروج حقول #النفط السورية في المناطق الوسطى والشمالية والجزيرة عن الخدمة لوقوعها في مناطق ساخنة أنهك الخزينة العامة في سوريا حيث كانت تغطي جزءا من توليد الكهرباء وخاصة بالنسبة لمادة الفيول.

أما حالياً فاضطرت الحكومة السورية إلى الاستيراد مع الإشارة إلى أنها لا تستطيع استيراد #الغاز أو #الفيول مباشرة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على الاقتصاد السوري، ما يكلفها الكثير وخاصة أن الاستيراد يتم بالقطع الأجنبي مما رفع الطلب عليه وانخفض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، حيث تبلغ كلفة استيراد الوقود لتشغيل #الكهرباء حوالي 1.5 مليار ليرة يومياً، ويبلغ سعر طن الفيول الواحد حالياً نحو 400 #دولار.

وتفتقد سوريا القدرة على استثمار ما لديها من #طاقات متجددة حيث أن تكاليف إقامتها تعتبر ضخمة وخاصة أن القطاع الخاص لم يدخل في استثمار الطاقة الكهربائية بعد رغم وضع قوانين خاصة تسمح به بالاستثمار في الطاقة الكهربائية وبيعه للحكومة أيضا، إلا أن هذه القوانين أتت متأخرة وتزامنت مع بدء الحرب والتي جعلت من سوريا عبارة عن محافظات مظلمة وصلت ساعات #التقنين الكهربائي فيها إلى نحو 23 ساعة في اليوم والليلة.

ولو ألقينا الضوء على أهمية الطاقات المتجددة في سوريا فإنها تتمتع بمخزون كبير من الطاقة البديلة يتضمن أكثر من 40% من مساحتها تتجاوز فيها نسبة السطوع الشمسي 4 كيلو واط م2، وأن معدّل السطوع الشمسي السنوي هو الأعلى عالمياً يتجاوز 312 يوماً سنوياً، حيث تعتبر الطاقة #الشمسية من أهم مصادر الطاقة المتجددة بحيث تكفي لإنتاج كمية من الطاقة الكهربائية تغطي الطلب المخطط على الطاقة لمدة 100 عام.

والخريطة التالية تبيّن متوسط الإشعاع السنوي الساقط على واحدة المتر المربع في مناطق مختلفة من سوريا:

Solar-Levels

أما بالنسبة للطاقة الريحية، فإن سوريا تتمتع بطاقة تعتبر الأفضل عالمياً حيث تمتد المساحة الريحية المتوفرة بحدود 54 كم2 تنتج طاقة مركبة تصل إلى 5 ميغاواط ساعي في كل 1 كم،2 والصورة التالية تبين توزع أماكن #الطاقة_الريحية في سوريا والتي يمكن أن يتم استثمارها بشكل أمثل.

Meteorological-Sites

وفي حال نظرنا إلى المشكلات التي تواجه الشبكة الكهربائية في سوريا قبل الحرب ولا زالت مستمرة إلى الآن فهي تتمثل بـ:

1ـ نسبة الفاقد الكبير جداً بنوعيه الفني والتجاري (حوالي 30 %)، وخاصةً على #شبكات التوتر المنخفض والمتوسط، ويضم #الفاقد الفني والتجاري والصناعي واستجرار الطاقة بشكل غير مشروع.
2ـ اختلاف استهلاك الطاقة في أوقات اليوم (المنحني الجيبي للحمولة)، حيث أن 80% من المشتركين المنزليين يستهلكون 600 ك.و.س بالدورة البالغة شهرين.

3ـ عدم الاستخدام الأمثل للطاقة (عدم ترشيد الاستهلاك)، حيث أن نحو 1284 أسرة من أصل 3232 في 11 محافظة تستخدم الكهرباء للتدفئة بنسبة 39.7% و847 أسرة تستخدم الكهرباء للطهي بنسبة 26.2%.

ويصل الهدر في الكهرباء بسوريا إلى 32% في حين يستهلك القطاع السكني ما لا يقل عن 33%، أما الصناعي فإنه يستهلك 35% من إجمالي الطاقة المنتجة.

ومع بداية الأزمة كان قطاع #الكهرباء في سوريا من أكثر القطاعات استهدافا وتدميرا ففي نيسان 2012، بدأ مسلسل الانهيار يظهر في قطاع الكهرباء، حينها أعلنت وزارة الكهرباء عن خسائر بنحو 400 مليون ليرة #سورية، وحاليا تضمنت الأضرار نحو 96 محولة استطاعة، خرجت عن الخدمة من أن أصل 900 محولة، في حين بلغ عدد الخطوط الخارجة عن الخدمة 176 خطاً، من إجمالي عدد الخطوط المركبة، والبالغة 666 خطاً، بينما كان نصيب المباني والمنشآت التابعة للمؤسسة من الضرر 30 مبنى، بشكل كلي ونحو 107 مبنى بشكل جزئي، إضافة إلى وجود 118 آلية تابعة للمؤسسة، تعرضت إما للضرر، أو السرقة كما هناك 68 خطاً لنقل الكهرباء خارج الخدمة حتى 2013، نتيجة الاعتداءات المتكررة على هذه الخطوط وتبلغ #الخسائر اليومية لقطاع الكهرباء بين 100 و150 مليون #ليرة سورية.

