سارة العمر – الحل السوري:

خلّف العنف الدائر في #سوريا منذ خمسة أعوام دماراً هائلاً شمل كافة المناطق السورية بكل ما فيها “البنى التحتية والمناطق السكنية والصحية”، منها ما تضرر بشكل جزئي ومنها ما تعرض لدمار كامل.

وعلى اعتبار أن القصف والمواجهات بين أطراف النزاع المختلفة لم تتوقف، فإن حجم الخسائر لم يصل إلى حده الأقصى بعد، وستحتاج سوريا إلى جهود جبارة ومبالغ “طائلة” لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.

فوفقاً لدراسة قامت بها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، فإن ما يقارب مليون ونصف المليون منزل تعرض للدمار، منها 315 ألف منزل تعرض للدمار الكامل، و300 ألف منزل تعرض للدمار الجزئي، مع دمار البنية التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي.

الدراسة أكّدت أيضاً أنّ ما يقارب 7 مليون شخص تأثروا بالدمار، وفقد مليون مواطن ممتلكاتهم بشكل كامل.

وتصدرت #حلب المحافظات التي تعرضت لدمار المنازل بسبب الأحداث، حيث دمرت نصف منازلها وتقدر بـ 424 ألف منزل مدمر كلياً أو جزئياً، تحتاج لحوالي 187 مليار ليرة سورية لإعداة إعمارها، تلتها محافظة ريف #دمشق بدمار نصف منازلها أيضاً، والتي قدرت بـ 303 ألاف منزل، تحتاج لـ 145 مليار ليرة #سورية لبنائها.

واحتلت #حمص المرتبة الثالثة في دمار المنازل بحوالي 200 ألف منزل مدمر، تحتاج لحوالي 97 مليار ليرة لبنائها.

ووفقاً لما سبق فإنّ مجموع تكاليف إعادة بناء المنازل وحدها تحتاج إلى حوالي 700 مليار #ليرة سورية.

تأهيل وترميم

في الوقت الذي دمّر فيه عدد كبير من المنازل السكنية والمؤسسات الخدمية والمدارس بشكل كامل، بحيث لا يمكن إعادة ترميمه أو إصلاحه، تحولت بعض المباني المدمرة بشكل جزئي إلى مدارس أو مساكن مؤقتة للنازحين ممن لا مأوى لهم.

وتشير إحصائية لوجود 650 ألف نازح #سوري داخل مدارس مدمرة جزئياً معظمهم في ريف دمشق وحمص وحلب وادلب.

مصطفى يوسف، يسكن مع عائلته في منزل مدمر بشكل جزئي في ريف حلب، يقول “دمر الطيران الحربي منزلي بالكامل ولم تعد البلدة آمنة للبقاء فيها.. نزحت إلى بلدة مجاورة أكثر أماناً، ووجدت منزلاً تركه أهله، قمت بإصلاح ما استطعت، والآن أسكن مع عائلتي فيه”.

بدورها قامت العديد من الطواقم الطبية في المناطق المحررة المعرضة للقصف المستمر باتخاذ ما يمكن لإصلاح عدد من المباني تعرضت للضرر بسبب القصف.

الطبيب منير، أحد الأطباء الذين يعملون في مشفى ميداني في ريف حلب الشمالي، يقول” تعرض مبنى المشفى للقصف أكثر من مرة وفي كل مرة كنا نقوم بترميم المشفى والعمل فيه، إلى أن دمر كلياً ومات إثنان من العاملين، اليوم نعمل في قبو لمبنى مدمر بعد أن قمنا بإزالة أكوام الركام فوقه”.

استفادة من المخلفات

من اللافت أيضاً أن البعض وجد في مخلفات القصف والدمار ما يمكن الأستفادة منه، أبو يوسف من ريف دمشق يقوم بجمع قطع البلاستيك المرمية والتي تكون غالباً من مخلفات القصف، ليبيعها ليتم استخراج #النفط منها بشكل محلي، يقول “لا تدر علي المال الكثير لكني لا أجد عملاً آخر، إضافة إلى أن #النفط المنتج وإن كانت كمياته قليلة، فهو ضروري كثيراً لعمل الآليات والمولدات بظل الحصار”.

من جانبها، تقول أم أحمد، وهي أم لسبعة أطفال في ريف #حمص إنها قامت عدة مرات بجمع القطع الخشبية المتبقية من أثاث المنازل المدمرة لتستخدمه لتدفئة أطفالها في الشتاء.

أما صبحي، (30 عاماً) من حلب، فيجد في بقايا المنازل المدمرة قوت يومه، حيث يبحث في منازل المناطق المجاورة له عن أشياء يستطيع إصلاحها وبيعها، يقول “لا أجد ضيراً من ذلك فهذه الأشياء تالفة ولا أحد يستفيد منها، أعمل على إصلاحها وبيعها”.

فنانون يستفيدون من الركام

مخلفات الدمار التي باتت مشهداً عاماً ومؤلوفاً عن سوريا، ألهمت الفنان السوري تمام عزام، الذي اتخذ من المباني المدمرة وسيلة للتعبير عن معاناة سوريا، من خلال تصوير مشاهد فنية وجدها في آثار الدمار على المباني، بغية لفت الانتباه إلى ما تعانيه سوريا.

وفي الوقت الذي لا يرى الكثير من السوريبن في المباني التي دمرتها الحرب غير الآلام والحسرات، عمل العديد من النشطاء والفنانون #السوريون على رسم لوحات على أنقاض المنازل والشوارع المدمرة لبث روح الفرح والأمل في قلوب السوريين.

يقول يحيى من مدينة حلب وهو من مجموعة الشباب الناشطين في الرسم على الجدران “نرسم الورد والجمال وسط الركام لكي نذكر الناس بأنه يجب علينا أن نسعى وراء السعادة والجمال وأن لانترك اليأس يسيطر علينا”.

ويضيف “ذلك لا يعني أننا لا نقوم برسم لوحات تحاكي تخاذل المجتمع الدولي وتغاضيه عن مأساتنا، نرسم زهوراً على جدار ما، ونرسم قذائف وطائرات حربية على جدار آخر، وأطفالاً تخرج من تحت الأنقاض تبحث عن ألعابها”.

دمار لا يعوّض

كان للأماكن الأثرية #السورية والتي تعود لأكثر من 5000 عام نصيب كبير من الدمار الناتج عن الحرب. هذه الأماكن الذي تعد خسارتها دائمة، ولن تعيد إعادة بنائها قيمتها لها، أبرزها سوق حلب القديم الذي صنف كأحد أهم مواقع التراث العالمي 1986م، وقلعة حلب التي تعرضت للقصف بالقنابل والاشتباكات المتواصلة حولها، وكذلك قلعة الحصن في حمص والتي تعرضت لدمار في بعض أجزائها.

وفي هذا الإطار سيطلق معهد الآثار الرقمي في #بريطانيا، مشروعاً يتضمن توزيع خمسة آلاف كاميرا تلتقط صوراً ثلاثية الأبعاد على آلاف السكان في مناطق الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وسيطلب منهم التقاط صور للمواقع الأثرية، و في نهاية عام 2016 سيجمع حوالي مليون صورة للقطع الأثرية المهددة تمكن المختصين من إعادة بناء مجسمات لهذه القطع الأثرية لتحفظها أشكالها من الزوال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.