لانا جبر – دمشق:

(يلزمنا آنسات للعمل..) هي عبارة كانت بمكن أن تبدو اعتيادية لو أنها لم تكتب على واجهة إحدى محال بيع اللحوم في حي العمارة بمدينة #دمشق، حيث لم تعتد الفتيات على مزاولة هذه المهنة، ما جعلها تلخص أزمة حقيقة تعيشها العاصمة منذ أشهر.

وبين صاحب الملحمة لموقع #الحل_السوري، بأن تشغيل فتيات في ملحمته على الرغم من أنها مهنة “غير ملائمة لهن”، بات ملاذه الأخير بعد أن سحبت قوات النظام مؤخراً إحدى عماله من المحل إلى خدمة العلم الاحتياطية، فيما اضطر عاملون آخرون للفرار إلى خارج البلاد خوفاً من السوق إلى جبهات القتال.

ولعل الحملة التي بدأتها قوات النظام منذ أشهر وبشكل مكثف لسحب #الشبان إلى خدمتي العلم سواء الاحتياطية أو الالزامية جعلت منهم عملة نادرة في المدينة، وهو ما شكّل أزمة بالنسبة لمختلف قطاعات العمل في دمشق، وخاصة فيما يتعلق ببعض المهن التي اعتاد الشبان على مزاولتها.

أزمة تأمين العامل

من جانبه بيّن مروان وهو صاحب ورشة لتصنيع الألبسة الجاهزة بأنه يعاني أيضاً من غياب العمال في ورشته، بعد أن اقتيد معظمهم للقتال إلى جانب قوات النظام، حيث بات يعتمد على الفتيات فقط للعمل لديه أو الفتيان الذين لا يتجاوزون الثامنة عشر من عمرهم.

ولفت المصدر إلى أنّ هذه الحملة أدت إلى فقدانه أكفأ العمال لديه، بالإضافة إلى تضرر عمله وتراجع إنتاج ورشته خاصة وأنه يضطر إلى تدريب أيدي عاملة جديدة ليس لديها خبرة في العمل، مؤكداً أن هذه المشكلة باتت عامة ويعاني منها معظم أصحاب ورش صناعة الألبسة في دمشق بشكل خاص، لدرجة بات فيها تأمين العامل الشغل الشاغل لأصحاب هذه المهنة.

وعلى ما يبدو فإن أزمة تأمين العمالة من الذكور لمختلف الورشات باتت مشكلة عامة في #دمشق، حيث لم يستبعد أبو محمد وهو صاحب ورشة لتصليح السيارات في العاصمة بأنه ربما سيلجأ قريباً إلى تشغيل الفتيات لديه بعد أن فقد عماله أيضاً بين مهاجر وملتحق بالجيش، مبيناً بأنه يعمل مؤخراً بمفرده ريثما يستطيع تأمين عامل إما وحيد أو مفعى من الخدمة، أو ربما فتاة تستطيع تحمل مشاق هذه المهنة.

حملة عشوائية ضاعفت الهجرة

وبينت السيدة منى وهي مدرسة في إحدى المدارس الخاصة بدمشق، أن حملة سوق الشبان إلى خدمة العلم أثرت على القطاع التعليمي أيضاً بعد أن طالت العديد المدرسين في مدارس العاصمة سواء الخاصة أو الحكومية، ما دفع بعضهم للهجرة تاركين وراءهم تلاميذاً في منتصف عامهم الدراسي، دون مدرس.

ووصفت منى حملة النظام في اقتياد الشبان إلى التجنيد الإلزامي أو الاحتياطي “بالعشوائية” حيث ساهمت إلى حد كبير في ارتفاع نسب هجرة الشبان من ذوي الكفاءات والشهادات التعليمية بمختلف المجالات، في وقت تحتاج إليهم قطاعات العمل خاصة التعليمية منها، أكثر من أي وقت مضى.

وانخفض تواجد الشبان في شوارع دمشق وغيرها من المحافظات والمدن الخاضعة لسيطرة النظام بشكل لافت منذ بضعة أشهر، وذلك مع انتشار الحواجز الطيارة التي تعمل على تفييش الشبان وسحبهم إلى خدمة العلم، حيث أشارت العديد من العائلات ممن التقاهم موقع الحل، إلى أن معظم الآباء يعملون على إخفاء أولادهم في المنازل ريثما يتم تهريبهم إلى خارج البلاد، مشيرين إلى نسبة هجرة الشبان خلال الثلاث اشهر الماضية تضاعفت بعد الحملة السوق إلى جبهات القتال.

وكان النظام قد بدأ منذ أكثر من عام بسحب الشبان في المناطق الخاضعة لسيطرته للقتال مع قواته، وهو ما تزامن مع حملات إعلانية تدعوهم فيها للتطوع في صفوف الجيش، إلا أن الأشهر الأخيرة شهدت أكبر حملة سوق حسب ما يصف سكان تلك المناطق، وبات تفييش الشبان الشغل الشاغل لعناصر الحواجز العسكرية، وهو ما ترافق مع زرع النظام لحواجز طيارة مهمتها سوق الشبان، كما لجأت العناصر الأمنية إلى مداهمة المنازل وسحب الشبان من وسائل النقل العامة وحتى من أماكن عملهم أو من المطاعم والمولات، من دون أن تسنح لهم الفرصة لأخبار ذويهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.