سارة العمر

خرجت “أم زكي” الداية الشامية الشهيرة من #باب_الحارة، وباتت موجودة في كل قرية وبلدة في سورية، فعلى الرغم من تراجع دور القابلة القانونية خلال السنوات السابقة للحرب، إلا أنها عادت من جديد، بشكل أوسع من السابق، لتشمل مهامها أموراً إضافية.

 

في الكثير من المدن والبلدات السورية لا تجد النساء الحوامل بديلاً عن الذهاب إلى “الداية”، وهي غالباً إما قابلة قانونية أو ممرضة سابقة، فمعظم هذه البلدات باتت تخلو من أطباء النسائية أو حتى أي  اختصاص آخر.

من اللافت أيضاً أن دورها لم يعد يقتصر على النساء الحوامل، إنما يشمل غير الحوامل والأطفال وكبار السن وأحياناً الرجال. وهو  أقرب لدور طبيب العائلة.

زهراء سيدة من ريف #حلب أنجبت مؤخراً طفلها، وعلى الرغم من أنها تدرك جيداً المخاطر المترتبة على الولادة في المنزل،  بين يدي القابلة دون إشراف طبي، لكنها لم تجد إلا أم حسن التي كانت تعمل في مستوصف البلدة سابقاً، وباتت اليوم تولّد جميع نساء البلدة.

تصف زهراء أم حسن بأنها “الكل بالكل في الطب والعلاج”،  وتضيف “لديها خبرة  جيدة، لكن ليس هذا هو السبب، الناس لا يجدون طبيباً واحداً،  ومن يملك الخبرة أفضل ممن لا يملكها، كما أن أسعارها معقولة، والأدوية التي تصفها موجودة”.

ويعد السبب الرئيسي وراء تنامي دور “الدايات” أو ممارسة غير المتخصصين للطب، هو عدم وجود الأطباء، وانحسار تواجد من تبقى منهم في مدن معينة يصعب على المرضى الوصول إليها بسهولة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الكشف الطبي والأدوية التي يصرفها الطبيب.

يقول محمد وهو صيدلاني من ريف إدلب “هذه الظاهرة نمت بشكل كبير مؤخراً، في زيارة قمت بها  لجبل الزاوية وجدت قابلة، تستقبل المراجعين المرضى بعيادتها الخاصة، تعالجهم وتصف الدواء، ولا تقبل إلا بمناداتها دكتورة”.

ويضيف “أحد زملائي الصيادلة هناك توجه لها برسالة خاصة،  يعلمها بالأخطاء التي تركبها بوصف الادوية والجرعات، لكنها قامت بتوجيه المرضى للشراء من صيدلية أخرى”.

أبو علي أبٌ لسبعة أطفال، أصيب ولده  مؤخراً بالتعب والخمول فجأة، ولم يجد أحداً يمكن أن يساعده إلا القابلة التي في الحي. يقول “بمجرد النظر للطفل وقياس حرارته شخصت مرضه بأنه كريب حاد، وأعطتنا إبراً كتب عليها (روزفلكس)، لكن الطفل لم يتحسن بل ازدادت حالته سوءاً، ثم ظهر اليرقان على جلده وجسمه. ثم اكتشفنا أنه مصاب بالتهاب الكبد”. يضيف “إنه غلطنا نحن، فهي لا تملك أي معرفة علمية، كان علينا ألا نتساهل في هذه الأمور”.

من جهته، يؤكد الطبيب محمود خاني المختص بالتوليد والأمراض النسائية، أنه رغم دور القابلات الكبير في توليد النساء ومساعدتهن في كافة المناطق السورية إلا أنه يجب الحذر من التسليم بقدرة القابلة على تدبر جميع الحالات، ويوضح ” في حالات معينة كالمخاض المبكر، وعسر الولادة،  والولادات القيصرية، تحتاج المرأة إلى رعاية خاصة لا تستطيع القابلة توفيرها، وإن ادعت ذلك”. ويضيف “الأفضل في هذه الحالة قصد المشفى والطبيب المختص رغم الصعوبات المرافقة لذلك، حفاظاً على حياة المرأة”.

وعن تمكن القابلات ذوات الخبرة من تحديد جنس المولود وعلاج العقم بطرقهم التقليدية الشعبية يؤكد الخاني أن “الطرق المتبعة من نوع الوحام وشكل بطن المرأة الحامل وغيرها، ليست إلا أخطاء شعبية شائعة بين الناس وليس لها أي صحة علمية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.