عبد الباسط فهد

المتتبع للوضع التعليمي في #سوريا يلاحظ الانحدار الشديد الذي وصلت إليه الحالة التعليمية نتيجة مجموعة عوامل شتى، أولها الحرب بكافة صورها ومظاهرها ونتائجها الكارثية.

 

يرى بعض  المهتمين  بالمسألة التعليمية  أن حالة  من الفوضى وعدم الانضباط تسود المدارس في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام، وقد ذكر أحدهم أنه في إحدى أهم المدارس الاعدادية في #حمص مثلاً يستطيع أياً كان الدخول إلى مكتب المدير وطلب الاذن لأيٍ كان وإخراجه من المدرسة، ويرافق ذلك انخفاض في المستوى التعليمي وإهمال ولا مبالاة من المدرسين والدارسين على حد سواء، مما رفع نسبة الرسوب وزاد في انخفاض مستوى السلوك، وحالات كانت تعتبر من النواقص المرفوضة اجتماعياً وأخلاقياً.

أما في المناطق المحاصرة، فالوضع أشد بؤساً وأكثر خطراً، حيث لعبت عدة عوامل في التأثير على مستوى التعليم وانخفاض وتيرته، فارتفعت نسب الرسوب في الشهادتين الإعدادية والثانوية إلى مستوى لافت جداً، مما يستوجب دق ناقوس الخطر لإيجاد الحلول ومعالجة هذه المشكلة ضمن الامكانيات المتاحة، وهذا يتطلب توافر الإرادة والظروف الذاتية للتخفيف من هذه الظاهرة.

الوعر تعليمياً..

في الوعر المحاصر في حمص، من أًصل  486 طالباً نظامياً سجلوا في المرحلة الإعدادية، تقدم للامتحان 345، نجح منهم 155 طالباً ورسب 190 أي أكثر من النصف، فيما تغيب عن الامتحان 141طالباً.

القراءة الأولى  حسب سجلات التربية والمدارس الموجودة في الوعر،  تشير إلى:

1-      تدني عدد المسجلين الى  (486 )طالبا وطالبة من عدد السكان المقيمين في حمص الجديدة (الوعر).

2-      ارتفاع نسبة عدد المستنكفين الغائبين عن تقديم الامتحان.

3-      تدني نسبة النجاح إلى أقل من نصف المتقدمين.

4-      تدني كبير في عدد المقبولين في الثانوية العامة، حيث سجل منهم 47 طالباً وطالبة في العامة، والباقي الى المدارس المهنية .

وليس الوضع في الشهادة الثانوية (البكالوريا) أفضل حيث تشير الإحصاءات إلى أن المسجلين في الثاني عشر الثانوي نظامي للتقدم لامتحانات البكالوريا هم 84 طالباً وطالبة، نجح منهم  44  ورسب  24 وتغيب  16 عن الالتحاق بالامتحانات التي كانت تجري في مدينة حمص أي خارج الحي المحاصر .

وتتوزع نسب النجاح حسب الجنس على الشكل التالي: ذكور مسجلون 23، متقدمون 17، نجاح 12، رسوب 5 غياب 6، إناث مسجلون 61، متقدمون 51، نجاح 32، رسوب 19، وغياب 10، ومن متابعة الأرقام وهي من (مندوب التربية في الوعر) يتبين لنا:

1-      تدني عدد المسجلين في الثانوية إلى 84.. 16 طالباً منهم استنكفوا عن تقديم الامتحان

2-      ارتفاع عدد الراسبين إلى 24 من أصل 68 ونجاح 44 من 68 .

هذه الأرقام و النتائج تدق ناقوس الخطر وتهدد بجيل من الأميين وأشباههم، وتعود أسباب هذا التدني في التعليم الى مجموعة عوامل حسب استطلاع ومتابعة للواقع على الأرض منها:

1-      القصف والقنص العشوائي المستمرين على الحي مما يضطر الإدارات غالباً لصرف الطلاب وإغلاق المدارس.

2-      معظم الأبنية لم تعد صالحة لتواجد الطلاب إما بسبب الدمار الجزئي أو الكلي أو اشغال بعضها بالنازحين.

3-      عدم توفر المخابر والمدرسين الاختصاصيين الأكفاء، والنقص الكبير بالكادر التدريسي، نتيجة الهجرة من الحي، وانعدام الأمان والنقص في المواد اللازمة للتعليم أو المعيشة.

4-      غياب الاشراف الإداري من الموجهين الاختصاصيين وعدم متابعتهم للوضع التدريسي في المناطق المحاصرة .

5-      عدم الاهتمام بتوفير الكتاب المدرسي الرسمي، والمطلوب أصلا كمنهاج أساسي في امتحانات الشهادتين الثانوية والإعدادية.

6-      قيام مؤسسات تعليمية خاصة لا تتوفر فيها الشروط الصحيحة من أبنية وكوادر وإمكانيات، وذلك نتيجة الفوضى في المال السياسي المختلف المنابع والذي كرسَّ حالات فساد متعددة .

7-      انقطاع التلاميذ عن التعليم في الصفوف الانتقالية في المرحلتين التمهيديتين الإعدادية والثانوية.

8-      يضاف إلى ما تقدم الوضع الاجتماعي المتأزم من شهداء ومعتقلين ومخطوفين مع النقص بالمواد اللازمة للمعيشة، وغياب الأمان، وانقطاع الكهرباء، والبطالة، وعدم توفر الامكانيات المادية، وإضاعة الوقت بالبحث عن مقومات حد أدنى من الحياة الطبيعية.

معوقات

محمود دياب  (مدير سلسلة مراكز علمني المعنية بالتعليم حسب المناهج الرسمية) يتحدث لموقع الحل السوري عن آلية التعليم في الوعر خصوصاً والأماكن المحاصرة عموما، فيقول: “مساوئ آليات التعليم في الوعر تتعلق أولا بشح الوسائل بل و ندرة أي شيء له علاقة بالعملية التربوية والتعليمية، من قرطاسية وأقلام ودفاتر و خرائط ومخططات ووسائل إيضاح، بل والافتقار إلى أبسط جزئية من جزئيات واحتياجات طالب المدرسة”.

وعن المعوقات النفسية  التي  يعاني منها طالب الوعر  يقول المصدر: “من الصعوبة بمكان الوصول لوصف دقيق للجو الذي يُطلب فيه من طالب الوعر أن يكون طالباً ناجحاً، فلقد عهدنا من أيام دراستنا أننا كنا حريصين على تأمين الجو الهادئ (محيطياً- ونفسياً) لكي نستطيع التركيز والحفظ والفهم، لكن للأسف اليوم في حي الوعر بات الطالب مدرسياً كان أم جامعياً عاجزاً عن تأمين هذا الجو المثالي أو الاعتيادي، بل بات عليه أن يذاكر دروسه في ظل الجو المتاح على مبدأ هذا هو الموجود أو ليس بالإمكان أفضل”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.