سارة العمر

حقيقة صادمة، كشفت عنها أرقام #وزارة_الصحة_السورية، للوفيات المرضية خلال عام ٢٠١٥، وهي أن بين كل مريضين توفيا في المستشفيات السورية، كان واحد منهم يعاني من #مرض_السرطان، ووفقاً للأرقام، احتلت #الأورام_الخبيثة المرتبة الأولى في قائمة الأمراض الأكثر تسبباً بالوفيات المرضية، بنسبة %50,92 كما احتلت المرتبة الثالثة في قائمة الأمراض الأكثر حدوثاً.

 

وساهم التراجع الكبير في مستوى الرعاية الصحية في سوريا العام الماضي بازدياد الوفيات المرضية عامة، إذ قضى نحو ٨٥ ألف مريض في #المستشفيات العامة والخاصة في عام ٢٠١٥، قرابة الـ ٥٥ ألف منهم من الذكور و٣٠ ألف من النساء.

واعتبر المتخصص في الصحة العامة عمار الأفندي، الأرقام الأخيرة مؤشراً خطيراً وبأنها تنطوي على دلالات عديدة، موضحاً في تصريح لموقع الحل السوري أن “هناك تضاعف في الإصابات بمرض السرطان، فقبل عام ٢٠١١ كانت الأورام الخبيثة حوالي ٥ ٪ فقط من الأمراض المنتشرة، ويشير هذا إلى وجود عوامل بيئية خطيرة، أما التزايد الكبير في نسب الوفيات، فيمكن إرجاعه بالدرجة الأولى، إلى تأخر الكشف عن الإصابات بسبب غياب المراكز الصحية والكفاءات الطبية وصعوبة التنقل، إضافة لعدم توفر #العلاج_الكيماوي أو الشعاعي، إلا في مناطق محددة، إضافة إلى محدودية الكميات المتوفرة منها، وسوء الرعاية الصحية، وانعدامها في الكثير من الأحيان”.

ووفقاً لإحصائيات عالمية فإن عدد الوفيات الناتجة عن مرض السرطان في الدول النامية، يشهد تزايداً كبيراً نتيجة للحروب وغياب العلاج والكشف المبكر، في حين تشهد الدول المتقدمة تراجعاً في عدد #الوفيات نتيجة الاجراءات المتبعة في الكشف المبكر عن المرض وخيارات العلاج المتقدمة، في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، انخفضت معدلات الوفيات الناتجة عن السرطان عام 2014  بنسبة 1،8% للذكور و1،4% للإناث وكانت أمراض القلب والأوعية الدموية المسبب الرئيسي للوفيات، ووفيات مرض السرطان لم تتجاوز 30٪ من الإصابات في عام 2015.

التلوث ومخلفات الأسلحة

إن الارتفاع في نسب الإصابة بمرض السرطان في سوريا، كانت من الأمور المتوقعة لدى #الأطباء نتيجة للحرب، بسبب انتشار مخلفات #الأسلحة والدمار من مواد سامة ومؤكسدة، علاوة على انعدام النظافة، و #التلوث_البيئي الذي أصاب معظم المناطق السورية، مما يشكل بيئة حاضنة للجراثيم والفيروسات التي تعد المسبب الرئيسي لبعض أنواع السرطانات.

ويسهم غياب الأغذية الصحية ونمط الحياة السليم  في زيادة نسب الإصابة بشكل كبير، يؤكد الأستاذ بشير باقي الخبير في شؤون البيئة، “ارتفاع نسبة التلوث في الماء والهواء والتربة، بسبب الانبعاثات الناجمة عن محركات السيارات والمولدات الكهربائية، التي لا يكاد منزل يخلو منها في بعض المناطق في سورية، إضافة للمواد السامة التي قصفت بها كثير من المناطق، وطرق التدفئة المتبعة من حرق للملابس والورق وغيرها لتعويض النقص في الوقود المستخدم للتدفئة، عدا عن التلوث البيئي الناتج عن تراكم الأوساخ وغياب النظافة في معظم المناطق، كلها عوامل تساهم في زيادة نسب الإصابة بالمرض”.

ويضيف:” يجب على كل شخص اتخاذ الاحتياطات الممكنة للحفاظ على صحته في ظل الوضع الراهن في #سورية، والالتزام بالعادات الصحية قدر الإمكان لتفادي المسببات التي تؤدي للإصابة بالمرض”.

أحلام فتاة تبلغ من العمر 13 عاما،ُ أصيبت بسرطان #نقي_العظم، تشعر والدتها بالأسى لحالها، وتقول ” يقال أن مرض السرطان وراثي لكن لم يسبق لأحد من عائلتنا أن أصيب به، لابد أن يكون الهواء الملوث الذي نستنشقه هو السبب وراء ذلك، قبل الحرب لم نشكُ في حياتنا من أي مرض”.

