الإكنوميست، 23 كانون الثاني 2016.. من النسخة المطبوعة.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

الترحيب بوصول 1.1 مليون لاجئ إلى #ألمانيا في عام 2015 سرعان ما بدأ بالفتور، ففي التاسع عشر من كانون الثاني أرسل 44 عضواً من البرلمان في التحالف الحاكم رسالةً غاضبةً إلى أنجيلا ميركل، التي تُعد أكبر المدافعين عن اللاجئين، مشتكين من أن “بلادنا على وشك الارتباك”، وربما هناك الكثير من اللاجئين في طريقهم للوصول حيث يوجد 8 مليون نازح داخل #سوريا، و أكثر من 4 مليون في الدول المجاورة.

تملي الإنسانية على العالم الغني أن يستقبل اللاجئين، بغض النظر عن الأثر الاقتصادي. لكن الوضع المادي للقادمين يبقى ذا أهمية، كون الوضع المادي أصلاً يعطي تصورات عن  حالة الواصلين الجدد.

إحدى المخاوف هي أن المهاجرين سوف يكونون منافسين في سوق العمل، وسوف يؤدي ذلك إلى خفض الأجور. وسوف يتسببون أيضاً بنقص المال في الخزينة العامة.

لا ضرورة لقلق الألمان عندما يتعلق الأمر برواتبهم .. حيث تشير الدلائل إلى أن للهجرة أثر ضئيل على الاقتصاد والأجور. فإن العمال عديمي الخبرة والمهاجرين الحاليين ضعفاء جداً، وهم البديل الأقرب للقادمين الجدد. إلا أن الآثار ما تزال صغيرة.. على سبيل المثال: وجدت الورقة الأخيرة التي صدرت عن ستيفان نيكل من جامعة أوكسفورد، وجُمانة صالحين من بنك #إنكلترا، أن نسبة الارتفاع في حصة المهاجرين العاملين في الوظائف الصغيرة مثل التنظيف تعادل 0.10  %، وتستهلك 2 % من مخزون الأموال.

يمكن لهذه الأموال المجمّدة أن يكون لها تأثير من الناحية الإيجابية. استقصى كل من (ميـت فـوجد) و (جيوفاني بيير) وصول اللاجئين إلى #الدانمارك في الفترة بين عام 1991 و 2008، ووجدوا بأنهم قاموا بدفع مواطنيهم ذوي المستوى التعليمي المنخفض بعيداً عن الوظائف الصغيرة، وبدلاً من العبوس في وجه الإعانات، انتقل المواطنون المستبدَلون من تلك الوظائف إلى وظائف أخرى تتطلب منهم جهداً أقل وأحياناً بأجور أعلى.

الدليل على الأثر المالي المحتمل للاجئين ليس واضحاً، كما أن جمع الضرائب المدفوعة والمنافع التي يتم الحصول عليها من قبل أي فرد أو مجموعة هو أمر صعب.

منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، هي جمعية تضم معظم الدول الغنية، عملت على تقييم أثر المهاجرين على ماليات أعضائها في الشهر التاسع مع العام 2007، ووجدت أنهم ساهموا في خزينة الدولة بالضرائب بنسبة تقارب 0.35 % من معدل الناتج المحلي الإجمالي ، مع اختلاف بنسبة قليلة بين دولة وأخرى.

لكن الدراسات التي أجريت مع المهاجرين القدماء قد لا تكون  مناسبة للاستخدام في تقييم تأثير أعداد القادمين الجدد. حيث شكّل المهاجرون عبئاً _ بشكل جزئي _ على الخزينة العامة لأن الكثير منهم من المتقاعدين، والذين يميلون إلى استنزاف الأموال العامة. وبالمقارنة فإن القادمين الجدد هم من فئة الشباب المفعمين بحياة عملية طولية تنتظرهم.

هناك اختلافات بين اللاجئين والمهاجرين. ورقة جديدة من صندوق النقد الدولي تستخدم المهاجرين المتواجدين في أوربا  من أفغانستان وإريتريا وإيران والعراق والصومال وسوريا ويوغسلافية السابقة كوكلاء للموجة الأخيرة من اللاجئين، حيث إن معظمهم قَدِموا من تلك الدول. وهم بالنسبة إلى غيرهم من المهاجرين كانوا في أوربا لمدة تقل عن ست سنوات، 17 % منهم من المرجح أنهم يعتمدون على الفوائد كمصدر رئيسي للدخل، و15 % منهم أقل حظاً بالحصول على وظيفة.

توحي هذه العوائق بأنه لا بد من وقت يقضيه اللاجئون قبل أن يدفعوا ضرائب تفوق الدعم الذي يتلقونه من الحكومات. حيث وجدت دراسة عن اللاجئين في #أستراليا أنهم دفعوا ضرائب أقل مما تلقوه من فوائد خلال السنوات الـ 15 إلى 20 الأولى من إقامتهم.

بالتأكيد.. القادمون الجدد إلى أوربا  يمكن أن يكونوا مختلفين جداً. كما أن المعلومات التي توضح مستوى تعليمهم ضئيلة، ولكن هناك بعض الأدلة تشير إلى أنهم  “ماهرون نسبياً”. وما يزالون قادرين على العطاء، حيث أن معظم الدول الأوربية تعيد توزيع الدخل من الأغنياء إلى الفقراء، وطالما أنهم أفقر من متوسط المواطنين الأصليين فإنهم سوف يتلقون مبالغ مقطوعة.

على أية حال فإن التدفق سوف لن يكون المتسبب بكسر البنك. يخمّن صندوق النقد الدولي _ في المدى القريب _ أن اللاجئين سوف يضيفون حوالي 0.19 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى النفقة العامة في الاتحاد الأوربي ( 0.35 % في ألمانيا ) في العام 2016. هذا سوف يضاف للدين العام وسوف يعطي ارتفاعاً للبطالة بين اللاجئين،  وسيزيد من نسبة البطالة بشكل عام. لكن النظر إلى الأثر المالي فقط هو تركيز على بؤرة ضيقة جداً. لاحقاً، وبينما يندمج القادمون الجدد ضمن القوة العاملة، يُتوقع من ذلك رفعهم للناتج السنوي بنسبة 0.1 % للاتحاد الأوربي ككل، و 0.3 % في ألمانيا. ينبغي أن يساعدوا أيضاً ( ولو بشكل قليل ) في قلب موازين الزحف المتصاعد لتكاليف معاشات التقاعد الحكومية كمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، نظراً لشبابهم النسبي.

وبالطبع، هذه الأرقام غير مؤكدة إلى حد بعيد،  وتعتمد على عدد اللاجئين الواصلين ومدى سرعة معالجة طلبات لجوئهم وسرعة حصولهم على عمل. يمكن للحكومات أن تجعل التأثيرات حميدة أكثر بتسريع كل تلك الخطوات.

من النسخة المطبوعة: المال والاقتصاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.