قيمة الأضرار الحقيقية 

هذا عدا عن الاعتداءات المستمرّة على خطوط #الغاز والنفط والسكك الحديدية، ووفقَ تقديرات، فإن قيمة الأضرار المباشرة التي لحقت بقطاع الكهرباء منذ أربع سنوات بلغت قيمتها نحو 400 مليار ليرة، وقيمة الأضرار غير المباشرة لامست حدود 320 مليار #ليرة، مع الإشارة إلى أنه لم يأخذ بعين الاعتبار المناطق التي لم تستطيع الوزارة الوصول إليها، وتقدير الخسائر فيها، كما أن قيمة الخسائر، محسوبة على القيمة الدفترية للتجهيزات، وهي القيمة القديمة لليرة السورية، وتكلفة التجهيزات التي كانت سابقاً، وعليه فإن هذا الرقم سيتضاعف في حال حساب ذلك، مع القيمة الجارية للعملة #السورية.

وحالياً لا تزل مشكلة التقنين #الكهربائي والاعتداءات المستمرة على خطوط نقل الغاز الخاصة بتزويد محطات التوليد مستمرة لغاية هذه اللحظة، مع الإشارة إلى أن تزايد ساعات التقنين الكهربائي في سوريا كان له أثر سلبي بالغ على مجمل القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، حيث أدى إلى رفع تكلفة الإنتاج واعتماد معظم #المعامل والمصانع على المولدات الكهربائية وشراء الوقود مما شكل أزمة حقيقية في الصناعة والتجارة، وحتى لدى معظم #السكان في سوريا.

الأرقام الرسميّة تقول بأن انتهاء تقنين الكهرباء في سوريا يتطلب توفير 20 مليون متر مكعب من الغاز، و15 ألف طن من الفيول يوميّاً. لكن، وخلال سنوات الحرب الدائرة في البلاد لم تزد المخصصات التي تمنحها وزارة النفط السورية لمحطات توليد الكهرباء عن 8 مليون متر مكعب من الغاز، وعن ألفي طن من الفيول في اليوم الواحد، ما يعني أن كميّة الوقود التي تحصل عليها تلك المحطات لا تستطيع سوى تأمين 28.5 في المئة من الاحتياج الفعلي للطاقة الكهربائية.

التوجه إلى تقليص الشرائح والاستيراد

واتجهت الحكومة السورية إلى التعاون مع #إيران و #بيلاروس في مجال الكهرباء سواء من حيث تقديم محولات كهربائية أو صناعتها ضمن سوريا، واستوردت سوريا العديد من التجهيزات الكهربائية من إيران وفق عقود أبرمت خلال الأعوام الماضية.

ورغم الضيق الذي يشهده قطاع الكهرباء، كانت فاتورة المستهلك هي الأقل تأثراً من الناحية العملية، حيث ما تزال تحظى بدعم حكومي، رغم التعديلات التي أجريت على أسعارها منذ بداية الحرب.

وشهدت الفترة الأخيرة، قرار ألغى الشريحتين الأولى والثانية من التسعيرة، في بداية شهر أيلول الجاري، والتي كانت من 1 إلى 100 كيلو واط ساعي بسعر 25 قرش، وشريحة من 100 إلى 200 ك.و.س، بسعر 35 قرش، ليبدأ احتساب سعر الكيلو واط الساعي بـ50 قرش للشريحة من 1 إلى 400 ك.و.س، من خلال تقسيم شرائح الاستهلاك إلى ستة شرائح، بعد أن كانت ثمانية شرائح.

وبحسب وزارة الكهرباء يأتي هذا الإجراء، استناداً إلى الاحصائيات الدورية التي تقوم بها، بالنسبة للاستهلاك المنزلي، إذ بينت أن نسبة المشتركين المنزليين المستهلكين للكهرباء على الشريحة الأولى والثانية هو صفر، الأمر الذي استدعى ضم الشرائح الأولى الثلاثة لشريحة واحدة.

وأوضحت الوزارة أن هذا التعديل لن يكون له انعكاسات مالية تذكر على فاتورة #المستهلك المنزلي وعلى سبيل المثال، فالمشترك الذي يستهلك 300 ك.و.س، بالدورة أي ( شهرين)، يضاف إلى فاتورته عشرون ليرة سورية فقط شهرياً.

thumb1441879079

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة