بسام الحسين – دمشق:

غزت مساعدات الأمم المتحدة والجمعيات الداعمة #الأسواق_السورية، والتي من المفترض تصل إلى المناطق المنكوبة والمحتاجين، ومن زاوية بعيدة عن الفساد الحاصل حول هذا الموضوع يبدو أن انتشار هذه المواد له مخاطره الكبيرة على المنتج المحلي.

تتمثل المخاطر بتراجع الطلب على المنتج الوطني بسبب توافر مواد الإغاثة بأسعار منافسة ودون خضوعها للضرائب المحلية.

واستطلع موقع “الحل”، آراء عدد من تجار وصناعيي دمشق، الذين شكوا تضرر الصناعات المحلية نتيجة دخول “المساعدات الانسانية القادمة من خارج الحدود وانتشارها بالأسواق بدلاً من توزيعها على أصحابها”، واعتماد السوق المحلية على تلك المساعدات، بدلاً من اعتماد المنظمات على شراء تلك المساعدات من شركات محلية.

التاجر أبو سليم ح من سوق البزورية، أكد لـ”الحل”، أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة النظام، رفضت العروض التي قدمها تجار من غرفة تجارة #دمشق ومن قبل الشركات الغذائية المحلية، مقابل عروض خارجية من دول عربية مجاورة، وتم تقديم عروضاً متنوعة من قبل الصناعيين تمثلت بـ”مواد غذائية ومواد تنظيف” إلا أن العروض كلها قوبلت بالرفض بحسب قوله.

وتابع “هناك جملة أسباب وراء هذا الرفض، حيث تستطيع #الوزارة من خلال لجان المشتريات الخاصة بها شراء بضائع واشكت على انتهاء صلاحية استعمالها، كما أن مجال الربح بالقطع الأجنبي تبقى أكبر بكثير من العملة المحلية”.

وبحسب التاجر، تبقى نسبة كشف #الفساد في شراء مواد من شركات خارجية، أقل بكثير، من التعامل مع شركات محلية، الذي يفرض إرضاء، #الجمارك، ولجنة حماية المستهلك، وجهات حكومية فاسدة.

مخاطر على الصحة!

أفرزت الحرب الدائرة في #سوريا، تجاراً مهمتهم الأساسية، الحصول على كميات ضخمة من المعونات بتسهيل من وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لحكومة النظام، بحسب أحد الصناعيين.

” تضررت صناعتنا المحلية، خاصة صناعة المعكرونة، والمعلبات، والزيوت، والمنظفات”، يقول الصناعي، مضيفاً أن أولئك التجار، يعملون على تجميع بيانات شخصية لعوائل خارج البلد منذ 3 سنوات، ويتم استلام المعونات من المنظمات، على تلك البيانات.

ولعل أبرز ما يثبت تقريرنا الذي بني بداية الأمر على تسريبات هو البيان الصريح من‬ الأمم المتحدة، والذي اعترفت به أنها أرسلت٣٢٠ صندوق من البسكويت العالي الطاقة المنتهي الصلاحية الى المحاصرين في مضايا.

٣٢٠ صندوق منتهي الصلاحية من أصل ٦٥٠ صندوق، وأكثر من ٢٠٠ حالة إسهال واستفراغ في مضايا

ويسعى الصناعيون، لتلقي دعم من حكومة النظام (كالذي كان يتمثل بتوفير مصادر الطاقة الرئيسة لإقامة أي صناعة وإيصالها لأي منشأة من #كهرباء وماء وغاز إن لزم)، دعم، يساعدهم بالصمود في وجه الأوضاع، وعدم الانجراف، كصناعيين هاجروا مع معاملهم إلى الخارج، منذ مدة طويلة.

لكن، لتلك المنتجات القادمة من الخارج، مخاطر، يتحدث عنها الصناعي سمير تقي “تلك المنتجات تدخل دون جمارك، ودون مطابقة للمواصفات السورية، وتنافس المنتجات المحلية من الناحية السعرية، حيث أضحت نسبة كبيرة منها تباع في #الأسواق، عبر السماسرة ذاتهم” في إشارة إلى طبقة التجار التي ظهرت في ظل الحرب.

ويبدو ماجرى في 23 حزيران الماضي، في سياق حديث الصناعيين، حين وزّع “برنامج الغذاء العالمي”، مسحوق الزبدة والفستق في جنوب #دمشق (حوش بلاس والقدم)، مسحوق عادة ما يوصف لحالات سوء التغذية، إلا أنه وبعد يومين، تم سحب العبوات، حيث تبين بأنها أصبحت غير صالحة للاستهلاك البشري، بسبب سوء الشحن من #الأردن، بحسب الطبيب سامح، وهو متطوع مع المنظمة المذكورة.

الصناعة السورية تتنفس الصعداء

عبّر أغلب الصناعيين الذين التقاهم موقع “الحل”، أن مجمل ما تحقق حتى الآن من دعم للصناعة المحلية، هو التعاقد مع ثلاث شركات #سورية، تعمل في صناعة البسكويت، والحلويات، لتغذية طلاب المدارس، أما موضوع المساعدات المباشرة، فلم يحصل فيها أي تقدم حتى الآن.