الكشف المتأخر

يعد الكشف المبكر عن السرطان والفحوصات الدورية، إحدى أهم وسائل النجاة منه، إلا أن أكثر من ثلثي المصابين بالسرطان اليوم في سوريا، يتم تشخيص إصابتهم في مرحلة متقدمة، يقول الطبيب فؤاد الهندي المتخصص في الأورام إن “إن معظم #الأورام التي يتم تشخيصها اليوم، في مراحل متقدمة يصعب معها الاستجابة للعلاج وانقاذ حياة المريض، ويصبح خلالها #المريض بحاجة لأكثر من نوع من العلاج ولخبرات متقدمة نفتقرها في الوقت الحالي”.

أما أبو أحمد، فيعزو عدم كشف مرض ابنه  في مرحلة مبكرة وتأخره في العلاج، لصعوبة زيارة الطبيب في بلدته بريف #إدلب، وهي إحدى المناطق الساخنة التي تشهد اشتباكات مستمرة وتخلو من الأطباء المختصين، يقول” كان يشعر  بألم كبير ونزف مستمر في أمعائه، كابد آلاماً لا تطاق، لم يكن باستطاعتنا زيارة الطبيب، ولا نملك المال اللازم للعلاج، إلى أن انتشر المرض في كامل جسده، كان يموت كل يوم مئة مرة، ولم نجد بداً من السفر إلى #دمشق لتلقي العلاج وتسكين آلامه”.

ويستطرد، “عانى من المرض ومن مصاعب الطريق، فمشفى البيروني على الرغم من خطورة موقعه، إلا أنه لازال يقدم الدواء بالمجان”، ويضيف، “على الرغم من أن وضعه الصحي ميؤوس منه، لكننا نتحمل مشاق السفر حتى لا نراه يموت أمامنا ونقف مكتوفي الأيدي”.

مصاعب تلقي العلاج

تقتصر خدمات الفحوصات وتقديم العلاج في سوريا، على المشافي الحكومية المتواجدة في المدن الكبرى، والتي تقدر بأربعة مشافي، منها، #مشفى_البيروني في دمشق والذي يقصده معظم مرضى السرطان لإجراء الفحوصات وتلقي العلاج، ومشفى تشرين في مدينة #اللاذقية، إضافة لمشفى زاهي أزرق، وقسم من مشفى الجامعة في مدينة #حلب.

سهير مرعي، 35 عاماً، من مدينة #حماة، مصابة بسرطان الثدي، تقول، “كانت أولى علامات السرطان، ظهور كتلة كبيرة في الثدي، لم أعرها الكثير من الاهتمام، ولكنها مع الوقت لم تختف وبدأت أشعر بالقلق، ذهبت لطبيبة نسائية وبعد إجراء الفحوص اللازمة تأكدت إصابتي بالمرض، وتوجب علي إجراء عمل جراحي وأخذ جرعات من علاج كيميائي.”

وتضيف” لم يكن باستطاعتي السفر إلى دمشق لتلقي العلاج، ونظراً للشروط القاسية التي فرضها النظام على المستودعات الدوائية، تجنبَت الكثير منها استيراد هذه الأدوية، وأصبح تأمين الدواء مقتصراً على المشافي الحكومية في أغلب الأحيان”.

الفقر

يعد تردي الوضع الاقتصادي للمواطن السوري في ظل #الحرب، عاملاً هاماً في إهمال الكثيرين لصحتهم وتقاعسهم عن مراجعة الطبيب، وإجراء الفحوصات التي يجدونها باهظة الثمن، ساهم هذا في وصول الكثيرين الى مراحل متقدمة، دون اكتشاف المرض وتلقي العلاج.

تقول سهام من حلب “عانى زوجي من تلبكات معوية منذ أكثر من سنة، راجعنا الطبيب وطلب إجراء العديد من الفحوصات، لكنه لم يتمكن من تشخيص المرض، تكلفة هذه المراجعات كانت كبيرة، لذا قرر زوجي عدم الذهاب إلى الطبيب لأنه لم يتحسن على الأدوية، واكتفينا ببعض التطمينات من المحيطين بأنه مرض عابر وبأنه سيشفى قريباً، إلا أن حالته كانت تزداد سوءاَ ولم يعد قادراً على العمل أدخلناه، بعد سنة، بشكل إسعافي، إلى المستشفى وأجروا له فحوصات وقالوا إنه يعاني من السرطان، وهو في مرحلة متقدمة، ولن ينفعه العلاج كثيراً، إننا نراه ينازع الموت أمام أعيننا، ربما لو كنّا أغنياء لكنا استطعنا إنقاذه مبكراً، أو إطالة فترة بقائه معنا”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة