سارة العمر

أرياف وبلدات #سورية بأكملها تكاد تخلو اليوم من صيدلاني واحد، في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة للدواء أكثر،   شجع هذا أصحاب #الأموال على افتتاح في #صيدليات مخالفة، يديرها أصحاب الخبرة المحدودة، وفي بعض الأحيان عديمو الخبرة بدلاً من الصيادلة، يصرفون الدواء “كمن يبيع الخضار”.

 

وباتت الصيدليات أشبه بالدكاكين المنتشرة في كل مكان، وفق ما يؤكده الصيدلاني محمد المنصور من مدينة #حلب، قائلاً “في الشارع الواحد هناك خمس صيدليات، تدار معظمها من قبل أناس لا يملكون أي معرفة علمية، وبالكاد حفظوا أسماء الأدوية، بعضهم  أطفال لم يتجاوزوا الـ ١٨ عاماً، يدّعون بأنهم متدربون في صيدلية في السابق، بات  يكفي أن تملك #رأس_مال مناسب، وصورة عن شهادة صيدلاني أو صيدلانية تعرفه أو مزاولة مهنة لافتتاح صيدلية، ولن يتكلم أحد معك”.

ويصرف العاملون في الصيدليات اليوم  الدواء دون وصفة طبية، ووفق تقديرهم الشخصي  للجرعات، فيما يسمح آخرون لأنفسهم  بحقن الإبر في الصيدلية، وحتى إعطاء تشخيصهم – توقعهم- للمرض، ويصفون الدواء وفقاً له، دون أدنى مسؤولية أو إدراك لخطورة ذلك على صحة الناس وعلى حياتهم.

ومن جهته، يؤكد اختصاصي #الأطفال علي سكر “أن حالات التسمم الدوائي للأطفال، باتت منتشرة في الآونة الأخيرة، بسبب الصرف العشوائي للدواء والجرعات الخاطئة”،  ويضيف “تلقيت منذ أيام اتصالاً من أحد معارفي ريف #إدلب، يشتكي من أن طفله وقع في غيبوبة ولم يستيقظ منذ أيام، واكتشفت أن السبب هو أنهم أعطوه مسكناً للكبار وبجرعة عالية، وصفه لهم شاب لم يتجاوز الخامسة عشر عاماً يبيع في صيدلية، على أنه خافض حرارة”.

ويعود تنامي هذه الظاهرة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، لغياب الرقابة الصحية، بالرغم من أن عدداً من الإدارات المحلية حاولت فرض قوانين على افتتاح الصيدليات لكنها لم تستطع فعل الكثير بسبب الحاجة الكبيرة، وعدم وجود الصيادلة الأكاديميين.

وفي هذا الإطار أصدرت عدة مجالس محلية قوانينَ لمنع الإتجار بالدواء، وإغلاق الصيدليات المخالفة. لكنها لم تطبق في معظم المناطق.

يقول  محمد الحسن  صيدلاني من ريف #حماه  “أصدرت مديرية #صحة حماه الحرة  مؤخراً مرسوماً ينص على إغلاق الصيدليات المخالفة التي لا تتوافر فيها أوراق ثبوتية من شهادة صيدلة أو إذن مزاولة مهنة، ولكن أغلب الصيدليات في المنطقة مخالفة، والذين يمتهنون الصيدلة فيها ليسوا بصيادلة إنما يملكون المال و يستأجرون  شهادة من صيدلاني، ومنهم من يفتح صيدلية بدون إذن مزاولة مهنة، أو شهادة صيدلي حتى”.

ويضيف: “يجب أن تتم مراقبة الصيدليات بشكل دوري وأن يُفحص العاملون في الصيدلية للتأكد من معلوماتهم الطبية التي تخولهم صرف الدواء للناس”.

ومن اللافت أن معظم الصيدليات لم تعد ملتزمة بتسعيرة ثابتة للدواء، وباتت تتنافس بينها لكسب الزبائن بالعروض التي تقدمها للمريض -الزبون-. السبب تبعاً للحسن هو التكلفة غير الثابتة، “فبعضها مهربة من الخارج، وأخرى  من مناطق النظام أو من معامل محليّة، إضافة إلى طمع بعد تجار الأدوية الذين يديرون هذه الصيدليات”.

غياب الصيادلة الأكاديميين لا يقتصر على مناطق سيطرة المعارضة، إنما ينتشر في مناطق سيطرة النظام، إذ اضطرت وزارة الصحة في حكومة النظام مؤخراً لإصدار قانون تلغي فيه الشروط الفنية اللازمة في الصيدلية من حيث المسافة والمساحة المطلوبة، وسبق ذلك تجاوز الكثير من الصيدليات للشروط الصحية المتبعة في حفظ الدواء من درجة حرارة معينة والحفظ بعيداً عن أشعة الشمس وغيرها.

يلفت الصيدلاني سامي إلى أن “رشوة بسيطة كل فترة للجنة التفتيش تكفي لتبقي الصيدلية مفتوحة. المشكلة ليست جديدة لكنها باتت مضاعفة. كثير من المرضى والأطباء باتو يشتكون من عدم فعالية الدواء، وقد يكون ذلك نتيجة لفساده في شروط التخزين السيئة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.