رئيس لجنة الصناعات الغذائية في “اتحاد المصدرين”، طوني بيتنجانة، أكد لإحدى وسائل إعلام النظام، في 13 آب 2015 أن الشركات الصناعية السورية، مغيبة عن غالبية المناقصات، التي تعلن عنها “الأمم المتحدة”، لتقديم المساعدات لسورية، وغالباً ما يكون الشراء من دول الجوار، رغم قدرة الصناعة السورية، على تقديم نوعية أفضل، وبسعر أقل.

وقال بيتنجانة: “وجهنا 12 كتاباً حول هذا الموضوع، إلى الجهات الحكومية #السورية، ولبرنامج الأمم المتحدة للغذاء، وللمكتب الإقليمي، ولكن دون جدوى”.

وأضاف أن الشركات #السورية، لا تدعى إلى المناقصات، ولا تعلم بها، وهذا ما ينعكس سلباً عليها، مستشهداً بمادة الزيوت النباتية، التي تواجه منافسة من المستورد، والمساعدات، وبضائع الخط الائتماني الإيراني، رغم حديث حكومة النظام المستمر، عن دعمها للشركات #السورية.

صناعة الكونسرة أكبر المتضررين

تتضمن لائحة السلع، التي يمكن استجراراها من قبل المنظمات الدولية، كافة أنواع #الكونسروة، والمعلبات، والأدوات المنزلية، والمنظفات بكافة أنواعها.

أحد أكثر الصناعات، التي تضررت من المساعدات الغذائية، كانت الكونسروة، ومن هنا، يشير الصناعي أحمد ك، في حديث لـ”الحل”، إلى توقف العديد من المعامل السورية، عن تصنيع هذه المنتجات، بسبب المنافسة غير العادلة، بحسب وصفه، وخاصة مادة الفول والحمص بالطحينة.

ويتابع “تدخل كميات هائلة من تلك المنتجات، عبر المساعدات، ويتم المتاجرة بها في #الأسواق، وهي ذات نوعية غير مطابقة للمواصفات السورية لمادة الفول”.

وبحسب الصناعي، هذا يرفع من #سعر المنتج المحلي، لأن جودته أعلى، موضحاً “للأسف فهذه المنتجات تباع على الأرصفة وبنصف الكلفة بسبب الكميات الكبيرة المطروحة، هذا الأمر ينبغي معالجته، والتعاقد مع الشركات السورية المصنعة، لهذه المواد أمر ضروري، لاستمرار عمل هذه المعامل”.
منظفات رديئة مستوردة.

يؤكد أحد تجار سوق شارع #بغداد بدمشق، أن المنظفات التي يتم توزيعها في سوريا، هي من صنع الشركات #الأردنية، و #اللبنانية، ولا ترقى لمستوى الصناعة السورية.

ويضيف “تم عقد اجتماع في وزارة الاقتصاد، وبحضور منتجين #سوريين وممثلين عن هيئة تخطيط الدولة، وبرنامج الغذاء العالمي، لمناقشة وتحديد المواد التي يمكن لمنظمات الإغاثة استجرارها من سوريا، دون التأثير السلبي على تواجدها، أو أسعارها في #الأسواق، على أن تتولى وزارة الخارجية مخاطبة المنظمات الدولية بهذا الموضوع”.

ويبدو حتى اللحظة، أن الاجتماع، لم تخرج عنه أي توصيات أو خطوات عملية، تساعد في إنقاذ الصناعة المحلية.

لا أرقام حول حجم المعونات الموزعة

لا توجد أرقام حول حجم المعونات الغذائية السنوية التي تقدم من قبل برنامج الغذاء العالمي، ليتم توزيعها على الأسر المتضررة في #سوريا، والتي بدأت توزع على نطاق ضيق في 2011، لتتوسع بشكل كبير في الأعوام التالية، وتشمل مئات آلاف الأسر، في معظم #المحافظات السورية.

معايير الأمم المتحدة لإستيراد مواد المعونات

يوجد عدد من المعايير المتبعة لدى هيئات الأمم المتحدة، في عملية الشراء، ومنها، التصنيف التنموي للبلد المتلقي للمساعدة.

ويطلب برنامج الغذاء العالمي، توفر عوامل لنوعية وجودة الغذاء، كالسلامة، القيمة الغذائية، والخصائص الحسيّة، والمواصفات الوطنية لكل دولة، وتوافر إدارة جودة للمنتجات المستجرة من قبل البرنامج، أي أن يكون الاستجرار من منتجين خضعوا لتدقيق متطلبات الجودة.

وهنالك توجه وقائي لدى البرنامج، وهو حماية المنتج من المخاطر، كمنع حالات عدم التوافق مع المواصفات الوطنية، أو الخصائص الفنية المطلوبة، والتلوث، والتخزين، إضافة إلى مخاطر تتعلق بحماية الاقتصاد الوطني للبلد المتلقي لمساعدات، بأن لا تؤثر، على السوق المحلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة