أسامة الأزهري – دمشق:

يعيش أبو طارق منذ خمس سنوات قلقاً كبيراً خشية وصول حكومة #النظام إلى مرحلة الإفلاس التام، والتوقّف عن دفع راتبه، وهو أمر غير مستبعد في ضوء التدهور الاقتصادي الذي تمر فيه أجهزة النظام المالية وانخفاض قيمة #العملة المحلية قرابة الـ10 أضعاف( 1$=45 ليرة في 2011 اليوم يتجاوز 500 ليرة).

 

يقول أبو طارق (موظف إداري في مؤسسة المطاحن) في حديثه لموقع #الحل_السوري :”كل مرة أستلم بها معاشي الشهري أفكر بأنها ربما تكون الأخيرة، خصوصاً في ظل أحاديث كثيرة عن فرار شخصيات كبيرة في دائرة صنع القرار المالي أو إفلاس #الخزينة أو توقّف الدعم المالي #الروسي و #الإيراني للحكومة بعد تراجع أسعار #النفط لمستويات كبيرة”، ويضيف: “صحيح أن هذا الراتب (28 ألف #ليرة، أي الدخل اليومي قرابة 1.5 دولار) الذي نخشى انقطاعه لا يكفي #آجار البيت والبالغ 40 ألف ليرة، لكن توقفه أو تأخره أحياناً يشكّل أزمة كبيرة لنا، فأنا لا أمتلك أي مصدر آخر للعيش سوى الراتب”.

وفي هذا المجال يؤكد الباحث الاقتصادي سامر جمعة لموقع #الحل_السوري: “بأن #النظام  يسخر موارده المالية بشكل أساسي لدعم جيشه والقوى الأمنية والميليشيات المساندة له، وهذا يثير مخاوف من حصول #عجز مالي في شركات و #مؤسسات عامة عملت #الحكومة على خفض مخصصاتها المالية، ما يجعل عائلات هؤلاء #الموظفين في خطر حقيقي على اعتبار أن هذه الرواتب هي السبيل الوحيد الذي يمكنها من إبعاد العوز والجوع عنها على أقل تقدير.

ويتابع جمعة بأن الكتلة النقدية المخصصة لدفع معاشات موظفي #القطاع_العام ضخمة إذا ما قورنت بحالة الانهيار الاقتصادي الذي تعيشها البلاد، وإذا كانت الحكومة لا تزال قادرة على توفيرها إلى اليوم بفضل دعم مالي خارجي تتلقاه من حلفائها، فإنها قد لا تكون قادرة على ذلك لفترة طويلة مقبلة.

فيما يبيّن بلال وهو موظف في “مؤسسة مياه عين الفيجة” أن الراتب هو الحافز الوحيد الذي يجعلها قادرة على الاستمرار في عمله الذي بات أكثر صعوبة من قبل، وأن انقطاعه سيكون بمثابة كارثة على عائلته.

ويكشف بلال: “كنت أعمل سائق أجرة إلى جانب وظيفتي كي أتمكن من سد حاجاتي، لكني بعدما نجوت بأعجوبة من إطلاق نار أثناء قيادتي على #المتحلق_الجنوبي بالقرب من #جرمانا، قررت التوقف عن العمل كسائق وبات معاشي الحالي هو كل ما يعيلني، لذلك فإن توقف هذا المرتب ربما يحولني إلى لص أو قاطع طريق أو التطوع في ألوية #الدفاع_الوطني، فهؤلاء يعتبرون أكثر أهمية من الموظفين المدنيين هذه الأيام.

وعن نمط معيشته والتأقلم مع “اقتصاد الحرب المنزلي” يقول بلال: “المطبخ #السوري بشكل عام تغيرت معالمه، حيث من النادر أن تجد أحد البيوت يحضر الطبخات الدسمة والتي لطالما اشتهر بها المطبخ السوري كالشاكرية والكبب بأنواعها والحلويات، بعد أن بات كيلو الهبرة ب6000 #ليرة سورية، حل #العدس و #البطاطا و #البرغل وبعض مواد المعونات على رأس القائمة في غالبية منازل السوريين”.

ويضيف بلال بأن الطاعنين في السن أكثر قدرة على تدبر الأمور المنزلية في إشارة منه إلى والدته التي تسطتيع إعداد الأكلات رغم غياب الكثير من مكونات تلك الطبخات، حيث عادت بعض الأطباق الشعبية والتي تتميز ببساطتها ويسر إعداها بالظهور مثل العدس، قشة، عجة، مطفاية بطاطا، وبعض انواع الحلويات التي يمكن اعدادها بالبيت مثل مهلبية الهيطلية، الناعم، الكنافة.

الجدير بالذكر أن دراسة اقتصادية أجريت مؤخراً، وأظهرت أن حاجة #الأسرة_السورية المتوسطة (5 أشخاص) تقدّر بنحو 142.500 ألف ليرة، كحدّ أدنى شهرياً، للبقاء على خط الفقر العالمي، وذلك وفقاً لمعايير الفقر العالمية التي حدّدها “البنك الدولي”، كما أظهرت دراسة سبقتها بفترة قصيرة، بيّنت بالتفصيل أن الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة السورية بلغ 172 ألف ليرة شهرياً، شاملاً الحاجات الأساسية فقط.

ويختتم أبو طارق حديثه بمرارة ويقول: “ظرف السيتامول بات اليوم بـ110 ليرة بعد أن كان بـ10 ليرات، سندويشة #الفلافل (أكلة الفقير) بـ200ل ليرة بعد أن كانت بـ25 ليرة، ربطة الخبز بـ50 من المخبز وبـ100 من خارجه، علبة المحارم بـ475 بعد أن كانت بـ30 ليرة، بحسبة بسيطة ينبغي أن يكون الراتب 100 ألف ليرة.

طالما كانت الوظيفة الحكومية “بكل مساؤها” حلماً بالنسبة للشباب لا يحصل عليها المواطن إلا بالواسطة ودفع الرشى، وقد عرف حكومة النظام طوال العقود الماضية كيف تنتقم من معارضيها عبر تسريحهم التعسفي أو نقلهم إلى مناطق نائية من أجل دفعهم إلى ترك العمل، وحالياً تبدو هذه السياسة أشد وطأة، فالوظيفة أكثر أهمية لمن بقي منهم في عمله نظراً للظروف الاقتصادية العسيرة التي يمر بها المواطن السوري، وفي ظل انسداد أبواب الرزق الأخرى في الشركات الخاصة التي باتت بأيدي أسماء معروفة وهذا موضوع آخر أشد مرارة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.